معادلة شكسبير ... كل عام وانت بخير

14.03.2016 12:46 PM

وطن: كتب حمدي فراج

فرح غامر ينتاب الانسان وهو يتابع احتفالات البريطانيين بمرور اربعمائة سنة على ميلاد اديبهم الكبير وليم شكسبير ، لا يضاهيه – الفرح – الا حزن عربي عميق في أمة لم تستطع ان تفعل شيئا مماثلا ازاء عظمائها ممن مضى على رحيلهم ألف سنة واكثر ، وكانت لهم قامات ادبية قد تصل الى قامة شكسبير وأطول . احدهم ابو العلاء المعري ، الذي بدلا من الاحتفال بمرور ألف سنة على ميلاده ، نبش الضلاليون في سوريا قبره .
   حول البريطانيون القرية التي ولد فيها شكبير الى اشبه ما يكون بالمحج السياحي ، تستقبل الزائرين من كل بقاع الارض على مدار السنة ، وأغلقوا بيته بالزجاج واحتفظوا بكل مقتنياته داخلها بما في ذلك سريره الحديدي ، واقاموا متحفا ضخما يعرض لمسرحياته واشعاره كلها في وقت واحد بدون توقف ، وعرضت اعماله في مجلدات بعدة لغات يتم بيعها بأسعار مخفضة ، وطبعت صوره على القمصان والقبعات الخ .
   معظم جامعاتهم في بريطانيا وبقية الجامعات العريقة في العالم قاطبة وبكل لغات الارض ، تدرس مساقات مختلفة ومتعددة عن شكسبير ، خاصة في الادب والحقوق واللسانيات ، وهناك بدون ادنى شك مئات ان لم يكن الاف الدراسات وشهادات الدكتوراة منحت عن هذا الاديب الكبير ، حتى في مناهج مدارسنا القديمة قبل خمسين سنة ، عندما كنا في المرحلة الابتدائية ، كان هناك ملخصا جميلا عن احدى مسرحياته ، "مصرع يوليوس قيصر" تحت عنوان "سحر البيان" ما زال ابناء جيلي متأثرا بها وبروعتها ، كيف استطاع بروتس ان يستميل الناس الغضابى في قتل قيصر ، "لاني كنت أحب روما اكثر منه" ، ثم اعتلاء انطونيوس منصة الخطابة واستمالتهم من جديد ضد بروتس بعد ان  اراهم رداءه المطعون من الخلف  "من هنا مر خنجر بروتس" .
  هل يا ترى ما زال يتم تدريس مثل هذه المقتطفات في مدارسنا او في جامعاتنا الفلسطينية على كثرتها العددية ، فتترك اثرها على اجيالنا المتعاقبة بعد مرور خمسين سنة على تناولها ، ام ان تمجيد الحاكم العربي والتغني بالتاريخ غير التاريخي والاكاذيب والاهاويل والخراريف هو الذي يستهوينا ويطغى على ذاكرتنا ومخيلتنا ، فسرعان ما تصاب بالنرجسية البالغة ، فترى كما كبيرا من الشعراء والادباء يطبعون نتاجاتهم ولما يبلغ الواحد منهم سن الرشد الابداعي .
   طبعا ، فإن الفكر التكفيري الذي طال ابو العلاء المعري في قبره  كزنديق ، طال شكسبير ككافر ، ولهذا يزداد جهلنا به ، في حين يحاول البعض تندرا اعتماده من اصل عربي "الشيخ جبير" . ونتوقف عند ما قاله زعيمهم تشيرتشل ، ما لم يقله اي زعيم عربي عن اي اديب عربي في اي زمن عربي :" ان بريطانيا على استعداد لأن تتنازل عن كل مستعمراتها ولن تتنازل عن قصيدة واحدة لشكسبير ".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير