"الوحدة الوطنية" شعار استهلاكي

12.03.2016 10:41 AM

كتب: حمدي فراج

لم يبد الكثيرون من ابناء الشعب الفلسطيني آمالا كبيرة على لقاء المصالحة الاخير بين حركتي فتح وحماس في الدوحة ، رغم ان جميع الظروف الذاتية والموضوعية تصرخ بضرورتها واهميتها ، ففي الظرف الذاتي الفلسطيني ، تطوي الانتفاضة شهرها السادس في حالة مؤسفة من التنكر وكأنها حالة غير فلسطينية ، او ابنة غير شرعية ، لقيطة او يتيمة في احسن الاحوال ، وقد راهن البعض بمن فيهم من يدعي انه خبير انتفاضات انها سرعان ما ستخبو وتضمحل . تنفرد فيها اسرائيل لممارسة هواياتها ازاء ما هي متعطشة لارواء هذا الظمأ المستمر منذ اتفاقية اوسلو ، مشيعة انها فرملت اندفاعها نحو ما كانت تفعله قبل اتفاقية السلام ، ففي هذه المدة القصيرة قتلت مئتي شخص وجرحت واعتقلت الالاف ، وهدمت منازل الشهداء واعادت عمليا احتلال الضفة التي تسوق للعالم انها انسحبت منها وسلمتها للسلطة التي تمارس فيها دورها كدولة ، وما هي كذلك على الاطلاق ، في حين انها كفت عن ان تكون ثورة . فلا طالت عنب الشام ولا بلح اليمن . ألا يتطلب هذا حدا ادنى من الوحدة الوطنية .

ورغم تجانس الطرفين الفتحاوي والحمساوي ازاء قضايا عديدة ، قديمة ومستجدة ، آخرها التماثل مع المملكة السعودية ازاء الحلف المناهض لليمن ، تبعه تأييد ارسال قوات برية الى سوريا للاطاحة بالرئيس بشار الاسد ، ثم اعتماد وزراء الداخلية العرب حزب الله منظمة ارهابية ، فإن موضوع الوحدة بينهما ما زال بعيدا ، فلماذا تتقارب مواقفهما وتتطابق دون ان يتقارب اصحابها ؟

انه سؤال مشروع ازاء هذا الاصرار والالحاح على لفظ الوحدة ورفضها عمليا ، والمناداة بها وبأهميتها لفظيا .

لم يعد من الصعب على جماهير الشعب والحركتين بما تمثلان من موالاة شعبية كبيرة اكتشاف ان "الوحدة الوطنية" ليست اكثر من شعار استهلاكي ، فالخلاف بينهما بلغ مداه ، ويكاد يطوي العقد الاول من عمره ، ولم يكن الخلاف المعروض على اي طاولة من طاولات التصالح في العديد من العواصم العربية قد تطرق الى موضوع "وطنية الوحدة" ، بمعنى تخوف الواحدة من الاخرى ان يتم جرها الى مربع التفاوض مع اسرائيل ، فالتفاوض متوقف منذ سنين ، لكن التفاهم هو سيد الموقف ، سواء في الضفة او في القطاع ، وليس بالضرورة ان يكون هذا التفاهم مباشرا .

لقد كان البيان المبدئي الذي صدر عن لقاء الدوحة ، مصاغا بطريقة دقيقة ، لم يتجاوز الثلاثة اسطر ، من تسع وعشرين كلمة ، في انتظار اللقاء الثاني الذي لم يجد مكانه بعد ، لكن بيان القيادي الحمساوي محمود الزهار كان صارخا ، حين وصف اللقاء بأنه عبارة عن "صفر كبير" .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير