تعبئة فكرية وعقائدية للقتل من المستوى الديني والسياسي في "اسرائيل"

12.04.2016 08:54 PM

وطنجيش الإحتلال الإسرائيلي ومن خلفه المستوى السياسي الإسرائيلي يحاولون تبرير جريمة إعدام الشريف. ينبغي ان نذكر بأن القتل لا مبرر له، كما ان تعليمات قادة جيش الاحتلال الاسرائيلي وسياسييه وحاخاماته على المستوى الديني واضحة بهذا الشأن، بل وتؤدي الى تعبئة نفسية واجتماعية باتجاه اعدام الفلسطيني أيا كان، ومهاجمة اي موقف مناهض لجرائمهم حتى لو كان صاحبه اسرائيليا.

يحمل هذا التقرير الصادر عن وزارة الاعلام الفلسطينية،معالجة لكيفية تعاطي المستويات السياسية والدينية مع قضية الجندي القاتل، وكيفية تعامل المجتمع الاسرائيلي معها. ويعرض للتصريحات الداعشية التحريضية لقادة الاحتلال وللمستوى الديني، كما يتناول رؤية من الداخل على تأثر المجتمع الاسرائيلي بتلك التصريحات، وتأييده للقتل.


كيف يتعاطى قادة الاحتلال عادة مع جرائمهم ضد الفلسطينيين
اعتادت دولة الاحتلال على التعامل مع كافة القضايا الفكرية، بدفعها الى اتجاهات عبثية. تركزت تصريحات مختلف المستويات السياسية الإسرائيلية من سلطة ومعارضة بوضوح على وجوب تنفيذ عمليات الإعدام بحق كل فلسطيني لمجرد الإشتباه، وعدم التفكير باللجوء الى الاجراءات الطبيعية للسيطرة على المشتبه أو اعتقاله". هذه التعليمات هي قاعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي وليست استثناء او قرارات فردية، كما يدعي الاحتلال، سيما وان القناة السابعة في تقريرها الذي استند الى اعترافاات سابقة بضلوع ايهود باراك وموشيه يعلون في اغتيال خليل الوزير، وعلى ما ورد في الاسترحام الذي قدمته والدة الجندي القاتل، والتي "كشفت ان فعلة الجندي القاتل جاءت تكرارا لما فعله وزير جيش الاحتلال الحالي "موشيه يعلون" في عملية اغتيال الشهيد خليل الوزير أبو جهاد"

ان هذا الاستخدام لتاريخ سابق من القتل الذي يلطخ ايدي قادة كيان الاحتلال بالدماء، وباعترافهم، للعفو عن قاتل وتبرير جريمته، دليل من جانب الاحتلال نفسه على أن هذه الجرائم هي سياسة معلنة في الجيش وليست استثناءً كما زعم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تعليقه على الجريمة"..

الداعشية السياسية الاسرائيلية:
رؤفين ريفيلن، رئيس دولة الاحتلال، اكتفى بالتعبير "عن كامل ثقته في الاجهزة العسكرية التي تحقق في الحادث". دون ابداء مشاعر الاسف او الادانة لجريمة الاعدام الوحشية، واكتفى بان يعتبر بان قتل الفلسطيني وسيلة لتعلم الدروس واستخلاص العبر، مفترضا بأن الاصل اذا ما كان القتيل فلسطينيا، أن لا يكون هناك ضرورة  لذلك، حيث صرح "انه اذا كانت هناك ضرورة فان السلطات المختصة ستستخلص العبر من هذا الحادث بصورة حذرة وسريعة".
نتنياهو، رئيس وزراء كيان الاحتلال، قال في تصريح له وصف بالنفاق إنه "واثق من أن الفحص الذي تجريه السلطات العسكرية المختصة لتقصي وقائع هذا الحادث سيكون مهنياً ومنصفاً حيال هذا الجندي..". دون أن يشير من قريب أو بعيد إلى الشاب الفلسطيني القتيل من باب إبداء مشاعر الأسف أو إدانة الجريمة التي ارتكبت بحقه،  بل ووصف الفلسطينيين بالمتعطشين للدماء، وجنوده بانهم يقومون بحمايته، وللمفارقة يقومون بهذه الحماية لمن يسكن تل ابيب، من قلب الخليل، وعلى كل حال هذا ليس بجديد على سلوك نتنياهو وحكومته.
وزير التربية والتعليم ورئيس "البيت اليهودي" نفتالي بينت، قام بالدفاع عن الجندي الإسرائيلي الذي ارتكب جريمة القتل، بل والثناء على ما فعله؟! وقال "بان هذا الخطأ سيتم اصلاحه قريبا"، رئيس حزب بيتنا افيغدور ليبرمان صرح " انه من الافضل ان يبقى لنا جندي على قيد الحياة، بالرغم من أنه أخطأ، على ان يتردد ويهاجمه المخرب"، حيث يسارع ليبرمان الى اتهام الفلسطيني بانه يشكل خطرا، وبأن الجندي الاحتلالي دائما في وضع الدفاع عن النفس، وهذا ما ينفيه هذا الفيديو وفيديوهات اخرى لاعدامات ميدانية  سابقة، ونسج حكاية لتبرير اعدام الشريف ميدانيا؟
كما كرر المحلل الإسرائيلي جولان برهوم، الناطق بالعربية، على قناة عربي 21 ادعاءات القيادة السياسية في دولة الاحتلال ويصرح بأنها "عملية دفاع عن النفس، واعتبر ان "قتل الفلسطينيين عمل "عسكري مميز"
وصرحت تسيفي حوطيبلي، نائب وزير الخارجية "يجب ان لا نعتذر عن قتلنا للفلسطينيين". القائد العام للشرطة الإسرائيلية الجنرال، روني ألْشيخ، زعم في كلمة له بعد جريمة الاعدام وخلال مؤتمر لمنظمة "ياد لبانيم" أو منظمة أهالي من يقتلون من جنود جيش الاحتلال، أن هناك فرقاً بين مشاعر الثكل والفقد في إسرائيل ومشاعر الثكل والفقد لدى الفلسطينيين والعرب، رافضاً المساواة بينها كمشاعر إنسانية، ولم تصدر أي تصريحات تدين هذه المزاعم الموغلة في عنصريتها ضد الفلسطينيين. وزير الطاقة يوفال شتاينتس يسمي عملية الاعدام بالقضية case ويوازن بين القاتل والضحية من خلال تصوير مكان الاعدام على انه ساحة حرب، مضيفا انهم لا يقتلون سجناء حرب او اشخاص مشلولين بالكامل، كنت جنديا لسنوات وهذه هي معايير الجيش" الذي يقول عنه في نفس المقابلة انه "اخلاقي"
"يائير لبيد”،عضو الكنيست، ورئيس حزب ” ييش عتيد” قال:"يجب ان ترفع الفأس، وتقطع رؤوس هؤلاء، الذين يقفون ضدنا، في بعض الاحيان، والا فلن نتمكن من البقاء هنا"، كما صرح ايضا في وقت سابق: " كل فلسطيني يحاول تنفيذ عملية يجب أن يكون مصيره الموت"، ومن قبله صدرت تصريحات بنفس الفحوى عن “يسرائيل كاتس” وزير المواصلات في حكومة الاحتلال الإسرائيلي والذي يعمل حالياً على مشروع قانون لطرد عائلات منفذي العمليات إلى قطاع غزة.
من جهة أخرى، شن قادة سياسيون وحزبيون وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي حملة شديدة على قيادة الجيش الإسرائيلي، على خلفية اعتقال الجندي الإسرائيلي، استفزت الحملة وزير الدفاع الإسرائيلي، موشية يعلون، الذي قال في رد له "بدلاً من أن يتصرّف هؤلاء بمسؤولية فإنهم يعملون من دون ضوابط لأسباب سياسية، حتى لو أدى ذلك إلى المساس بالجيش وجنوده وقادته"، منتقدا ما وصفه بـ "تدخل السياسيين في التحقيقات التي تجريها السلطات العسكرية"، وأكد يعلون في صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي ان ايزنكوت يقود جيش الدفاع في حرب دون هوادة ضد} ما أسماه{ الارهاب الفلسطيني"

الداعشية الدينية الاسرائيلية:
صرح اسحق يوسف كبير حاخامي اليهود الشرقيين " قتل الفلسطيني بدون محاكمة حلال، وتقرب للرب"، خلال محاضرته الّدينّية الأسبوعّية أمام تلاميذه، وأضاف الى أقواله العنصرّية عن الفلسطينّيّين الذين وصفهم بالمخّربين 'لا يوجد ما يدعونا للخوف، لا من قائد هيئة الأركان العاّمة للجيش ولا من المحكمة الإسرائيلّية العليا'، في إشارة منه لبطلان تصريحات قائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلّي، غادي آيزنكوت في17 فبراير 2016 بشأن مغالاة جيش الاحتلال برّد الفعل تجاه الفلسطينّيين، والتي لم تخرج عن اطار محاولة تجميل جيش الاحتلال، ولم يتوّقف الحاخام يوسف عند هذه الأقوال، إذ واصل القول: 'وفي حال لم يحمل (الفلسطينّي) سّكيًنا، حينها يجب إدخاله لسجن مؤّبد حّتى قدوم المسيح، فيقول لنا (المسيح) من هم العماليق، وحينها سيكون بإمكاننا قتلهم'.

نشرت مستعمرة "بيت شيمش" إعلانا على موقعها الالكتروني، يوم 27/3/2016، تدعو فيه إلى تظاهرة تنظمها الاثنين 28/3/2016 دعما للجندي القاتل الذي أعدم الشريف واصفة ايااه بالبطل القومي، وكشفت عن الاسم الكامل للجندي القاتل، وكذلك صورته، رغم أن الرقابة تمنع نشر هذه التفاصيل. واستجاب لهذه المظاهرة سكان ايلات و"بيتح تكفا" و"عراد".

نشرت منظمة "بتسيليم"، وهي منظمة إسرائيلية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 1/4/2016 شريط فيديو جديداً يظهر فيه اليميني المتشدد المستعمر، ورئيس حركة كاخ الارهابية المتطرفة، باروخ مارزل الجندي وهو يصافح، بعد إطلاق النار على الشاب الفلسطيني الجريح، ويوزع البيتزا مجانا على جنود الدورية، وفقا لصحيفة هآرتس الاسرائيلية وكان مارزل  صرح بأنه "لو كنت أعرف أن هذا الجندي هو الذي قتل المخرب، لقبلته وعانقته أيضا، فكل من يقتل مخربا يستحق وساما" إلا أن ذلك لم يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من إعلان تضامنه بشكل موارب مع الجندي القاتل وأسرته، ما يؤكد العلاقة الوثيقة بين المستعمرين وجنود جيش الاحتلال الذين يقومون بحمايتهم، ودعمهم.
الداعشية في المجتمع الاسرائيلي:
واظهر استطلاع للرأي نشرت القناة العبرية الثانية والعاشرة أن 57 في المائة من الاسرائيليين المستطلعة آرائهم في دولة الاحتلال يرفضون اعتقال ذلك الجندي أو التحقيق معه، لأنه من وجهة نظرهم لم يرتكب جريمة،
كما يؤيدون قتل المواطنين الفلسطينيين كباراً أم أطفالا، ويُعارضون تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، غادي إيزنكوت التي حرض عليها  كبير الحاخامات، حيث عبر غالبية المستطلعة آراؤهم عن رفضهم لتصريحاته التي تضمّنت اعترافاً باستخدام جنوده لقوة غير مبررة ضد الفلسطينيين، بدعوى محاولة إحباط عمليات فلسطينية وشيكة، نظراً"، كما أكد، "لانعدام وجود أي خطر مباشر يهدّد حياة الجنود." وكان ايزنكوت صرح بأنه لا يرغب: 'بأن يقدم جندّي على تفريغ كامل ذخيرته على صبّية تحمل مقصا'، وأضاف: "كانت هناك أماكن، وقفت فيها فتاة ابنة 13 عاماً، تمسك بمقص أو سكين، ويوجد حاجز بينها وبين الجنود. لم أكن أريد لجندي أن يفتح النار ويفرغ مخزن الرصاص على فتاة كهذه"..
ساعات بعد عملية الاعدام، خرج مستعمروا الخليل في مسيرات احتفالية في حي تل الرميدة، المغلق منذ 31 اوكتوبر 2015 امام المواطنين الفلسطينيين بموجب امر عسكري اسرائيلي.

تصميم وتطوير