نحو حلول جذرية لاضراب العاملين في الجامعات الفلسطينيه

03.02.2016 08:41 AM

كتب: عقل أبو قرع

مرة اخرى يعلن العاملون في الجامعات الفلسطينية الاضراب الشامل، وحسب البيان الصادر عن اتحاد نقابات العاملين، من المتوقع ان ان يضرب العاملون حوالي 14 يوما خلال هذا الشهر فقط، ومرة اخرة تعود نفس المطالب او نفس الحقوق لتشكل السبب او الاسباب التي اوجبت الاضراب، وبالطبع هي نفس المطالب التي طالب بها العاملون في الاضراب السابق، وفي الاضراب الذي حدث قبل عدة سنوات، وربما في اول اضراب خاضة العاملون في الجامعات الفلسطينية، وحين الحديث عن خصوصية الجامعات الفلسطينيه، فهناك العديد من الاطراف ذات العلاقه، او التي لها مسؤؤليه بعمل الجامعات، بدءا من الحكومة والوزارة المعنيه، ومجلس التعليم العالي، ومؤسسات المجتمع المدني، والمجلس التشريعي ، وبالطبع الاطر الخاصة التي ترسم سياسات الجامعات وتقر ميزانياتها وتتحمل مسؤلية مواصلة عملها وتقدمها، اي ما يعرف ب مجالس امناء الجامعات.

وحين تعلن نقابات العاملين في الجامعات الفلسطينيه عن اضراب لمدة يوم او يومين مثلا ، كما حدث هذا الاسبوع ، فأن هذا يعني ان حوالي 200 الف طالب جامعي سوف ينقطعون عن الحياه الجامعيه، من دراسه ومن ابحاث ونشاطات، هذا بالاضافة الى الالاف من العاملين والموظفين والاداريين وما يتبع ذلك من مرافق وخدمات، واذا تصاعد الاضراب وصولا لثلاثة ايام ومن ثم اربعة ايام وهكذا كما هو معلن خلال الاسابيع القادمه، فمن الممكن تصور حجم المشكله والخسارة، ليس فقط على الطلبه والاساتذه والباحثين، بل تمتد الى البيئة الجغرافية الاقتصادية المحيطه من مواصلات ومرافق طعام وخدمات والاقتصاد المصغر المرتبط بعمل الجامعات، وبالاضافة الى الى الاثار الماديه المباشرة والتي تقدر بملايين الشواكل يوميا، هناك الاثار المعنوية المرتبطه بالتعاون مع الجامعات والبرامج المشتركه والابحاث والعلاقات، والارباك في التخطيط والاثار النفسيه على الطلبة والعاملين وما الى ذلك؟

والاضرابات او الخطوات الاحتجاجيه ليست بالجديده في الجامعات الفلسطينيه، وبغض النظر عن طبيعة وحجم المطالب، فأنها تتمحور في النهايه حول تحسين الظروف المعيشيه للعاملين، او بالادق حول الاوضاع الماليه للجامعات وانعكاسات ذلك على حقوق العاملين والتزامات الجامعات نحو ذلك، وهذه المطالب تدور في نفس الاطار الذي دارات فيه مطالب العاملين في كل الفترات التي شهدت تحركات للعاملين في الجامعات الفلسطينيه، وبالتالي فأن نوعية المطالب واسبابها معروفه منذ سنوات، وليست وليدة هذه الفترة او الشهور او الايام، اي انة من الواضح ان هذه المطالب لم تلقى الجدية او التعامل الجدي من اجل توفير حلول جذرية لها؟

ومع الخسائر الهائلة التي يتسبب بها الاضراب، فأنني هنا لست بتحميل المسؤؤليه لأحد، مع التأكيد على عدالة واهمية المطالب التي تصب في عصب الحياه اليوميه المعيشيه للعاملين وافراد عائلاتهم، ولكن السؤال الاهم هو لماذا تصل الامور الى حد الاضرابات وتعطيل العمل، وبدء عملية شد الحبل بين الاطراف، مع

العلم انه معروف ان هذه المطالب مشروعه، وبأنه كان من المتوقع ان يصل الوضع الى ما وصل اليه، فلماذا لم توجد اليه للتنسيق والتشاور، وبالتالي استكشاف الامكانيات ووضع التصورات وبهدوء وبعيدا عن التهدديات والبيانات والاعلام، وبالتالي الخسائر المتراكمه، ولماذا لا يتم المبادره الى تنفيذ الاتفاقيات او حتى مناقشة المطالب او حتى عقد الاجتماعات بدون الوصول الى هذا الوضع من اضرابات وتعليق للدراسه وشل عمل الجامعات.

ومن المعروف ان الجامعات الفلسطينيه ليست بالجامعات الحكوميه، اي لا تتبع الحكومه او وزارة التعليم العالي بشكل مباشر، اي ان رؤساء الجامعات ليسوا بالمسؤؤلين الى الحكومه او بالتحديد الى وزير التعليم العالي، ولكن وحسب الانظمه الموجوده، فأن رؤوساء الجامعات يتم تعيينهم من قبل رئيس او مجلس الامناء الذي يشرف على الجامعه، وبالتالي فهم مسؤؤلون لهم، وبالتالي فأن مجالس الامناء هم مسؤولون عن توفير كافة المصادر لتأمين العمل الطبيعي للجامعات، وان دور رؤوساء او ادارات الجامعات هو ادارة هذه المصادر بفعاليه، وبشكل يلبي حاجات الطلبة وحقوق العاملين، والسير الطبيعي لعمل الجامعات، وكذلك العمل على تطوير الجامعات، وهذا الوضع هو الموجود في دول العالم التي تحوي جامعات مماثله للجامعات الفلسطينيه، اي جامعات يحكمها مجالس امناء.

ومع عدم اهمال او التغاضي عن دور الحكومة او وزارة التعليم العالي في التعاطي او في المساهمة في حل ازمة الجامعات الفلسطينية المتراكمة والمتفاقمة والتي قد تنفجر بشكل اسوأ في اي وقت، الا ان مجالس الامناء وادارات الجامعات هي التي تتحمل المسؤولية الاولى في تأمين الالتزامات وتحقيق المطالب المنطقية والعادلة للعاملين، حيث من المتوقع ان يكون هناك ميزانيه مع بداية كل عام، وبأن يكون هناك توقعات او احتمالات او خطط بديله، وليس تحميل هذا الطرف او ذاك، سواء اكان الحكومه او الوزارة او النقابة او اتحاد النقابات او الطلبة او غيرهما

وبغض النظر عن وجهات النظر العديده من الاطراف، فالخساره هي على الجميع، وبشكل تراكمي، واذا تواصل وتصاعد الاضراب ، فأنه سيكون من الصعب اعادة جدولة خطط الطالب والاستاذ والباحث والجامعة، وان تم ذلك فأنه سيكون على حساب الجودة والنوعيه والسمعه والمنطق، وحتى لو تم التوصل الى اتفاق او حلول وسط كما يتم في العادة، وتوقف الاضراب، فأن عدم التعاطي بجدية وبشكل تشاركي وهادئ، وبالتالي البحث عن حلول جذرية لمطالب العاملين في الجامعات، سوف يؤدي الى عودة الاضرابات والاحتجاجات مرة اخرى وربما بشكل اسوأ؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير