رام الله والفن الأسود- محمود الفطافطة

10.07.2012 10:07 AM
الفن الحقيقي هو ذلك الفن المجبول بالإنسانية والوطنية والانتماء الصادق لكل مواطن ووطن... الفن الأبيض هو الفن الذي يعانق القيم السامية والآمال العريضة للشعوب... الفن الهادف هو الفن الذي يُصنع من قلب الواقع لا يستورد من هوامش الأطراف والثقافات التي تتناقض مع ثقافتنا ووعينا وطموحاتنا.

الفلسطينيون هم أكثر شعوب الأرض تعرضاً للألم والظلم وسفك الدم.... الفلسطينيون هم الأكثر في هذا العالم الذين تضيق عليهم مساحات الأرض وفضاءات الفكر والعقل ومصادر الرزق والعيش.... رغم كل ذلك فإن هذا الشعب يجسد الحكاية الأنقى والأسمى بين حكايات الشعوب المظلومة في هذا العالم الظالم...

الفلسطينيون يرقصون في مواقد الدم ومناجم الاضطهاد بفعل أبشع احتلال عرفته البشرية لكن في المقابل نجد ثلة منهم من يرقصون في مسابح الفن الرديء الذي لا ينسجم مع خصوصية الثقافة والقضية وماهية الهوية الوطنية الأصيلة .

نجد في رام الله مهرجانات راقصة بهلوانية لا تنسجم مع ديننا ولا مع ثقافتنا وقيمنا النبيلة .... مهرجانات ممسوخة من أية قيمة فنية أو تراثية أو معرفية سامية... فن تتراقص فيه الأجساد للتعري أكثر مما تمنح هذا الفن قيمة وعطاء خلاق وهادف... الفن سليل القيم وتوأم الإبداع، لكن ما يوجد في بعض هذه المهرجانات بعيد عن هذا كله.

لا نعمم هذا التوصيف على مجمل المهرجانات والأنشطة الثقافية التي تنظم في فلسطين. فبعض هذه المهرجانات تحمل بعداً تراثياً جميلاً ورسالة تراثية عريقة.... فمثلاً مهرجان البيرة الثاني تميز بالفعاليات الوطنية والتراثية الأصيلة التي تخلد الوعي الوطني والإلهام الإنساني لدى هذا الشعب الذي لا يزال تحت الاحتلال.... في مقابل ذلك نرى مهرجان فلسطين الدولي الرابع عشر معاكس لذلك من خلال بعض المشاهد التي تتنافى مع قيمنا وتراثنا.

ليس عيباً أن نفرح ونرقص ولكن علينا أن نتقيد بقيمنا وأن لا ننسى أن بلادنا ما زالت مغتصبة ومستباحة لمحتلٍ نازي ومجرم دموي.... علينا أن نفرح حتى نصمد في مواجهتنا ولا نستسلم لمن احتل أرضنا وطرد أهلنا.... لكن لا نريد لهذا الفن الوطني الفلسطيني أن ينزلق نحو سراديب العتمة والانحلال بدوافع شخصية في معظمها تكون لأسبابٍ مادية جشعة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير