هل ينتظر الشعب الفلسطيني المعجزة ام الحل الالهي ؟- كتب: سامر عنبتاوي

23.04.2016 08:16 AM

منذ نحو ستة اشهر و اندلاع احداث المواجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي و التي اخذت اشكالا متعددة و الجميع يتسائل هل نحن في بداية انتفاضة ثالثة ؟ ام هي مجرد هبة شعبية ؟ ام مواجهة شاملة مع الاحتلال ؟ و قد كنت شخصيا مع عدم تحميل الاحداث اكثر من حجمها و قد كتبت في ذلك اكثر من مرة و في اكثر من مقال ,, و كان دافعي بذلك امران اساسيان الاول اننا لسنا مجبرين على تسمية انتفاضة تبدأ بتاريخ و تنتهي بآخر ..و الثاني اننا لا نعلم حجم و امتداد المواجهة فلماذا نسميها انتفاضة قد تنتهي سريعا و تسجل فشلا و احباطا في الداخل الفلسطيني ,, و قد فضلت ان اعتبرها هبة شعبية نتيجة عوامل الضغط و ممارسات الاحتلال قد تصل الى انتفاضة او حتى مواجهة شاملة .
ما لفتني اليوم تصريحات رئيس هيئة اركان الاحتلال ( ايزنكوت ) الذي قال ان هناك تراجع في عمليات المقاومة و ارجع ذلك الى جهود الاجهزة الامنية الفلسطينية و سياسة الرئيس ابو مازن شخصيا مما ادى الى تراجع العمليات و قدر رفع مستوى النشاط الامني الفلسطيني بنسبة 40% حسب ايزنكوت ,, و في اعتقادي فان لهذه التصريحات هدفين اساسيين ..اولهما محاولة الاظهار ان هناك تراجع فعلي في المقاومة الفلسطينية و كأنه يعلن رسميا انتهاء هذه الجولة من المواجهة ( الهبة او الانتفاضة ) ..و الثاني محاولة زيادة الفجوة بين الموقف الشعبي و الفصائلي الفلسطيني من جهة و القيادة السياسية من جهة اخرى ,, اي تبيان ان هناك موقف شعبي محدود يريد المواجهة و ان السلطة السياسية تمنع و تعمل على انهاء هذه المحاولات بحثا عن الحل السياسي و حماية بقائها و وجودها كسلطة .
اعتقد ان هناك توجهان فلسطينيان متباينان يظهران كمدرستين مختلفتين ,,الاولى تقول ان اي مواجهة مع الاحتلال هي مواجهة خاسرة و ان ميزان القوى في الجانب الاسرائيلي و بقوة و ان قدرات الشعب الفلسطيني محدودة و ان التغيرات الاقليمية عزلت الفلسطينيين و قضيتهم و ضمن هذه المعطيات فان المواجهة انتحار و ان لا بديل عن عملية سياسية تقاد بدبلوماسية ناعمة و ( ملاطفة ) تحاول التأثير على المجتمع الاسرائيلي و ترسل رسائل حسن النوايا تجاه الداخل الاسرائيلي و ان الحكمة و دراسة المعطيات بواقعية و اتزان تتطلب منا ان نقي الشعب نتائج و ابعاد مواجهة غير محسوبة و غير مضمونة النتائج و ان يترك الامر للقيادة السياسية لتناور و تعمل على الساحة الدولية و المحلية لفرض حل سياسي دولي من خلال جهد يصل الى مؤتمر دولي لفرض الحل ,, و حتى الوصول لهذا ندخل في مطالب مؤقتة مثل تجنيب مناطق ( A حسب اتفاقية اوسلو) دخول و اقتحامات الاحتلال و قد نبدأ برام الله - اريحا اولا حتى يعمم الامر على باقي المناطق اي سياسة المراحل مرة اخرى و العودة الى نقطة البداية تماما كما حصل قبل 23 عاما عقب اتفاقية اوسلو و ( غزة - اريحا اولا ) .. و يمثل هذه السياسة او المدرسة القيادة السياسية الممثلة في السلطة و مؤيديها في التوجه السياسي ..
اما التوجه او المدرسة الثانية و يمثلها المزاج العام الشعبي بفصائله و مؤسساته و اتحاداته الشعبية فهو مختلف تماما و يقول لقد جربنا المفاوضات لاكثر من عقدين من الزمن و تدرجنا في الحل المرحلي المتدرج في محاولة الوصول للحل النهائي دون جدوى و كانت الاثمان باهظة فكل مرة يعود الاحتلال الى المربع الاول بعد تكليف الفلسطينيين الاثمان الباهظة بالدماء و الاراضي و الموارد ,, و ان لا بديل عن مقاومة الاحتلال حتى زواله و ان الشعب الفلسطيني يملك من القدرات و الايمان بقضيته و المعنويات ما يؤهله للصمود و مواجهة الاحتلال رغم الاحداث الاقليمية و ادارة الظهر للقضية ..و ان الحال لن يدوم و الاوضاع الاقليمية و الدولية في تغير مستمر و عليه لا يجب الانجرار لارهاصات المرحلة نحو التسليم بالامر الواقع و الوقوف عكس مسار التاريخ و ان نسلب الشعب حقه في المقاومة و الصمود و ان هذا الاحتلال الذي يعطي نفسه الحق بالاستيلاء على الارض و ينكر على الشعب الفلسطيني الحق في المقاومة ,, و بذلك فان من يدافع عن هذه الوجهة يقول ان المفاوضات عبثية استعملت كغطاء للاسرائيليين لسلب المزيد من الاراضي و زيادة الاستيطان باضعاف مضاعفة نحو تحقيق مشروعهم الشيطاني بالسيطرة التامة و التهويد و ان هذا المشروع يحتاج من الفلسطينيين فقط مقاومته مهما كلف الامر .
و هنا اقول ان هذا وقت المصارحة فقط فليس المهم ان نسميها هبة او انتفاضة و ليس المهم نقاش هل انتهت ام انها مستمرة و كذلك ليس المنطق ابدا ان نعيد تجريب المجرب و نجتر المحاولات البائسة لاسترضاء من يحاول حرق وجودنا ,,بل المطلوب ان نعيد بناء قوانا فننهي الانقسام و نتوحد بالبرنامج الوطني الذي عنوانه اننا كفلسطينيين جبهة موحدة في مواجهة الاحتلال حتى زواله ,, و ان الاحتلال يلعب على التناقضات و الفجوات و في النهاية يسلط السيف على رقبة الجميع و ان وحدة الهدف و البرنامج تتطلب اعادة الصياغة و استعمال الادوات و الامكانات ,, و ان الشعب الفلسطيني المحتل و الذي يكافح منذ نحو قرن من الزمان يوحده الكفاح المستمر و ليس اجترار التجربة الفاشلة .و ان كسب الشعب افضل و اهم من محاولات فاشلة لكسب رضى مجتمع الاعداء .
و بعد 23 عاما من المفاوضات و49 عاما من الاحتلال,, و 68 عاما من اغتصاب فلسطين,,يصل المجتمع الدولي الى حقيقة ان ( اسرائيل) لم تقم لتوافق على دولة فلسطينية بالدبلوماسية الناعمة,,فبان كيمون رئيس اعلى هيئة دولية يصل لهذه القناعة ,,و الادارة الامريكية التي طالما وعدت بالدولة ( يخيب ) املها بالحكومة الاسرائيلية على لسان بايدن
والنتائج التي يصل لها كيمون و بايدن ان على كلا الطرفين الفلسطيني و الاسرائيلي العودة للحوار من اجل ( السلام و الدولة ) !!!
فما المطلوب من الشعب الفلسطيني ؟؟ انتظار المعجزة ام الحل الالهي؟؟
ان الشعب الفلسطيني يؤمن بعدالة السماء و يؤمن كذلك ان زمن المعجزات قد انتهى و ان الحقوق تنتزع و لا توهب و ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فيعيدون بناء قوتهم متسلحين بالايمان المطلق بعدالة القضية و القدرة على حمايتها حتى الخلاص من الاحتلال الاخير في العالم .
فعذرا درويش ..فان المارون قاعدون .. باقون ..مستوطنون ... و هناك من ينكر علينا رفض بقائهم و يحملنا مسؤولية حياتهم و رفاهيتهم ...لم يأخذو اي شيء يعنيهم و ينصرفوا فقط اخذوا دمنا و هم يقهقهون برشف كؤوسه الحمراء و لم ينصرفوا ..و لكنا باقون نضمد الجراح ..و نعيد بناء وجودنا الازلي نعم على صدورهم باقون كالجدار يا زيّاد.
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير