الصحة أولوية مستعجلة ... خفض للنفقات أم جودة للخدمات

31.03.2016 07:07 PM

وطن: كتب  احمد حنون

بوضع حجر الأساس لمشفى صديق الشعب الفلسطيني الرئيس الفنزويلي السابق المناضل هوجو شافيز على ارض ترمسعيا وليس بعيدا عن مكان استشهاد القائد زياد ابو عين رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ، وكذلك اطلاق حملة التبرع الواسعة لبناء مشفى القائد خالد الحسن للسرطان وزراعة النخاع ، وافتتاح المشفى الاستشاري كإستثمار للقطاع الخاص الفلسطيني بالشراكة مع صندوق الاستثمار الفلسطيني ، تبين ان القول اقترن بالفعل وان ما تم هو ترجمة عملية لما جاء في خطاب السيد الرئيس في ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية عندما أعلن مجموعة من الالويات متمثلة بالتعليم والشباب والتنمية ... والصحة ، وأكد " إن مجتمعنا الفلسطيني وشعبنا يحتاج إلى المزيد من العمل والجهود المخلصة للنهوض بقطاع الصحة، وتقديم أفضل الخدمات الصحية لمواطنينا ومن خلال مؤسساتنا الصحية على حد سواء العامة والخاصة منها، وبذل قصارى الجهد لتخفيف الاعتماد على التحويلات للخارج والتي تستنزف طاقاتنا المالية، والتوجه نحو الاستثمار في مجال بناء مؤسسات صحية وطنية متخصصة، واشار انه سيتم استقطاب ما يلزم من الطاقات والخبرات الفلسطينية الموجودة في كل مكان في العالم "  باعتقادي هذا هو التحدي الاكبر بعد البناء في منطقة يسهل الوصول اليها وفي مكان صحي وفي اطار خطة صحية لا تبتعد عن نمط الحياة الصحية ، وكذلك الجدوى الاقتصادية الحقيقة من انشاء اي مشفى ومدى الحاجة والاولوية له كمشفى عام بحد ادنى من الاسرة يحدده القانون لكل تخصص من التخصصات الاكلينيكية " الباطنية ، النسائية والولادة الجراحة العامة والتخدير "او تخصصي ، وتجهيز المشفى بالمعدات والكوادر والأنظمة والاقسام الضرورية لتشغيل المشفى بنسبة الإشغال المطلوبة مقارنة بعدد الأسرة  لتتعدى نقطة التعادل بين المصاريف والخدمات الصحية المقدمة للمستفيدين بحيث يكون تشغيله اقتصادي ولا يستنزف الموارد ولا ينافس القطاع الخاص بالرغم من أهمية توفير الخدمات المطلوبة من القطاع العام ومشافي وزارة الصحة ، ولكن هل تتم الامور وفقا لدراسة الاحتياجات ؟ وهل هذا التوسع  في الخدمات سيعود بقيمة اضافية للمواطن بحيث لاينتظر اشهر لاجراء عملية روتينية ويرفع جودة الخدمة أم بدافع خفض التكاليف العلاج التخصصي وشراء الخدمة ؟ وإذا كان كذلك ماذا عن دور الاطباء بعد حصولهم على علاوة خاصة للتفرغ وعدم ازدواجية العمل في عياداتهم ومستشفيات وزارة الصحة ، وهل سهل الامر عليهم وقلل تكاليف العلاج ؟ ام أن الصيغة لم تكن ناجحة وفقط تحملت السلطة فاتورة زيادة الرواتب دونما تحقيق ما وعدت به الحكومة ؟ أم ان الحكومة تغض الطرف عن الموضوع ولا تريد ان تدخل بسجال جديد مع النقابة ، أعتقد انه من المفيد الاهتمام بموظفي القطاع الصحي والاستثمار بالصحة كجزء من رأس المال الانساني وتأهيل وتدريب الكوادر الصحية والطبية والاطباء ، الامر الذي يشكل حجر زاوية لتقديم أفضل الخدمات الصحية وفقا لخطاب الرئيس .

وأضاف السيد الرئيس أننا " ندعو المستثمرين الفلسطينيين وسواهم لإقامة مجمعات صحية متخصصة وسنوفر لهم كل سبل النجاح الإدارية والقانونية ـــــــ مرة اخرى ان الانجاز مرتبط بالإرادة والادارة والقانون ( النظام ) وتقديم المشورة الفنية والطبية اذا لزمت ، الامر الذي يتطلب من السيد الرئيس اصدار توجيهاته العاجلة بوضع الادارة والقانون وبناء النظام كأولوية متقدمة لانجاح رؤية السيد الرئيس عبر زيادة الاهتمام القطاع العام وتطوير الاداء الحكومي الذي يتولى مهمة تسهيل تنفيذ الاولويات لان القطاع العام بحاجة لدعم معنوي كبير مباشر من الرئيس ، وخصوصا في ظل انخفاض الروح المعنوية وتدني الانتاجية للقطاع العام .

لأننا نستطيع ان نبني فقد تم بناء مشفى ، ولكن التحدي هو تشغيل المشفى بوجود كوادر فلسطينية مؤهلة وأنظمة مالية وادارية وتقنيات فنية في كافة المجالات ، وان ننجح في تقديم الخدمات الاساسية في التعقيم والتخلص من النفيات الطبية والعلاج الطبيعي والامن والتنظيف والعلاج الطبيعي ...، والذي يتم عن طريق عقود خارجية ، وان نحافظ عليها لاننا في تجارب سابقة لم نفعل ذلك وخسرنا ثقة بعض ممن لديهم القدرة والرغبة والامكانية لخدمة القطاع الصحي الفلسطيني ، وكان الرئيس قد اشار للعمل على إنشاء مشفى مركزي كبير لمعالجة أمراض السرطان كما هو الحال في مركز الامل للسرطان في الاردن ، وآخر للعيون ومشفيات أخرى متخصصة في الوطن قبل ثلاثة أشهر ، اعتقادي ان هذا التخطيط والانجاز تم من خلال المجلس الأعلى للصحة ويبدو ان صيغة انشاء المجلس والعمل من خلال المجلس الاعلى برئاسة السيد الرئيس هي فكرة لها ترجمتها على الارض الامر الذي يسهل الامور للإنجاز والعمل وتحقيق التوجهات العامة ، ولعلي على ضوء ذلك اتقدم للسيد الرئيس بإقتراح تشكيل مجلس أعلى للتعليم ، ومجلس أعلى للاجئين ، ومجلس أعلى للاقتصاد ومجلس أعلى للتنمية والصمود ، ومجلس أعلى للتخطيط ، ومجلس أعلى لتطوير الاداء الحكومي ، ومجلس أعلى تنسيقي لكافة القطاعات المشار اليها يشكل الاساس في رسم السياسات والاستراتيجيات واتخاذ القرارات ، ذلك لان العمل المباشر مع السيد الرئيس اصبح الصيغة عملية  للانجاز دونما عوائق بيروقراطية ....، بالمقابل فان هذا الشكل من العمل يلقي بأعباء كبيرة على كاهل السيد الرئيس وقد يعطي مؤشرا على مركزية العمل الاداري ، وقد يذهب البعض للقول ماذا تفعل الوزرات والدوائر والمؤسسات ؟ اقول ان بامكانها ان تفعل الكثير في تنفيذ برنامج الحكومة والرؤية المستقبلية ، وتوجيهات السيد الرئيس في ظل عدم وجود جهة تخطيط تسند لها مهمة التخطيط ، وفي ظل عدم ممارسة القيادة الادارية مهمتها بالتخطيط الاستراتيجي وفي اطار الخطة العامة .

وهنا لا بد من الاشادة بالجهد والدور والتجربة الذي قامت به واطلعت به لجان الخدمات الصحية في الانتفاضة الشعبية الاولى سنة 1987 ــــ وبقية اللجان الأخرى ، لجان الاغاثة الطبية  د. أمية خماش مدير الصحة في وكالة الغوث الدولية حاليا ود. مصطفى البرغوثي ولجان العمل الصحي ولجان الرعاية الصحية  ـــــــ حيث تم تأسيس لجان الخدمات الصحية على امتداد الوطن بعد اندلاع الانتفاضة ، وأسست عيادات في الأرياف والمدن ـوأدارت الامور الصحية في كافة أرجاء الوطن ، بجهد مخلص من نخبة من الاطباء الذين كانوا يشكلوا واجهة الصحة في فلسطين الدكتور درويش نزال رحمه الله ، ود. منذر الشريف د. انيس القاق ود. ابراهيم السلقان ود. حكم ارشيد، د. فهد السيد ود. عفيف برابرة ود. عبد الكريم النابلسي ود. عبد الرحمن شلاش ...، ود. جوهر الصايج مدير الخدمات الطبية ود. محمد الريماوي ... ، اضافة الى جهد جمعية الهلال الاحمر في فلسطين برئاسة المرحوم د. فتحي عرفات وفي غزة برئاسة د. حيدر عبد الشافي ، ولا يمكن الا ان نثمن دور نقابة الاطباء وجهودها وما قامت به من تخفيض لرسوم الكشف على المرضى وغدى رمزيا ، وهنا نستذكر الدكتور المرحوم محمد رامز الخياط رئيس النقابة في نابلس واعضاء مجلس النقابة في فلسطين ودورهم البارز في تقديم العلاج ، والحفاظ على الخدمات و المؤسسات الصحية ،وكذلك مؤسسة الماب بريطانيا والذي كان يديرها في ذلك الوقت د. رفيق الحسيني مدير مشفى المقاصد حاليا ، في حين كانت عيادات وكالة الغوث الدولية تفتح ابوابها للمراجعين حتى ساعات المساء لتقديم الخدمات الصحية للاجئين في كافة المخيمات ، بادارة  الدكتور عرفات الهدمي رئيسا للاطباء في وكالة الغوث وكذلك رئيس الاطباء في منطقة شمال الضفة الدكتور شوكت الكيلاني رحمه الله الذي كلف قائما بأعمال رئيس جامعة النجاح الوطنية في نابلس حتى عام 1992 ، هذه تجربة اعتقد انها كانت تعبر عن شكل لا مركزي من تقديم الخدمات ورغم وجود تكرار وبعض المنافسة الا انها كانت تجربه مشكورة ومنجزة وتستحق الدراسة وخصوصا انه لا يوجد مراجع او دراسات وثقت هذه التجربة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير