مبادرة الرئيس للمعلمين... يبقى التنفيذ هو المحك

12.03.2016 09:01 PM

وطن: كتب جبريل محمد

برغم اللغط والتشوش الحاصل في رد فعل المعلمين على مبادرة الرئيس لحل قضية المعلمين، الا ان ما جرى هو تحريك للقضية من مربع مناكفة الحكومة للمعلمين الى فتح بوابة لحلول، كان للحكومة لو اتخذتها ان تعفي الرئيس من التدخل، غير ان الرئيس هنا لن يباشر عملية التنفيذ ومتابعته، وهنا توضع الحكومة على محك آخر هو التسريع في تنفيذ ما اتفق عليه، وخلق آلية ما للتواصل مع المعلمين بحيث يأخذ وزير التربية والتعليم دوره في المتابعة والتنفيذ.

لقد خاض المعلمون معركة يشهد لهم فيها بالوعي والنظام والتنظيم الدقيق، والوحدة، والتمسك بمطالبهم، وقدرتهم على فرض ارادتهم حين تهاون فيها ممثلهم، فقد كانوا معلمين، قدموا بالممارسة دروسا غنية وعميقة، ليس فيها من التلقين شيء، واستطاعوا بذلك ان يفرضوا احترامهم والتعاطف الشعبي مع مطالبهم، كما استطاعوا ان  يولدوا في نفوس طلبتهم نوعا من الارادة دفعتهم الى الاعلان بالمسيرات وعبر وسائل الاعلام المختلفة عن تأييدهم لمطالب معلميهم.

هذه المفخرة التي تمت برغم كل التضييقات والتهديدات ومحاولة تزوير ارادتهم عبر وسائل اعلام بان فشلها الفاضح، ستسجل في تاريخ الحركة النقابية الفلسطينية، كحالة ريادية اجترحها المعلمون يمكن ان تقتدى من حركات نقابية اخرى سواء من العاملين في القطاع الحكومي او الاهلي او الخاص.

لكن المعركة النقابية للمعلمين كشفت وبوضوح تام هشاشة وعجز واحتواء النقابات الاخرى التي لم تقدم اكثر من بيانات التضامن الخجولة او الصمت وأحيانا تأييد الحكومة، الامر الذي يجب ان يفتح الاعين على هذه النقابات واصلاحها بما يحولها الى ممثل حقيقي لقاعدتها اولا، وبما يخلق نسيجا متواشجا متضامنا، يشكل النواة الصلبة للمجتمع المدني السياج الحامي من تغول المجتمع السياسي وابتلاعه للحيز العام بشكل شامل، وبما يفضي الى شمولية قاتلة ثانيا.

ربما لا يكون انجاز المعلمين بحجم المعركة والتضحية بالوقت الذي بذل في معاركة حكومة آلت على نفسها الا ان تقف سدا في وجه ارادة المعلمين، الا ان ذلك انجاز يبنى عليه، واول الدروس المستخلصة منه هو الانتقال من حالة التمني وانتظار الاعطيات والمنح والمكرمات الى حالة انتزاع الحقوق ولو تدريجيا.

انه تأسيس لثقافة جديدة يمكن الاقتداء بها وتطويرها، وبالتالي لا غضاضة ان عاد المعلمون الى مدارسهم رافعي الرؤوس وعينهم مفتوحة على متابعة ما اتفق عليه، وعلى تحصيل مكاسب وانجازات أخرى.

كما اسلفنا، الكرة الان في ملعب من يملكون القرار بالتنفيذ، لانه المحك، ومن استطاع ان يجيش آلاف المعلمين اكثر من مرة خلال شهر، يمكن ان يجيشهم مرة أخرى في حال اي تملص من الاتفاق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير