3 مباني خضراء في فلسطين حتى اللحظة

06.04.2016 09:52 AM

رام الله- وطن- (آفاق البيئة والتنمية)
المبنى الاخضر هو ليس مبنى أخضر اللون او مبنى محاط بالمزروعات والأشجار، بل هو المبنى الذي يراعي الظروف البيئية في كافة مراحل تأسيسه بدءا من اختيار موقع البناء لحين الانتهاء منه والسكن به أو استغلاله.

ويحتاج البناء الاخضر لفريق من المتخصصين يشرف على كافة مراحل البناء والتصميم والتنفيذ ومراعاة كفاءة الطاقة والمياه وما إلى ذلك، للخروج بمبنى صديق للبيئة. وقد أسهمت الزيادة في الأمراض التنفسية والحساسية والمواد الكيميائية التي تطلق الغازات في الهواء، في زيادة الوعي على أهمية الهواء داخل المنازل.

تركز المباني الخضراء أيضا على تقليل الأمراض التنفسية والحساسية عن طريق تحسين الهواء داخل المنازل، عبر التحكم في مصادر التلوث وتقليلها، والقضاء عليها من خلال التنقية والترشيح. وقد سبقتنا الكثير من الدول الغربية في هذا المجال، حيث أصبحت المباني الخضراء ميزة حديثة في اختيار المباني من قبل المشترين لما توفره (المباني) من مميزات صحية وبيئية ومالية.

المعايير اللازمة
المهندس د. سامي حجاوي عضو اللجنة الفنية للمجلس الاعلى للبناء الاخضر عرف المباني الخضراء انها المباني التي تحقق التوازن بين المحيط الحيوي وساكني المبنى، حيث يصمم المبنى ضمن المناخ المحلي الذي يقام فيه.

في فلسطين تم وضع دليل إرشادي للأبنية الخضراء، والذي يضع المعايير اللازمة للوصول لمتطلبات الاستدامة في المباني وتقييمها بهدف تقليل كمية المياه المستخدمة في اشغال المباني وتقليل الطاقة في الاشغال، وتقليل المواد المستهلكة عند البناء وبعد الانتهاء، وتشجيع اعادة تدويرها والمساهمة في إيجاد مبانٍ عالية الكفاءة صحية ومستدامة وكلفتها متناولة وصديقة للبيئة.

وحتى تحصل على ميزة البناء الاخضر هناك نظام يقوم على جمع النقاط تتعلق بمدى التزام المبنى بمعايير البناء الأخضر، والتي تم تناولها، وتتعلق بمدى استهلاك الطاقة والمياه .. الخ.

وأوضح د. حجاوي لمجلة آفاق البيئة والتنمية أن هناك تصنيفات للمباني الخضراء بدرجات متفاوتة من حيث مدى مطابقتها للمعايير والنقاط التي حصلت عليها، وهي التصنيف الماسي والذي يجب أن تصل نقاطه إلى 160 نقطة أو أكثر، والنظام الذهبي وتصل نقاطه ما بين 140-159 نقطة، والفضي 120-139 نقطة، والبرونزي 100-119 نقطة.

الاشتراطات الإلزامية في الدليل الفلسطيني تكون ما بين منع التلوث الناتج عن اعمال البناء وترشيد استهلاك المياه والطاقة، وتخطيط نظام التبريد في المبنى وتجميع وتخزين المواد القابلة لإعادة التدوير لاستخدامها مجدداً، او استغلالها في أمور أخرى وتحقيق الحد الأدنى لجودة الهواء الداخلي، والتحكم البيئي وضبط آثار التدخين.

احصائيات عالمية

وقال د. حجاوي أن الإحصائيات تشير إلى أن 93٪ من المستهلكين يقلقون بشأن الأداء البيئي لمنازلهم في العالم، ومع ذلك هناك 18٪ فقط على استعداد لدفع المزيد من الجهود للحد من تأثير الضرر البيئي بسبب منازلهم.

كما تشير الإحصائيات إلى إنتاج أكثر من ستة مليارات طن من الإسمنت سنويا، حوالي طن واحد لكل شخص على وجه الأرض؛ وذلك من خلال رصد الخرسانة من الاسمنت والماء والرمل والحصى. ويتكون الأسمنت عن طريق تسخين المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين لدرجات حرارة عالية جدًا حتى أنها تتفاعل كيميائيا. وتستخدم هذه العملية كميات هائلة من الطاقة (نحو 5% من الاستخدام في العالم سنويا)، إضافة إلى انبعاث نحو طن من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الاسمنت به ".

فلسطين والمباني الخضراء

هناك من يرى أن فكرة المباني الخضراء لا تناسب المباني المكونة من شقق سكنية (العمارات) التي هي الطابع الغالب في فلسطين؛ وردا على ذلك قال د. حسين "تجربتنا أولية لكل أنواع المباني، لو ذهبنا للاستدامة في الإمارات، هناك استدامة للمدارس والمكاتب والمباني السكنية، ونتمنى أن نطبق فكرة المباني الخضراء على كل المباني الفلسطينية في المراحل المتقدمة. مع التذكير ان صاحب المبنى الأخضر يمكنه أن يصل لتصنيف اولي ولا يشترط الحصول على نقاط لدرجة ماسية.

د. مهند الحج حسين، عضو الهيئة التدريسية في كلية الهندسة في جامعة النجاح أوضح من جهته أنه لا يوجد في فلسطين حاليا مبانِ خضراء، لكن أول مشروعين سيتقدمان للحصول على شهادة المبنى الأخضر من نقابة المهندسين والمجلس الأعلى هما مقرّ عبد المحسن القطان ومدرسة عقابا. وهناك مشروع آخر عن طريق مؤسسة أمريكية وهو المتحف الفلسطيني في بيرزيت.

الفائدة الممكنة

أما عن مدى استفادة المستهلكين من الأبنية الخضراء فإن رواد الفكرة ومؤيديها من المهندسين، يقولون بأن الاستفادة تتحقق بالبيئة الداخلية النظيفة والراحة الأفضل، والمتانة الأكثر للبناء، والمسؤولية العالية تجاه البيئة.

اما البناءون فيمكنهم الاستفادة بتخفيض التكاليف، وعدد أقل من الاسترجاعات، ورضا اكبر من المستهلكين، وسيجلب المبنى إيرادات اكبر، وفوائد أكثر كما أوضح المهندس حجاوي.

وقال د. حجاوي أن المباني الخضراء يمكنها ان تقلص استهلاك الطاقة بنسبة 24-50%، كما يمكنها أن تقلل ثاني أكسيد الكربون بنسبة 33%، واستهلاك المياه بنسبة 40% والمخلفات الصلبة بنسبة 70% حسب دراسة أمريكية، فهي تستغل الطاقة المتجددة والتهوية الطبيعية والإنارة الطبيعية لتقليل التلوث الناتج عن استخدام الوسائل التقليدية للطاقة.

وبالتالي يوفر المبنى الاخضر الهواء النقي بشكل أفضل، والإضاءة الطبيعية الوفيرة، والاطلالات، ومكافحة الضوضاء والتي تفيد شاغلي المبنى، مما يجعل هذه المباني مكانا للمعيشة او العمل.

وقال د. حجاوي أن لهذه المباني عمر افتراضي معين، حيث يتم إزالة هذه المباني بعد انتهاء عمرها الافتراضي بأساليب وتقنيات تحافظ على البيئة، وتقلل التلوث وتحد من استهلاك الموارد المختلفة.

تقييم التكاليف...

وقدّر د. حسين عملية زيادة التكاليف على رأس المال عند التصميم بـ 15-20% على التكلفة الإجمالية، معتبرا معيقات الاحتلال وصغر المساحات الموجودة للبناء من اهم المحفزات للتوجه صوب فكرة المباني الخضراء، لأنه من أفكارها اذا لم يكن هناك مساحات خضراء حول المبنى فيأتي دور المهندسين لاستغلال الأسطح ومحيط المنزل والمساحات الضيقة بشكل أنسب، حتى لا يحرم من يمتلكون المساحات الخضراء من الحصول عليها.

وقال ان المباني الخضراء لا تعني فقط التعريف الحرفي للكلمة، إنما هناك توفير واستغلال للطاقة الطبيعية وخفض لتكاليف الاستهلاك في ظل سيطرة الاحتلال على مصادر المياه، وفي ظل ارتفاع اسعار الكهرباء وما شابه.

وكان توفيق البديري الوكيل المساعد في وزارة الحكم المحلي قد أوضح أن التكاليف لإنشاء هذه المباني مقارنة بالمبنى التقليدي  تصل حسب خبراء ومختصين إلى 15%.

وأضاف أن التكاليف عالية، لكن بعد بضعة سنوات من استغلال المبنى فإن هذه التكاليف تزول ويبدأ صاحب العقار بتحقيق فوائد ومكاسب مالية من خلال توفير الماء والكهرباء.

وشدد البديري على ضرورة اعتماد مواصفات جغرافية ومناخية تساعدنا كثيرا على تنفيذ الأبنية الخضراء والحرص على تطوير المواصفات المحلية، باعتبار ان المواصفات المعتمدة في أميركا وأوروبا قد لا تنسجم مع واقعنا ومناخنا.

المواد المستخدمة في البناء

ومن حيث المواد المستخدمة في البناء قال د.حجاوي أن هذه المواد يجب ان تتسم بمواصفات معينة حسب الدليل المعد، بحيث تحقق عدة متطلبات كعدم انبعاث الغازات من المواد المستخدمة، وان تحقق توفير الطاقة المطلوب ومراعاة استخدام المواد التي لا تؤثر على البيئة العامة كالأخشاب، وإعادة استخدام مواد مدورة أو قابلة للتدوير ومراعاة عدم استخدام المواد ذات الغازات المنبعثة كالفورمالدهايد الناتج عن مواد العزل والخشب المضغوط، وكذلك مراعاة عدم استخدام المواد السمية المنبعثة من الدهان وبعض مذيبات الورنيش والزئبق والاسبست.

ونصح د. حجاوي باستخدام الطوب الطيني المصنوع من الطين. ويتم تصنيعه في المواقع من التربة، حيث تخلط التربة مع الماء باستخدام مواد تقوية مثل القش والأسمنت أحياناً ثم يضغط المخلوط فى قوالب خشبية وتترك قليلاً . تزال القوالب ويترك الطوب حتى يجف وتصل مدة التجفيف أحياناً إلى عدة أسابيع. ونظراً لأنه من مواد طبيعية فإنه يتميز بالاستدامة، إعادة التدوير، غير سام. وتعتبر المباني المشيدة به من المباني الصحية، وهو ضعيف الصلابة وغير محروق وبالتالي سهل القطع بالعدة اليدوية، كما يمكن تشكيله بأشكال مختلفة.

كما حث على استخدام الخرسانة الخشبية، وهى عبارة عن تركيبة من مخلفات الخشب (نشارة) من مصادر مختلفة وخرسانة، لذلك فإن وزنها أخف من الخرسانة العادية ولكنها أقوى وذات كفاءة أفضل فى العزل .
ويمكن لبعض أنواع الخرسانة الخشبية إنتاج حوائط بمعامل مقاومة حرارية ( R ) يصل إلى 3,7 وهى أعلى من معظم مواد البناء فيما عدا بالات القش.

والخرسانة الخشبية ليست نوعاً خاصاً من المواد، وإنما هي اسم تجارى لمركب من الخشب والخرسانة، وهى موجودة على هيئة طوب ، بلوكات ، بردورات ، وألواح.

ونظراً لما تحتويه من ألياف فإنه يمكن تركيب المسامير القلاووظ أو دق المسامير فيها مباشرة دون الحاجة إلى مثبتات خاصة. وتعطيها الألياف متانة عالية، كما أنها لا تتحطم عند الاصطدام بها مثل كثير من المواد الأخرى.

تصميم وتطوير