مكافحة ملوك المال هي الحل...بقلم: جيلا جمليئيل/ اسرائيل اليوم
(المضمون: ترى الكاتبة ان النمو الحقيقي للاقتصاد الاسرائيلي منشؤه تطوير مجالين اثنين: الدراسة العليا والعمل).
نشهد في الاسابيع الاخيرة احتجاجا اجتماعيا يتسع، يقوده الشباب في اسرائيل.
الحديث في الظاهر عن تصادم مصالح بين الحكومة ومواطني الدولة. والحديث في الظاهر ههنا عن "لعبة حاصلها صفر"، تأتي فيها كل نفقة حكومية للدعم والتسهيل في مجال ما على حساب مجال آخر. في الظاهر.
اريد أن اقترح طريقة تفكير اخرى يمكن أن تعطي أيضا حلولا حقيقية للطبقة الوسطى المسحوقة وان تكون أيضا محرك نمو للاقتصاد في السنين القريبة. وبعبارة اخرى، أقترح بدل الصراع على "الكعكة" نفسها، تكبير "الكعكة".
يكمن المفتاح في فهم ان تخصيص موارد حكومية بعيدة الامد لطائفة الشباب هو استثمار لا نفقة. والاستثمار بخلاف النفقة يفترض أن يؤتي ثمارا في الامدين المتوسط والبعيد. ويسأل هنا السؤال كيف نجعل تخصيص الموارد لطائفة الشباب الذين هم العمود الفقري المركزي للطبقة الوسطى، كيف نجعله استثمارا؟
عند الحكومة خطة كهذه. ففي حزيران 2009 عرضت على رئيس الحكومة خطة استراتيجية للدفع قدما بالشباب في اسرائيل، وتبناها. وترى الخطة ان محركي النمو الاقويين هما الثقافة والعمل. وقد أثبتت ابحاث وجود علاقة بينة بين الثقافة والعمل، في منع البطال وفي جانب مقدار الاجور ومستوى العيش. وعلى ذلك فان استثمار الدولة في هذين المجالين سيثمر الاسهام المركزي لنمو اقتصاد اسرائيل.
ان اكتساب ثقافة عالية يضمن أجرا أعلى وعملا اطول. وهذان العنصران يسهمان في زيادة الانتاج المحلي الخام للفرد. فاذا خفضت الدولة الى ذلك عبء الضريبة واسعار العقارات والاغذية، وبنت قاعدة منافسة حقيقية – فستزيد كل تلك مجتمعة ايرادات المواطنين زيادة كبيرة. يعلم كل طالب اقتصاد اليوم ان اكثر الايراد للطبقة الوسطى مخصص للاستهلاك الخاص لا للادخار. لهذا فان زيادة ايراد الطبقة الوسطى يمكن أن تكون واحدا من محركات النمو الاقوى لاقتصاد اسرائيل.
من أجل أن نجسد الطاقة الكامنة في هذه الاستراتيجية، تعالوا نفرض انه بواسطة الاستثمار في الدراسة العليا وانشاء أماكن عمل ، زاد الانتاج المحلي الخام للفرد وزاد على أثره متوسط الاجور في الجهاز الاقتصادي بنسبة 12 في المائة. وهو ما يعني الف شيكل كل شهر (فمتوسط الاجور اليوم 8.700 شيكل). ولنفرض الان انه بواسطة تطوير التنافس في الاقتصاد وهو ما يفضي الى خفض غلاء المعيشة، وبواسطة خفض اسعار العقارات، زاد الدخل ألف شيكل كل شهر. يقف عدد الاجراء في الجهاز الاقتصادي اليوم على نحو من ثلاثة ملايين. ان حسابا بسيطا يبين أن حاصل الايراد الاضافي في الجهاز الاقتصادي وهو (الفي شيكل مضروبة بثلاثة ملايين) سيقف على ستة مليارات شيكل كل شهر او اثني وسبعين مليار شيكل كل سنة. فاذا خصص ثمانون في المائة فقط من هذا المبلغ للاستهلاك الخاص فان الحديث عن مقدار يبلغ 58 مليار شيكل كل سنة ستعود الى الجهاز الاقتصادي وتدفع باقتصاد اسرائيل قدما.
اذا كان هذا يبدو لكم خياليا، فاليكم معطى يبين أن الحديث هنا عن تقدير حذر. ان متوسط الاجور في الولايات المتحدة يقف على 1.5 ضعف المتوسط في اسرائيل، وهو في بريطانيا يقف على 1.8 ضعف. زيدوا على هذا الاسعار في هاتين الدولتين. والاسعار أقل بضعفين واكثر مما هي في اسرائيل، لتدرك أن طاقة النمو الكامنة أعلى كثيرا. وهذا حينما أخذنا في الحساب فقط الاجراء (من غير اصحاب المشاغل الصغيرة واصحاب الشركات). الوضع اليوم أن أكثر الارباح والموارد تكتسحها جماعة ضئيلة جدا من ملوك المال توجه أكثر الارباح الى التوفير لا الى الاستهلاك الخاص. وأسوا من هذا انها تنقل المال الى خارج اسرائيل.
ان عمل الحكومة وواجبها الاقتصادي والاجتماعي والاخلاقي هو ان تنشيء مسارين استراتيجيين في الوقت نفسه: الاول هو خفض غلاء المعيشة بنقض الاحتكارات، وانشاء منافسة حقيقية وتعزيز الرقابة الحكومية في الحالات التي يحتاج فيها الى تدخل حكومي واصلاحات بعيدة المدى في مديرية اراضي اسرائيل واشباهها. ويكمن المسار الثاني في زيادة الانتاج المحلي الخام بواسطة الاستثمار في محركي النمو وهما الدراسة العليا والعمل.
ان تطبيقا ناجحا لهذين المسارين سيفضي الى تغيير حقيقي ذي بقاء في المجتمع الاسرائيلي.