هل نسامح الشهيد بـ 15 دولارا؟

09.03.2016 07:40 PM

وطن- كتبت: رولا حسنين

لا شيئ يقزّمني في نفسي أكثر من استحضار شهيد شد وثاق قلبه ولبى نداء الوطن، أثخن في عدونا برميه وقول "أموت وتحيا فلسطين"، رحل عن الدنيا دون ترتيبات برجوازية معقدة، لم يلتفت لهيبة بيت عزاء ولا لمعزين يرتدون زيّاً رسمياً يلتقطون لأنفسهم صوراً استعراضية في بيت عزاء أحد الشهداء ليقولوا للشعب ها نحن معكم، الشهيد أحمد عامر (16 عاماً) ترك كل الدنيا في دقيقة عشق وتفكّر، بفعله آمنت أن عقلاً يختزل عشق القضية والوطن هو عقل نابغ بلغ في علمه كل العقلاء، رحل أحمد وترك في جيبه وصية تحتوي على كلمات كُتبت بلون الدم الأحمر القاني، وبلغة عشق الوطن الفريد، وبقي فعلنا مجرداً من أي عشق يشبه عشق أحمد.

الشهيد أحمد الذي ارتقى اليوم برصاص الاحتلال قرب سلفيت، أوصى بأن يسامحه مَن أحبوه، هم أمه وأبيه وعائلة جعلت من أحمد رجلاً عاشقاً للوطن بعشق فريد، لا يتلوه قيس ولا الخيام ولا يكتبه جميلٌ لبثينة، عائلة جعلت من الفتى أحمد رجلاً يحبه الشعب كحبه لأرضه.

وأوصى الشهيد أحمد –كما شهداء آخرون-  عائلته بسداد ديون لا تتجاوز قيمتها الـ 15 دولاراً، حفظ أحمد ديون الناس له، وحفظ عشقا للوطن كان أسمى من عيش تحت وطأة احتلال سفك الدماء وأصبح الشهداء في رقابهم دين لا تساويه دولارات العالم أجمع، رحل أحمد وأوصى بالديون القليلة، فأين وصايا المسؤولين وديونهم، أيصح أن نقرأ وصية دين بـ 15 دولاراً ولا نقرأ وصية آلاف بل ملايين الدولارات التي سيبلغ مدادها آهات أمهات الشهداء والجرحى والأسرى، وما من كاتب لتلك الوصايا !؟.

أجزمُ لكَ يا أحمد أن أصحاب الحق عليك سامحوك ويتمنون لو أنهم أعطوك من دمائهم لتحيا وتقاوم بعشقك للوطن مرة أخرى وأخرى وأخرى، أجزم أنهم يتمنون لو انهم بادلوك الأدوار فكانوا هم الشهداء وأنت قارئ وصيتهم التي يسامحونك فيها بكل شيء، أجزم لكَ أنه علينا أن نطلب منك أن توصينا بدين دمكَ حتى نجلب لكَ الثأر من الذين لم يتوانوا لحظة في إطلاق الرصاص على جسدكَ الطاهر حتى ارتقيت شهيداً، ولحقت بقافلة الشهداء التي ما زالت تتسع لأمثالك، فهل نكتب لكَ وصيتنا، وإن كتبناها يا أحمد، هل ستقبلها منّا كما قبلنا منك الوصية؟!.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير