تطور القطاع الصحي الفلسطيني والحاجة الى المزيد!- كتب: عقل أبو قرع

06.04.2016 08:20 AM

لا ينكر احد ان هناك تطورا متواصلا يحدث في القطاع الصحي في بلادنا، سواء من قبل القطاع العام اي وزارة الصحة، او من قبل استثمارات ومشاريع القطاع الخاص،  وبأن هناك زخما جماعيا وتكاتف ودعوات من جهات مختلفة من اجل الارتقاء بهذا القطاع، سواء فيما يتعلق بأجراء العمليات او احضار الاجهزة او استخدام الخبرات، او فيما يتعلق بوضع حجر الاساس او افتتاح مراكز صحية متخصصة، والهدف هو توفير الخدمة ذات الجودة المطلوبة للمواطن، وبأن يحصل عليها بشكل رخيص وسهل، وبالتالي التوفير علية وعلى الحكومة من خلال التحويلات، سواء فيما يتعلق بالمال أو الوقت أو الجهد.   

والقطاع الصحي، اسوة في العديد من الدول في العالم، والتي جل اهتمامها المواطن، من المفترض ان يحتل مستوى الاولويات الوطنية، او على مستوى الميزانية الحكومية، اعلى سلم او مراتب تلك الاولويات، سواء من حيث رصد الميزانيات، او من حيث اعداد وتدريب والاحتفاظ بالكفاءات المتخصصة ،او من حيث الحصول على افضل الاجهزة والمعدات، او من حيث فعالية الادارة والمسؤولين، او من حيث طبيعة التعامل والاحترام مع المريض والمواطن، اوحتى من حيث الكيفية او الطريقة التي يتم اتباعها للحصول على الخدمات، وعلى المعلومات المتعلقة بصحة المواطن، او من حيث الاهتمام بالرعاية الصحية بشكل عام،  سواء اكانت الرعاية الاولية وهي الاساس، او الثنائية او الثلاثية، او من حيث التركيز على مفهوم الصحة العامة كمفهوم وقائي شامل للبلد وللمجتمع.

ورغم التقدير لكل الجهود التي عملت من اجل تقدم وتحسن وتطوير في خدمات واجهزة ومعاملة القطاع الصحي في بلادنا، الا ان هناك الكثير الذي ما زلنا نحتاجة، والذي وفي ظل الامكانيات المحدودة، والظروف المعقدة، يمكن القيام بة، من خلال سياسات ومن خلال تغيير ثقافة عمل، اومن خلال تعديل في فلسفة الادارة، واعادة تسخير المصادر حسب احتياجات المواطن الفلسطيني، وعلى سبيل المثال، وان حدث وان قام احد بزيارة الى غرفة طوارئ "مجمع فلسطين الطبي"، في مدينة رام اللة هذه الايام، سواء اكان مريضا او مرافقا او متابعا او مستفسرا عن حالة، فأنة وبدون شك يلحظ التقدم الكبير، والاهتمام، والنظافة وديناميكية الحركة، والتطور الاداري والتقني، من حيث الفحوصات المختلفة، والحصول على نتائجها من خلال شبكة الكترونية، اي من خلال وصولها الى ايادي الاطباء على اجهزة الكمبيوتر وبسرعة، وبدون الحاجة الى اوراق او الى مراجعات مملة ومضنية، وما الى ذلك من امور ايجابية، يمكن ببساطة ملاحظتها وتوثيقها.

ولكن ومع هذا التطور الايجابي، يمكن مشاهدات الاكتظاظ الكبير في غرف الطوارئ، وعدم وجود اماكن او اسرة لحالات طارئة، وبالتالي نلحظ الحاجة الماسة الى المزيد من التوسع، والى المزيد من الاسرة ومن المزيد من الطاقم والامكانيات، وحتى الحاجة الى اعادة ترتيب اولويات، والى تبني انظمة ادارية اكثر كفاءة واكثر وضوح وانجع، ومعروف ان مجمع" فلسطين الطبي"، يخدم وبالاضافة الى محافظة رام اللة والبيرة، والتي اعدادها تتكاثر مع الوقت، كذلك المحافظات الفلسطينية الاخرى، نظرا لتوفر امكانيات واجهزة وخبرات لا تتواجد في المناطق او في المحافظات الاخرى، ورغم الجهد الكبير والعمل المتواصل، والعناية والاهتمام، الذي يبذلة الاطباء والممرضين والطاقم، في المستشفى، وربما في غيرة من المستشفيات،  الا انة قد يحدث ان تبقى لعدة ساعات تنتظر في قسم الطوارئ، وهذا يمكن ان ينطبق على الاقسام الاخرى وهذا يؤكد على الحاجة الملحة الى التوسع الافقي والعمودي والذي بدورة يحتاج الى القرارات الادارية، بأعادة توزيع المصادر والامكانيات المادية والبشرية، سواء الداخلية، او الخارجية،  من اجل تلبية اولويات الناس؟

وهناك كذلك موضوع الادوية، الموضوع القديم الجديد، سواء من حيث توفرها، او من حيث تطبيق قرارات تخفيض اسعارها، والقلق المتواصل عند الناس حول ذلك، ومن الامثلة على ذلك، ما يتم الاعلان عنة في الصحف مثلا، عن تخفيض اسعار الكثير من الاصناف من الادوية الاجنبية، بدون ان يكون لذلك اثر سريع على المريض، وهذا يتطلب اعادة النظر في الالية او في الطريقة الادارية، التي يتم من خلالها مراجعة اسعار الادوية، وفي طريقة الاعلان عن ذلك الى وسائل الاعلام؟

ورغم التطور ومحاولة الضبط والمأسسة، الا ان موضوع التحويلات الطبية الى خارج القطاع الصحي الفلسطيني، ما زال موضوعا مقلقا، ومربكا، ومكلفا، ويحتاج الى العناية والدراسة والمراجعة، وما زال المواطن العادي يشك في الاجراءات وفي امكانية حصولة الى تحويلة اذا احتاجها، وما زال هناك اعتقاد ان ذلك حكرا على جهات او اشخاص محددين،  وبالتالي ما زال هناك الحاجة الى الضبط، والى التوفير في هذه الفاتورة الاكثر تكلفة لميزانية وزارة الصحة،  والى توخي العدل والانصاف لمن يستحق، والى التوجة اكثر نحو زخم الاعتماد على الذات، من خلال الاستثمار اكثر وبشكل مستدام في امكانيات وكفاءات وخدمات، يمكن من خلالها، التقليل من التحويلات الخارجية المكلفة؟

وفي ظل كل هذا، فأن القطاع الصحي في بلادنا  يحتاج الى التركيز على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد مبدأ الوقاية والتوعية كاولوية للحفاظ على الصحة العامة، وتركز على التطور النوعي وليس الكمي وبشكل مستدام في الرعاية الصحية الاساسية، اي الرعاية الاولية من عيادات ومختبرات وفحوصات وتأمين صحي وتطعيم وتثقيف،   ويحتاج الى ارساء فلسفة واسس نظام المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم بشكل ممنهج وموضوعي، وفي الاتجاة الصحيح، لكي تتراكم الامور الايجابية التي نراها ونوثقها، ولكي يصبح القطاع الصحي، من القطاعات التي نفتخر بها في العالم، سواء من حيث خدمة المواطن ومن حيث توفر الكفاءات المتخصصة، او من حيث استعمال الاجهزة والمعدات الحديثة، او من حيث وجود انظمة ادارية توفر على المواطن الوقت والجهد والمال لكي يحصل على الخدمة، او من حيث وجود انظمة للمتابعة والتقييم تقيس الانجازات المحددة خلال فترة زمنية، بالاعتماد على معايير واهداف موضوعة اصلا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير