الاســـتيـطان الإسرائيلي...القديـم الجـديـد - بقلم : وليـد أبو محسـن.

09.07.2012 12:13 PM
يشكل الاستيطان الاسرائيلي (المستعمرات الصهيونية) أحد أهم العقبات الرئيسية الكأداء في طريق ما يسمى عملية السلام "مفاوضات الحل النهائي" لكونها تؤثر في معظم المسارات الأخرى، وخاصة مواضيع الحل النهائي مثل القدس اللاجئين، الحدود، والمياه والأسرى، حتى بات يطغي على تلك المواضيع، خاصة في هذه الأيام التي يدور الحديث بها عن الاستيطان بشكل هستيري، ومع ان الاستيطان مخطط له منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي ويقوم على خطتي ألون وشارون إلا أن ما يجري هذه الأيام ليس سوى دعاية إعلامية عن حجم التنازلات الإسرائيلية.
وبالعودة إلى المفاوضات السابقة وما آلت إليه من نتائج، وعلى سبيل المثال ما جرى في مفاوضات (كامب ديفيد2) أواسط عام 2000 التي انهارت بسبب كثرة المطالب الصهيونية، وخاصة موضوع ضم الكتل الاستيطانية والقدس واللاجئين، كان الحديث يدور عن ضم أربع كتل هي (أرئييل- سلفيت(، )اللطرون - القدس(، )غوش عتصيون- بيت لحم(، )ألون - الأغوار) وبسبب الفجوة الشاسعة بين ما يسعى إليه الفلسطينيون، وما تطرق له الاسرائيلون، فلم يتم التوصل إلى حل لهذه القضية، وبقيت المداولات مفتوحة إلى أن تم طرح فكرة "تبادل الأراضي" وعدم الضم المتصل للكتل مع الأراضي، إلى أن وصلت النسبة لأكثر من 90% من أراضي الضفة الغربية وجميع قطاع غزة، وتم رفض الاقتراح المقدم والمطالبة بالتعديل بحيث يكون مقبولاً، وأن يكون الضم لأرض المستعمرة فقط وليس متصلاً، مثلما يطالب "الاحتلال الإسرائيلي" فإذا كانت مساحة المستعمرات جميعاً تساوي 2% فلماذا يتم ضم حوالي 10% من أراضي الضفة الغربية، وبقيت الأمور على هذا المنوال إلى أن رفضت المقترحات الأخرى لكون المستعمرات جمعاء عمل غير شرعي، ولا يوجد أحد في العالم يشرع الاستيطان على أراضي الغير بقوة الاحتلال.
تشكل هذه الكتل العقبة الكأداء أمام أي "اتفاق" محتمل خاصة بعد بدء عملية بناء الجدار العنصري، وفرض الأمر الواقع بحيث أصبحت هذه الكتل ضمن مخططات الضم داخل الجدار، وبذلك تُرسم وتفرض الحدود من طرف واحد بقوة الاحتلال.
تضم هذه الكتل معظم المستعمرات الصهيونية، وخاصة التي بنيت ضمن خطة شارون أواسط لسبعينات والتي تشكل المحور الغربي للضفة الغربية، والتي كان الهدف منها إلغاء ما يُعرف بالخط الأخضر، وقد ظهرت نتائج هذا الواقع بعد استلام شارون رئاسة الوزراء في إسرائيل عام 2001، حيث بدأ في بناء الجدار العنصري طبقاً لخطته السابقة، بضم الكتل الرئيسية والتي كان مجموعها سابقاً أربعة تجمعات، فأصبحت حالياً ستة كتل بإضافة (معاليه أدوميم شرق القدس، كريات أربع شرق الخليل كذلك ارئييل والقدس وغوش عصيون والأغوار)، وبذلك تصبح أكثر المستعمرات غرب الجدار العنصري، وهي مضمومة فعلياً بدون أية عمليه "تفاوض" أما المستعمرات التي تقع في منتصف الضفة الغربية والتي لا يتجاوز عددها 17 مستعمرة، فهي صغيرة جداً وقد سبق أن تم الإعلان عن الاستعداد لإخلائها، بسبب تكلفة عملية ضمها وحمايتها، خاصة بعد هدم 4 منها في محافظة جنين زمن حكومة شارون مع الانسحاب من غزة.

بذلك يصبح ما يتم الحديث عنه عن دولة فلسطينية هو ما تبقى من أراضي والتي لا تتجاوز مساحتها ما يسمى مناطق (أ+ب) وتساوي 42% من مساحة الأراضي الفلسطينية، وعبارة عن كنتونات (معازل) تسمى دولة مع نصف مليون مستوطن.
تتشكل هذه الكتل من مجموعة مستعمرات تكون قريبة إلى حد ما من بعضها البعض، ومن أشهر هذه الكتل أرئييل التي تقع في وسط الضفة الغربية وخاصة على أراضي محافظة سلفيت وتقتطع نصف مساحتها. وسميت معظم هذه الكتل على اسم المستعمرة الكبيرة والرئيسية في هذه المنطقة. وتعد هذه الكتلة ثاني أكبر كتلة ومساحتها 278كم2، وخاصة أنها تأتي بعرض الضفة الغربية وبعمق يصل 26كم، في حين لا يتجاوز عرض الضفة 50كم، وتضم كتلة أرئييل أكثر من 20 مستعمرة، أشهرها بعد المستعمرة الرئيسية، (تفوح، رفافا، الكانا، نطافيم، شعار تكفا، أورانيت، عمونئيل، ياكير، كرنية شمرون، جينات شمرون، معالية شمرون، نوفيم، أورانيم، كدوميم).

أما الكتلة الثانية: والتي تأتي على أراضي قرى اللطرون (عمواس، يالو) وتسمى مكابيم نسبة إلى المستعمرة الكبري، ومساحتها 147كم2، وتضم هذه الكتلة 10 مستعمرات هي (نعاليم، نيلي، كريات سيفر، حشمونئيم، متتياهو، شلتا، منورة، كفار روت، موفو حورون، مكابيم اب) وتقتطع من أراضي محافظة رام الله مساحة 111كم2 في المرحلة الأولى من الجهة الغربية فقط .
إضافة إلى الكتلة السابقة والتي تصل إلى حدود محافظة القدس الشمالية الغربية، فإن حصة القدس من المستعمرات هي الأعلى بين جميع المحافظات، سواء من ناحية السكان أو المساحة، وذلك لهدف واحد هو تهويد المدينة المقدسة فقد وصل عدد المستوطنين داخل حدود البلدية لاكثر 200 الف مستوطن والمحافظة بشكل عام 300 الف مستوطن، أي أنها تعتبر الأكبر بين كتل المستعمرات الرئيسية والتي لم تتم عليها أية عملية "تفاوض" وخاصة التي تقع داخل الجزء المضموم من القدس الشرقية (حدود البلدية) وهي 15 مستعمرة، ومساحة المحافظة 323كم2، أما داخل حدود المحافظة فهي 30 مستعمرة تشمل الكتلة المسماة معالية أدوميم، وهذه المتسعمرات هي (عطروت، النبي يعقوب، بسجات زئيف، بسجات عومر، ريختس شعفاط، راموت، التلة الفرنسية، معالوت دفنا، الجامعة العبرية، الحي اليهودي في البلدة القديمة، تلبيوت، جفعات همتوس، وجيلو، هارحوما-جبل ابو غنيم).
إضافة إلى ما ذكر سابقا توجد كتلة عصيون وعدد مستعمراتها 9 مستعمرات تتكون من افراتا وهي أكبرهم مساحة إضافة الى( اليعازر، الون شيفوت، مجدال عوز، نفي دانيال، روش تسوريم، بيت عين، كفار عصيون التي تسمى باسمها الكتلة.
أما الكتلة الجديدة والتي يطلق عليها كتلة معالية أدوميم وتقع شرق القدس وتضم (ميشور أدوميم، كيدار) ومساحتها 50 كم2، وفي حال تم توسعتها لتشمل مستعمرات أريحا والبحر الميت فيصبح عددها 15 مستعمرة مختلفة التصنيف منها الزراعي والصناعي والسياحي والمدني بالإضافة إلى العسكري، وبذلك تتصل هذه الكتلة مع الكتلة الشرقية (الاغوار) فتصبح مساحتها تتجاوز 1300كم2 أي ما يعادل 25% من مساحة الضفة الغربية. أما المحور الشرقي وما يعرف بمستعمرات (خط ألون) فلم تتحدث أية حكومة إسرائيلية لغاية الآن عن إخلاءها، كونها تعتبر خط الدفاع الأول من الجهة الشرقية حسب الادعاءات الصهيونية وتضم هذه الكتلة جميع مستعمرات الأغوار والبحر الميت من ميحولا شمالا إلى كاليا جنوبا على البحر الميت، وقد خطط لها مع بداية احتلال الضفة الغربية من قبل وزير دفاع الكيان الصهيوني آنذاك (الون) وسمي هذا المحور باسمه وتضم هذه الكتلة 35 مستعمرة منتشرة على طول نهر الأردن من أراضي طوباس الى اريحا وهذه المنطقة التي أعلن الاحتلال الصهيوني قبل فترة بسيطة انه استكمل فصلها عن باقي أنحاء الضفة الغربية واعتبرها منطقة عسكرية (مغلقة).
بذلك يكون الاحتلال الصهيوني قد خطط ونفذ على ارض الواقع، وليس صدفة أن يقتطع جدار الفصل العنصري والذي يتلوى كالأفعى في أراضي الضفة الغربية أكثر من نصف مساحتها، ويلتف الجدار ليضم جميع هذه الكتل الاستعمارية الغربية والشرقية مع كريدورات عرضية تقطع الضفة إلى ثلاث معازل على الأقل، ويتجاوز طوله بشقيه الشرقي والغربي 1000كم بينما لا يزيد طول خط النكبة عن 315كم وطول نهر مع الحدود الفلسطينية 120كم، هذا عدا عما يسمى حرم الجدار بعرض 100متر على الجانبيين.
كذلك ما أتت عليه شبكة الطرق الالتفافية التي تربط هذه المستعمرات عدا عن الحواجز والتي تجاوز عددها 600 حاجز عسكري والتي تقطع وتعزل أوصال الوطن وتحول حياة الفلسطينيين.

باحث في شؤون الاستيطان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير