تل أبيب: انتصار الجيش السوري بالجولان سيؤدّي لفتح حزب الله وإيران جبهة فعالّة ضدّ إسرائيل

16.02.2016 04:23 PM

وطنمنذ اندلاع الأزمة السوريّة في آذار (مارس) من العام 2011 وصنّاع القرار في تل أبيب يُواكبون ويُتابعون الأحداث عن كثب، على أمل أنْ يتحقق حلم مَنْ يُطلق عليه مؤسس إسرائيل، دافيد بن غوريون، والذي قال إنّ قوّة إسرائيل لا تكمن في ترسانتها النوويّة، بل في تدمير الجيوش العربيّة في مصر، العراق وسوريّة.

علاوة على ذلك، تبينّ أنّ توقّعات القادة الإسرائيليين لم تتحقق على أرض الميدان، ففي أواخر العام 2011 قال وزير الأمن آنذاك، إيهود باراك، إنّ أيّام الرئيس السوريّ بشّار الأسد، باتت معدودة، وغنيٌ عن القول إنّ تصريح باراك اعتمد على تقديرات الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، التي أثبتت مرّة أخرى أنّها بعيدة جدًا عن الدقّة والموضوعيّة، وتفتقر إلى مقومّات العمل الميدانيّ في جمع المعلومات.

مهما يكُن من أمر، فإنّ الميدان السوريّ لا يغيب بتاتًا عن الإعلام العبريّ، إذْ أنّ ما يحدث في الساحة السوريّة يؤثر بشكلٍ واسعٍ جدًا على الأمن الإسرائيلي، وتحديدًا ما يتعلق بإمكان انسحاب الانجازات التي تحققها دمشق وحلفاؤها شمالاً، في منطقة حلب، إلى الجنوب السوري، والمنطقة المتاخمة للحدود في الجولان. ومن المُلاحظ أنّ التحليلات الإسرائيليّة، التي تعتمد على مصادر أمنيّة وسياسيّة رفيعة في تل أبيب، بدأت تتجاوز مرحلة استعادة الجيش السوريّ حلب وريفها، وتتطلع إلى إنجازات مرحلة ما بعد المدينة.

وفي هذا السياق، رأت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أنّ المسألة من ناحية إسرائيل أنها تتطلع إلى إستراتيجية القضم التي بدأها الجيش السوري بمؤازرة من حلفائه وسلاح الجو الروسي، وأوضحت قائلةً: صحيح أنّ حلب هي الأكثر أهمية بالنسبة للجيش السوريّ، إلا أنّ أيّ إنجازات في منطقة درعا جنوبًا، القريبة من الحدود الأردنية، تنظر إليها إسرائيل باعتبارها مسألة تتعلق بها، وإنْ بصورة غير مباشرة، إذ لا يُستبعد أن يتوجه النظام السوري ما بعد منطقة درعا، إلى منطقة الجولان السورية، بحسب تعبيرها.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ المرحلة المقبلة قد تكون شنّ معارك باتجاه السيطرة على الجولان، حيث تتمركز فصائل المعارضة هناك بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وسيطرة الجيش السوري وحزب الله والإيرانيين، بمؤازرة من سلاح الجو الروسي، وضع غير مناسب لإسرائيل، لأنّ الطائرات الروسيّة ستعمل بالقرب من الحدود وستضع (آلية التنسيق) قيد الاختبار الفعلي، وإذا انتصر التحالف السوريّ الروسيّ في الجولان السوري، فقد يعمد الإيرانيون وحزب الله إلى فتح جبهة فعالة ضد إسرائيل، مع الافتراض أنّ الجانب الروسي لن يعارض ذلك، خاصة إذا قدّر أن هناك حرصًا على تنفيذ عمليات لا تجرّ إلى مواجهة عسكرية شاملة.

في السياق عينه، حذّرت صحيفة “هآرتس″ من أنّ المعركة التي يشنّها الجيش السوري وحلفاؤه لاستعادة السيطرة على حلب، فضلاً عن حصارها في الأساس، هي إشارة واضحة جدًا إلى انهيار سياسات الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما في الشرق الأوسط، وهي إشارة إضافية إلى إزالة القناع عن التبجّحات الكاذبة التي تسوقها الإدارة الأمريكيّة الحالية حيال المنطقة.

وعلى غرار ما ذهبت إليه “يديعوت أحرونوت”، حذّرت “هآرتس″ من أنّ انتصار الجيش السوري في حلب قد يدفع الرئيس السوري بشار الأسد إلى التحرك سريعًا باتجاه تحقيق إنجازات مماثلة في الجنوب السوري، وأيضًا في شمالي غربي سوريّة. ومن جهة واشنطن، فإنّها تنظر إلى هذه التطورات بقلق، لكن أيضًا بضعف وخيارات محدودة، في الوقت الذي يغرق فيه الجمهور في الولايات المتحدة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكيّة، على حدّ تعبيرها. ورأت الصحيفة الإسرائيليّة أيضًا أنّ بذور التغيير في السياسة الأمريكيّة تجاه سوريّة بدأت قبل مجيء سلاح الجو الروسي، وتحديدًا في آب (أغسطس) من العام 2013، عندما هدّد أوباما بقصف دمشق بعد الهجمات الكيميائية، لكنه اضطر أخيرًا إلى التراجع، وهناك تقدير منطقيّ، أوضحت الصحيفة، يرى أنّ ضبط النفس الذي أبداه الأمريكيون في حينه، أمام تجاوز الخطوط الحمراء، أشار للأسد إلى أنه ليس لديه ما يخشاه من الغرب. علاوة على ذلك، شددت الصحيفة على ضيق ومحدودية الخيارات الموجودة لدى الإدارة الأمريكيّة في ما يتعلق بحصار حلب، والإدارة التي فشلت في تسليح المعارضة السورية، يدور حولها شكوك كبيرة في أنْ تتبنّى اقتراحات أطلقت في الأيام الأخيرة حول هذه المدينة، ومن بينها إعلان منطقة حظر جوي فوقها.

وخلُصت الصحيفة الإسرائيليّة إلى القول إنّ الكتابات في الإعلام الأمريكيّ تتسابق في وصف فشل واشنطن في سوريّة، على ضوء الوضع المستجد في حلب، وعلى الإفلاس والعار، وحتى السياسة المخجلة للإدارة الأمريكيّة الحاليّة، بحسب تعبير (هآرتس) العبريّة.

على صلةٍ بما سلف، أكّد ضابط رفيع المستوى في الأركان العامة للجيش الإسرائيليّ على أنّ مستويات التنسيق والاتصالات القائمة مع الجانب الروسيّ، بما يشمل الاتصالات السياسيّة والعسكريّة، مُنسّقة بشكلٍ كاملٍ ومسبقٍ بين تل أبيب وواشنطن، مُشيرًا إلى أنّ إسرائيل قبل أيّ شيء آخر، تُنسّق أفعالها مع الولايات المتحدة، وهي لا تتحرك أبدًا في الساحة السوريّة ولو لسنتمتر واحد، من دون إبلاغ الأمريكيين بذلك مُسبقًا، بحسب ما ذكره للصحيفة.

تصميم وتطوير