إدارة المعابر سيادة دولة، وليست عطوة

12.01.2016 04:49 PM

وطن:  كتب حسن سليم

منذ متى تُدار المعابر والحدود للدول بالتشاور بين الفصائل والاحزاب والعشائر، ومعلوم ان تلك الادارة واحدة من  أوجه السيادة للدولة؟ وان كان الامر كذلك، فان السؤال مشروع، بأن أي خلاف سينشأ مستقبلا في قطاع التعليم أو في قطاع الصحة، هل  سيتم إحالته لمجلس بلدي أو جمعية خيرية للتشاور بشأنه؟ وهل عند التصديق على اي اتفاقية دولية أو اعتماد لسفير دولة، سيتم اللجوء للعشائر لأخذ موافقتها ؟

والسؤال ايضا ان كنا نتوقع ان نشاهد على مداخل المعابر والحدود سواري تحمل رايات الاحزاب والفصائل، وان تتزين صالات المغادرين والقادمين  بصور الامناء العامين ورؤساء المكاتب السياسية للاحزاب، كونها تحت سلطتهم واشرافهم؟

وثمة من يصل بالتفكير بعيدا، ليسأل ايضا ان كان من الممكن تخصيص نوافذ خاصة، بالاضافة للمخصصة للمواطنين والاجانب والدبلوماسيين، كما هو معمول به في المطارات والمعابر  في كل دول العالم، بان يكون هناك نوافذ اخرى لخدمة ابناء واتباع هذا الحزب او ذاك  ؟

إن ما يجري بخصوص معبر رفح، وما يتم طرحه من مبادرات، ليس فقط مس بهيبة دولة لم تتجسد بعد، أو في طريقها للاكتمال، بل رسم لمخلوق مشوه لن يكتب له الحياة، ما دامت الامور تجري على هذه الشاكلة.
معبر رفح الذي طال الحديث عنه، ولم يتم التسليم بشأنه، في ظل قبض سلطة حماس على مفاتيحه من الجانب الفلسطيني، ورفضها الاعتراف باتفاق دولي بشان المعابر والحدود، ومعروف للقاصي والداني، أن الحدود بين الدول، تشرف عليها شرطة الدول وحرس حدودها، وليس أنصار الفصائل أو شركات خاصة ، لامر يتعلق بامن الدولة وسيادتها وهيبتها.

وبالعودة لأصل التنظيم القانوني لإدارة المعابر والحدود، فقد نص المرسوم الرئاسي رقم ( 16 ) لسنة 2006، بشـأن تنظيم الإدارة العامة للمعابر والحدود، في المادة الأولى أنها تتبع مباشرة لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، والمادة الثالثة نص المرسوم على أن تعيين مدير عام الإدارة العامة للمعابر والحدود هي من اختصاص رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.

إذا، الامر لا يحتاج للاجتهاد، فقد اوضح نص المرسوم الرئاسي، وبشكل جلي لا يقبل التأويل، من هو صاحب الصلاحية في التنظيم والإشراف الإدارة للمعابر.

لكن وبالاطلاع على حالة الهرج والمرج بخصوص المعابر والاقتراحات والمبادرات بشأنها، تطفو الكثير من المغالطات، ومنها التي كانت من قبل الحكومة التي أصدرت قراراً يحمل الرقم (01/46/17/م.و/ر.ح ) لعام 2015 بتشكيل لجنة لترتيب استلام كافة المعابر في المحافظات الجنوبية، والذي تضمن العديد من المغالطات القانونية، أولها ما بدأ به القرار بعبارة، " بناءا على الصلاحيات المخولة لنا قانونا "، تلته في المادة الأولى تشكيل لجنة لاستلام المعابر برئاسة وزارة الشؤون المدنية، وعضوية إدارة المعابر، ووزارة الاقتصاد الوطني وممثل عن الأجهزة الأمنية، وبقراءة لما حمل مضمون القرار، يظهر " المكتوب من عنوانه " حيث ادعى انه يملك الصلاحيات قانونا، وهذا لا يعدو كونه ادعاء لا يستند لاي سند قانوني فيما يتعلق بتنظيم المعابر، وألغى القرار في المادة الثالثة ما يتعارض مع أحكام القرار، وهذه مخالفة أخرى، حيث  ان قرار مجلس الوزراء لا يلغي المرسوم الرئاسي، وبالتالي فان القرار غير قانوني، وللتذكير فانه لم يصدر عن عن صاحب الصلاحية  تفويض لمجلس الوزراء بالإشراف على المعابر. 

أما فيما يتعلق بما يجري من مشاورات بين الفصائل، وما تطرحه من مبادرات تناقشها مع سلطة حماس بشأن ادارة معبر رفح، والبحث للتوافق على من يديره، والاتفاق بشأن الطاقم العامل فيه، إنما يشكل خروجا عن العرف الدولي، ونظام الدولة بشان المعابر والحدود، كون المعبرهو موضوع سيادي، ويعد من ضمن مهام ومسؤوليات الدولة، وان اخبرنا العالم بما يجري، وما هو مطروح، سيجعلنا أضحوكة بين الأمم، ولن يغير من موقف الدولة المصرية، كونها دولة من حقها حفظ امن حدودها، ومن حقها أيضا يناظرها على الطرف الآخر دولة تحترم اتفاقاتها، وهذا ما أعلنت عنه الدولة المصرية مرارا، واخرها تلك المرات  على لسان سفيرها المعتمد لدى فلسطين وائل عطية.

ان ما يعيشه أهلنا في قطاع غزة من حرمان للحركة بسبب إغلاق المعبر، وما تسبب من مآسي سواء كانت المتعلقة بصحة المواطنين، أو بمصالحهم الاقتصادية، أو الاجتماعية، إنما يحتاج قرارا فوريا بتسليم المعابر لأصحاب الصلاحية الأصيلة، ووقف نزيف المعاناة الذي لم يتوقف منذ ثمان سنوات، وليس المساومة على صلاحيات وامتيازات، على حساب المقهورين، الذين يتم تخوينهم وتارة،  وتكفيرهم تارة أخرى، لأنهم فقط، طالبوا بتسليم المعبر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير