عودة المعلمين والعود أحمد

14.03.2016 09:46 AM

كتب: حسن سليم

وعاد المعلمون الى حيث نحب جميعا، بين طلابهم ولمملكتهم "المدرسة"، بعد أربعة أسابيع صعبة، وقفنا فيها جميعا على رؤوس أصابعنا.

عاد المعلمون بعد انتهاء إضرابهم المطلبي، بتدخل حكيم من الرئيس أبو مازن، وتقدير منهم، وبعد أن تحقق لهم جزء مما طالبوا به، ورسم الرئيس لهم وفق ما قرره، خارطة طريق ستمكنهم من التحصل على باقي مطالبهم.

تجربة حراك المعلمين، كانت استثنائية بكل المقاييس، سواء من حيث التنظيم لها، ومن حيث المعالجة لازمتهم، ومن حيث التخوفات التي كانت تحيط بها، الأمر الذي يستدعي، اليوم، جبراً قراءتها بتمعن، واستخلاص العبر منها، إذا كانت النية التحصين، وعدم الوقوع في ذات الحفرة مرة أخرى، وندعي أننا تفاجأنا.

أولها العبر تفيد بان المعلمين شريحة لا يجب الاستهانة بها، وبأنهم ليسوا مجرد موظفين، فقد استطاعوا دون إطار نقابي إن يخلقوا حالة استحوذت على تعاطف ودعم الكل الفلسطيني، بإدارة ذاتية، وان يجمعوا من الآلاف ما فشلت به الفصائل والأحزاب على مدار العقد الأخير، وان يضربوا على الطاولة بقوة، ويسمعوا صوتهم، دون أن يكسروا الطاولة.

وثاني العبر، أن الأزمات تحتاج منذ نشوئها الى خلية متخصصة، تتعامل برشد، وتسارع الى إعمال العقل، وتقرأ الخارطة بوعي، بعيدا عن ردات الفعل، وان تسارع الى الحوار المسؤول بتواضع، ففي ذلك تقصير لعمر الأزمة، وقطع للطريق على الراغبين باستمرارها.

وثالث العبر، ان اي بداية لفوضى او ثغرة تؤدي لها، ستجد من يستغلها، لتمرير مشروعه، مما يستوجب الاهتمام العالي، والرشيد، لافشالها ومواجهتها بحكمة، وهنا برز بوضوح اهمية تدخل الرئيس ابو مازن، كقائد لشعبه، رغم كل المشاغل والهموم والتحديات السياسية، كما برز التقدير العالي من قبل المعلمين، والتعاطي بايجابية مع مبادرته.

ورابعها، فان الثابت علميا ان الهزات ليس بالضرورة هي ما تتسبب بالخطر والكارثة، بل في كثير من الاحيان تكون الارتدادات هي الاكثر ضررا، حيث ان الانتباه ضرورة، أن قرار المعلمين بالعودة للدوام، استجابة لمبادرة الرئاسة، لم يعجب من كان يرى في استمرار الإضراب لمجرد الإضراب، فرصة لهم للتمسح أو المتاجرة أو لغرض في نفس يعقوب، ولهذا سيواصلون جهدهم التحريضي لاستدعاء الوقيعة، ولهذا من واجب كل الحريصين حماية المسيرة التعليمية من العابثين.

كما يستدعي مواجهة اي عبث بالمسيرة التعليمية الاهتمام بترميم اي خدش حدث في العلاقة السامية، سواء بين المعلم والطالب، او بين المعلم والحكومة، لتبقى كما كانت، وكما ينبغي ان تكون، قائمة على قيم المحبة والاحترام والقدسية لرسالتهم، وحتى يكون الجميع على نور بأن المتربصين بالوطن كثر، وان بالمرصاد من كان يسهر الليالي لإشعال الفتنة، وللتحريض ضد الوطن، والمشروع الوطني.

والخامسه، ان شعبنا بكل قواه، ومؤسساته الحريصة، يستحقون التقدير والاحترام على جهدهم الذي لم يتوقف طيلة فترة الازمة، سعيا منهم للوصول الى حل يوقف نزيفها، ويخرج المتنازعين من عنق الزجاجة، دون كسر لاي منهم.

ان ما تحقق من عودة للمعلمين، والتزام تام بدعوة الرئيس، كانت خير رد على الاصوات التي كانت تسعى جاهدة لاطالة امد الازمة، واستمرار الاضراب، وعدم الالتزام بما جاء بخطاب الرئيس، بل اكثر من ذلك ان الرد كان يحمل تغليبا واضحا لمصلحة الوطن على مصلحة الذات، وكأن لسان حالهم يقول، الخير بالخير، والبادي أكرم.

وليس اكثر انتصارا للمعلم مما حققت المعلمة "حنان الحروب"، كافضل معلمة في العالم، وما ابرقت من رسالة قالت فيها إن هذا العام هو عام المعلم الفلسطيني لتحقيق الامل للمعلمين الفلسطينيين، الذين يزرعون الامل في عقول ابنائنا "وبأن على هذه الارض ما يستحق الحياة".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير