هل تتسع ثقافتنا للإدارة بالنتائج؟

29.04.2016 11:44 PM

كتب: ذوقان القيشاوي

كثيرة هي الأنظمة الإدارية المتبعة في بلدنا والتي تركز في معظمها على وجود أساليب رقابة تقليدية وغير تحفيزية لطواقم العمل، ونسمع كثيراً عن القهر وعدم الرضا في بيئة العمل، ولكن مع ازدياد معدلات البطالة يبقى الصمت والكتمان هما أنجح وسيلة من وجهة نظر البعض وذلك من أجل الحفاظ على تدفق مصادر الدخل، لقد قيدنا مواردنا البشرية بمجموعة من السلاسل تحت عناوين الرقابة والمتابعة، فهل نجحنا في خلق الولاء والانتماء للمؤسسة؟ وهل نجحنا في تحفيز الطاقات الكامنة لديهم؟
تعتمد منهجية الإدارة بالنتائج على مجموعة من العوامل، أهمها أن يكون الاختيار منذ البدائية لطاقم العمل على هذا الأساس، بحيث يتم التأكد من دافعية الأشخاص، وأن الهم الأكبر لهم ليس الراتب فقط، فالراتب هو حق مكتسب لا جدال فيه، ولكن هناك جوانب كبيرة متعلقة بإثبات الذات، والمقدرة على التحديث والتطوير، والفكر المستنير، الملهم، المبدع، وكذلك الوصول إلى مرحلة الانتماء المطلق للمؤسسة.
تعتمد الإدارة بالنتائج على وجود طاقم لا تحكمه ضوابط شكلية، فكثيرة هي الحالات التي يدخل بها الطاقم المؤسسة ويختم ساعة الدخول في الوقت المحدد ولكن لا تكون إنتاجيته بالمستوى المطلوب من ناحية النوع والكم، وفي كثير من الأحيان لا يعمل الموظف بالطاقة المطلوبة، ويكون لديه نظرة سلبية تجاه المؤسسة، وفي بعض الأحيان ينعكس هذا على أداء والمؤسسات والجودة فيما تقدمه من منتجات وخدمات.
تحتاج الكوادر البشرية إلى مساحات هامة لكي تعشق العمل، فكثير من الناس يبدعون في البيئة الحرة وليس في البيئة التقليدية، وكثير من الناس تكون إنتاجيتهم أفضل في ساعات المساء وخارج الدوام الرسمي، بالمطلق لا يعني هذا أن تكون هناك حالة تسيب، ولا نعني أيضاً أن تكون كل الوظائف والمناصب تتبع هذه المنهجية في الإدارة، ولكن ما نعنيه أن نخلق هذا الفضاء التحفيزي لمن نثق بقدراتهم على الانجازات، ولمن يقدمون خطط العمل وفق منظومة من المؤشرات من أجل القياس وضمن إطار زمني محدد، ومن ثم نتابع الإنجاز وتحقق النتائج.
نحتاج إلى بعض الوقت كي نخرج من الثوب التقليدي للإدارة، وإنه لمن المفيد أن نقوم بهذه التجربة ومن ثم محاكمتها وفق النتائج المتحققة، فكثيراً ما يبدع المسئولون عن حملات الترويج في الخروج بأفكار إبداعية خارج أوقات الدوام الرسمي، وفي الكثير من الحالات يبدع منسقي البرامج والمشاريع المجتمعية في الميدان نظراً لقربهم من نبض الناس.
ليس الهدف أن نقمع موظفينا، ونأسرهم في سجون المكاتب بحجة أنهم يسيرون على الصراط المستقيم، ففي كثير من الحالات تكون ردة الفعل عكسية وتصل في مستويات معينة إلى التخريب، إن إعطاء مساحة من الحرية، والمسؤولية ستؤدي في الكثير من الأحيان إلى خلق الولاء والانتماء، فلا نتوقع من مدير تقليدي قامع أن يستنهض طاقات موظفيه، ولا نتوقع من مدير الأسافين أن يخلق مؤسسة نموذجية بها بيئة عمل صحية، ولا يمكن لنا أن نتخيل إدارة بنيت بالحديد والنار أن تخلق مؤسسة حريصة على طاقمها على المستوى الشخصي وأن تحمل همهم.
نحن بحاجة إلى مراجعة الكثير من أدائنا، وفتح نافذة على ثقافات إدارية مختلفة، فإذا كانت بلادنا فقيرة في الموارد الطبيعة، فإنها غنية بالكثير من الموارد البشرية، ولقد كان لنا السبق في المساهمة الفعالة في بناء الكثير من الدول في منطقتنا، فلا يمكن لنا أن نتطور إلا من خلال المبادرة والمغامرة في بعض الأحيان، فنحن من نرسم ملامح النتائج، ومعيار النجاح متعلق دائماً بقدرتنا على الوصول لهذه النتائج.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير