"سوسن".. سيدة الأرض

07.04.2016 10:42 AM

وطن- (زهران معالي- وفا): بنفسجية اللون، كبيرة تُتوج ساقاً لا يتعدى طوله 40 سم، تجسد لوحة فنية على مساحة 20 كيلو مترا من جبال فقوعة إلى الشمال الشرقي من مدينة جنين، حيث تعتبر موطنها الأصلي، إنها نبتة "سوسن فقوعة" التي صادق مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته السابقة على اعتمادها النبتة الوطنية لفلسطين.

قرية فقوعة التي يعود سبب تسميتها لكثرة ينابيع وعيون المياه فيها أو "فقاقيع المياه"، تجسد طبيعة فلسطين التي تتمتع بتنوع حيوي يميزها عن بقية بقاع الأرض، وتنفرد باحتضان نبتة "سوسن فقوعة" النادرة وهي أحد أنواع السوسن الملكي.

حجم وجمال أزهار "سوسن فقوعة" الساحر ولونها البنفسجي وشكلها اللافت، وكذلك أزهارها الكبيرة التي تشكل مبيتا لأنواع معينة من النحل البري، ولقدسيتها لدى بعض الديانات في فلسطين التي تزرعها فوق المقابر للتخفيف عن الموتى، جميعها كانت أسبابا في اختيارها كنبتة وطنية، وفق رئيس سلطة جودة البيئة عدالة الأتيرة.

اختيار سوسن فقوعة النبتة الوطنية لفلسطين، جاء بالتوازي مع الاحتفال بيوم البيئة الفلسطيني، بهدف الحفاظ على التراث الطبيعي والتركيز على التنوع الحيوي في فلسطين، الذي قلَّ نظيره في العالم، وتثبيتاً للحق الوطني والتجذر في الأرض، لما تعانيه من انتهاكات إسرائيلية ومحاولات تزييف وسرقة التراث الطبيعي والثقافي وتحويله لصالح شعب آخر، قالت الأتيرة.

وأشارت إلى أن سبب اختيار "سوسن فقوعة" النبتة الوطنية، باعتبارها نبتة متوطنة في منطقة جلبون وفقوعة، وكونها مهددة بالانقراض، وتتناقص أعدادها بسبب التمدد العمراني، والجمع الجائر لها، وتتكاثر بشكل فردي أو مجموعات صغيرة لعدم نمو بذورها كبقية النباتات العادية.

ورأت الأتيرة أن "سوسن فقوعة" ستعود بالنفع على قرية فقوعة، وبلدية مرج ابن عامر المتحدة التي تتبع لها القرية، وذلك عبر الترويج لاسم القرية، موضحة أن سلطة جودة البيئة بدأت بالتواصل مع البلدية بهدف تنظيم ورش توعية حول أهمية الحفاظ على النبتة من الاندثار، كما كشفت عن طموح سلطة جودة البيئة بتخصيص قطعة أرض في فقوعة خاصة بنبتة "سوسن فقوعة".

ونوهت إلى أن سلطة البيئة تهدف لإصدار الطوابع والميداليات والشعارات الوطنية التي تكرس هذه النبتة كعنصر من عناصر التراث الوطني الفلسطيني، وتنمية الوعي الوطني بأهمية حماية البيئة وقيم وعناصر التراث الطبيعي، وحماية عناصر التراث الطبيعي الوطني من السرقة والتزييف وإظهار الوجه الحضاري والمتميز للمجتمع الفلسطيني في حماية البيئة والطبيعة.

"سوسن فقوعة" واحدة من ثمانية أنواع من العائلة السوسنية الموجودة في فلسطين، وأكثرها جودة، ورغم أن موطنها في الأساس فقوعة وجلبون، إلا أنها تتواجد في أعداد قليلة في منطقة شبه الساحل بين جنين وحيفا وفي منطقة الجولان، وفق رئيس جمعية الحياة البرية في فلسطين عماد الأطرش.

وأشار الأطرش إلى وجود السوسن الفلسطيني الذي ينتشر بكثافة في فلسطين، والسوسن الغامق الذي يتواجد في السفوح الشرقية ويبلغ ارتفاعه 40 سم، والسوسن العادي ويتراوح ارتفاعها بين 10-15 سم وتتواجد أزهارها باللون الأزرق، بالإضافة لسوسن نابلس وسوسن الناصرة.

وأكد أهمية اختيار سوسن فقوعة كنبتة وطنية، على الصعيد الدولي عبر شهرة قرية فقوعة عالميا، بالإضافة لوضع فلسطين على لائحة الدول العالمية الداعية لحماية الطبيعة، كغيرها من الدول التي تتخذ أسماء وطنية تنتمي لطبيعتها وتنوعها الحيوي.

وأشار الأطرش إلى أن سلطات الاحتلال غيرت اسم نبتة "سوسن فقوعة" إلى "سوسن جلبوع"، إلا أن الفلسطينيين نجحوا بالمحافظة على الاسم الأصلي للنبتة.

ومنذ سنوات بذل المجلس المحلي في قرية فقوعة جهودا مع المؤسسات المعنية بشؤون البيئة والتراث الطبيعي بهدف المحافظة على "سوسن فقوعة" من الانقراض وفق رئيس المجلس عامر أبو فرحة.

ووصف أبو فرحة قرار مجلس الوزراء باعتماد سوسن فقوعة نبتة وطنية بـ"الهام جدا"، مؤكدا أهميته في تكريس الهوية التراثية الوطنية، وعن استعداد المجلس القروي لتقديم كل ما يلزم وتخصيص قطعة أرض كمستنبت للسوسن؛ بهدف الحفاظ على النبتة وحمايتها من الانقراض نتيجة التوسع العمراني واستصلاح الأراضي والرعي.

وأوضح أن القرية عملت على زراعة بصيلات من نبتة السوسن في حدائق عامة داخل البلدة بهدف الحفاظ عليها، كما شيدت قاعة عامة فيها واسمتها بزهرة السوسن لإبراز مدى أهميتها. موضحا أن "سوسن فقوعة" متواجد بثلاثة ألوان وهي البنفسجي المتواجد بكثافة، والأبيض والأصفر ونسبتهما قليلة جدا.

ويطمح أهالي قرية فقوعة بأن يساهم اختيار سوسنها كنبتة وطنية لفلسطين، بتشجيع السياحة الداخلية وقدوم السياح إليها، خاصة أنها تزهر بداية شهر آذار وهو موسم الرحلات والتنزه.

وتتمثل نباتات فلسطين العضوية الطبيعية في 138 عائلة نباتية، منها 14 عائلة من السرخسيات و124 عائلة من النباتات الزهرية التي تضم 833 جنسا ينطوي تحتها حوالي 2700 نوع من النباتات الزهرية البرية والطبيعية.

واعتمدت الحكومة الفلسطينية "عصفور الشمس الفلسطيني" طائرا وطنيا لفلسطين العام الماضي، وشجرة الزيتون شجرة محمية وطنيا، ويوم الخامس من آذار يوما وطنيا للبيئة الفلسطينية.

تصميم وتطوير