عن اغراق البلد بقرارات بقوانين

03.04.2016 09:02 PM

وطن: كتب جبريل محمد

منذ حلت كارثة الانقسام، ونحن امام تعطل للسلطة التشريعية في البلاد، فلم يجتمع المجلس التشريعي بكامل نصابه ولو مرة واحدة سواء كان ذلك عبر مقاطعة الدعوات التي كان يرسلها رئيس المجلس او نائبه الاول، او عبر عدم اكتمال نصاب اي جلسة نتيجة اعتقال اعضاء من المجلس التسريعي مضافين فوق مقاطعي الدعوات، هنا شل المجلس التشريعي تماما واعتبر في حالة عدم انعقاد، لا بسبب عطلة برلمانية، او بسبب الفترة الانتقالية بين دورتين، بل بسبب وصول الانقسام السياسي في السلطة التنفيذية الى باقي السلطات ومنها التشريعية.

حكومة الامر الواقع في غزة ارتضت لنفسها ان تكون مساءلة ومراقبة من اعضاء المجلس في غزة والذي اخذ على عاتقه اصدار قوانين لم توقع من رئيس السلطة حسب القانون الاساسي، ولكن اعضاء المجلس في غزة اعتبروها قوانين نافذة حتى لو لم تنشر في الوقائع.

اما في الضفة وحيث استعيض عن اجتماعات المجلس بتخريجة هيئة القوائم البرلمانية، فان يد الرئيس كانت مطلقة في اصدار القرارات بقوانين باعتبار ذلك من صلاحياته في فترات عدم انعقاد المجلس، وبالاستناد الى جمع الرئيس بين منصبي رئاسة السلطة ورئاسة منظمة التحرير كمرجعية عليا للسلطة. خلال هذه الفترة اغرقت الوقائع الفلسطينية بالعديد من القرارات بقوانين، والتي عبرت فيما عبرت عن محاولات لتمرير مصالح او ايجاد ارضية قانونية تنزع الشرعية عن حكم الامر الواقع في غزة.

في العادة ، وحينما يعطى اي رئيس صلاحية التشريع في بلد ما فانه يلجأ اليه عند الضرورات القصوى، اما عندنا فبات الامر وبعد ان استطال الانقسام وتعمق سلوكا ثابتا، ادى الى تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وباتت الحكومة التي لم تحظ بأي ثقة تشريعية مطلقة اليد في اقتراح مشاريع القوانين التي تمر بسهولة من خلال اقرارها من الرئيس كقرارات بقوانين، الامر الذي سهل على الحكومة طريق تنفيذ برامجها التي لا تخضع لرقابة تشريعية او مساءلة.

امام هذا التراكم الكبير للقرارات بقوانين، وحسب القانون الاساسي ونظام المجلس التشريعي، تبقى هذه القوانين مؤقتة حتى يبت فيها المجلس التشريعي.

حصل هذا في مصر حين اغرق السيسي مجلس النواب الجديد بجملة من المراسيم التشريعية يحتاج المجلس الى ولاية كاملة كي يناقشها، ولهذا وضمن تركيبة المجلس التي ساعدت السيسي، فقد وافق بالجملة على كل هذه المراسيم.
هل سيحصل هذا عندنا عند اول جلسة لمجلس قادم، اذا شاء القدر والمتحكمون بادارة ازمة الانقسام ان يفكوا هذه العقدة ويدخلون الى انتخابات؟

اظن ان المجلس الجديد سيتورط في معالجة كافة القرارات بقوانين، وبالتالي فانه سيلجا اما الى قبولها، او رفضها بشكل كلي وذلك بفعل الموازنة بين قوانين مجلس غزة وقرارات الرئاسة، وامام هذا فان الحل سيكون مرهونا بموازين القوى القادمة في المجلس، هذا ان جرت انتخابات.

لذلك، فان من الافضل التخفيف الى اقصى حد من القرارات بقوانين، ومن الافضل ادارة الحكم حاليا وفق القوانين القائمة حتى انهاء الانقسام واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وهذا أمل ومطلب شعبي.

ان كل الظروف التي نعيش سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا باتت تتطلب انهاء كارثة الانقسام، كيما يستعيد الشعب ارادته المحجوزة بين المنقسمين، ويقرر ممثليه عبر اعادة بناء الشرعيات وتجديد الولايات المنتهية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير