إعلاميون مصريون رفضوا "التطبيل" ورضوا بـ "الصمت على نصف الحقيقة"

26.12.2015 06:43 PM

وطن:صبيحة 4 يوليو 2013، كانت جميع وسائل الإعلام تتحدث بلغة واحدة، وبكلمات بدت وكأنها متناسقة ومتشابهة فيما بينها، بينما كانت قنوات أخرى اقتُحمت قبل ساعات من قِبل قوات الشرطة العسكرية، وتم القبض على عدد كبير من العاملين بها.

«الصوت الواحد» ظل مسيطرًا لبضعة أشهر قبل أن تخرج من الصندوق أصوات أخرى، بدت وكأنها تعارض «على استحياء» عددًا من القرارات السياسية، إضافة إلى معارضتها نظرية «الصوت الواحد» قبل أن يعلنوا توقفهم عن الظهور الإعلامي.

باسم يوسف كان في طليعة هؤلاء الذين رفضوا «الصوت الواحد»، وخرج ببرنامجه الساخر «البرنامج »، وأعلن سخريته من الوضع السياسي في مصر، واعتبره مراقبون «أول من كسر التابوه السياسي بعد 30 يونيو»، خاصة أنه سخر من أحاديث الرئيس المؤقت، عدلي منصور، ووزير الدفاع في ذلك الوقت، عبدالفتاح السيسي.

الأمر الذي اعتبره البعض «خروجًا من الشرنقة السياسية»، ووجده آخرون «معارضة على استحياء» من إعلامي اعتاد أن يسخر بطريقة أكثر حدة من نظام جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس المعزول، محمد مرسي.

لم يستمر الأمر كثيرًا، فبعد أحاديث هنا وهناك، أعلنت قناة CBC وقف التعاقد مع «يوسف»، بعد منعها إذاعة حلقة له مبررة الأمر بأنه «خالف السياسة التحريرية للقناة»، مقدمة اعتذارًا عما بدر من الإعلامي الساخر.

انتقل «يوسف» إلى قناة MBC مصر، وقدم سلسة من حلقات برنامجه الساخر، لكن الأمر توقف بعد خروج إحدى حلقات «البرنامج» إلى النور، والتي سخر فيها «يوسف» من إعلان السيسي ترشحه لرئاسة الجمهورية.

«لا أستطيع أن ألوم القناة لأنهم حاولوا بقدر ما يستطيعون، لكن للأسف الظروف والضغوط كانت أكبر من أي شخص، وكمان أنا خايف على سلامتي الشخصية ولعائلتي ومن حولي، أنا أعلم أن هناك من سيزايد علينا، لكن لو تم إيقافنا وأذيتنا واتبهدلنا آخرة الناس دي هاشتاج في تويتر».. كانت تلك الكلمات هي آخر ما قاله الإعلامي الساخر على خشبة سينما راديو، التي شهدت تقديم عروض البرنامج.

الصوت المخالف لكثير من الأصوات المعارضة توقف، وأُزيحت صورته من مدخل سينما راديو، وقال إن توقف برنامجه رسالة، و«الرسالة وصلت»، في إشارة منه إلى توقف برنامجه بعد ضغوط سياسية وصفها بأنها «فاقت الاحتمال»، مضيفًا: «نحن فضلنا أن يتوقف البرنامج وألا نهينه وألا نقلل من سقف البرنامج حتى يستمر».

ريم ماجد

ريم ماجد، الإعلامية التي اعتادت الظهور على قناة «ON TV» قررت وقف برنامجها «بلدنا بالمصري» عقب خارطة الطريق التي أقرتها مصر في 3 يوليو، قائلة: «أفضل الصمت على قول نصف الحقيقة، لأن نصف الحقيقة كذب».

صمت ريم ماجد لم يستمر طويلًا، إذ أعلنت رأيها السياسي المعارض في الكثير من القرارات السياسية في مصر، واتجهت إلى تقديم برنامج اجتماعي بعنوان «جمع مؤنث سالم »، على قناة ON TV، و«دويتشة فيله»، لكن الأمر توقف إلى النهاية بعد الحلقة الثانية.

ما قالته قناة ON TV بأن ما حدث مع «ريم» كان جزءًا من «إعادة هيكلة الخريطة الجديدة للقناة»، نفته «دويتشة فيلة»، الشريكة في إنتاج البرنامج، وقالت إن ما حدث من «تدخل من السلطات المصرية يعد اعتداءً صارخًا على حرية الرأي والصحافة».

بدورها، قالت «ريم» إن القناة تعرضت لضغوط مما سمته «جهات سيادية» لوقف البرنامج، وبكت في مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمود سعد ، قائلة إنها «محرومة من العمل في أي قناة مصرية، وإن هناك قرارات بتتاخد من بعض الجهات السيادية، وإحنا بنقعد نضرب أخماس في أسداس، الجهة صاحبة القرار مطالبة بتوضيح أسباب القرار».

يسري فودة
من له جدراية تتوسط شارع محمد محمود، في وسط لعاصمة المصرية، مرسوم عليها صورته ومكتوب أسفلها «صوت الثورة الفصيح»، أعلن في سبتمبر 2014 توقف برنامجه، فيما بدا للبعض أنه «انتهاجًا لسياسة كتم الأصوات المعارضة».

«رمى حجرًا وأمعن ثم ولى ولم يترك دليلًا أو محلًا، ومن جسدي النحيل أشد جسرًا لكل العابرين إلى الحقيقة»، «نحمد الله أن ثبّت على الحق خطانا حين كان لقولة الحق ثمن».. تلك كانت آخر مقدمات الإعلامي يسري فودة، والتي حملت بين كلماتها دلائل ومعانى قوية تشير إلى أسباب توقف برنامجه.

يسري فودة اختفى منذ إعلانه توقف برنامجه، ولم يقرر الحديث عن سبب توقفه، لكنه مع الظهور الأول له في يناير 2015، قال إنه يرفض ما سماه «إعلام عبدالناصر»، مضيفًا: «الوضع كله داس لي على طرف، مقدرش أقول تليفون معين، في مناخ اتخنق، إحنا تقريبًا بقينا عايشين في عهد عبدالناصر، وهو كان عظيم له إنجازات، وليس منها الحرية أو مجتمع سياسي حقيقي، ولا أقبل أن تعود نفس الفكرة علشان كده أنا مش في الاستوديو بتاعي».

بوضوح قالها «فودة» بعد شهور من توقف برنامجه، وبشكل أكثر وضوحًا أكدها في حديثه مع BBC، وقال: «برنامجي توقف منذ الثورة 3 مرات، وأنا لما أقول ثورة أقصد 25 يناير، لأنه مفيش ثورة غيرها، والبرنامج كان ماشي على حد السكين، وحصل تدخلات، وكنت أفكر في التوقف، لكن فريق العمل اقترح الاستمرار عام آخر».

محمود سعد

هو آخر المنضمين إلى الإعلاميين الرافضين لنظرية «الصوت الواحد»، إذ أعلن قبل يومين انتهاء ظهوره على قناة «النهار»، فيما أوضحت تقارير إعلامية أنه «تعرض لضغوط سياسية»، وقالت مصادر داخل البرنامج لـ«المصري اليوم» إن «إدارة المحطة تعرضت لضغوط سياسية من أجل الضغط على محمود سعد، ما جعل القناة بدورها تحاول تغيير السياسة التحريرية للبرنامج وتخفيف حدة الموضوعات السياسية به».

«سعد» أشار من قبل إلى الضغوط التي تُمارس عليه، وظهر في أحد حلقات برنامجه يستنكر الأمر، وقال إنه يحاول أن يجد الأعذار لبعض الأخطاء التي تحدث في مصر، لكن «ده مبيعجبهمش»، موجهًا حديثة إلى ما سماهم «المسؤولين في هذا البلد».

وأضاف: «هو إنت عايزنا نشتغل على مزاجك، يا سيادة المسؤول، إحنا مبنشتغلش لحساب حد، عايز تطبل.. طبّل، عندك محطات كتير تملكها الأجهزة طبلوا فيها زي ما إنتوا عايزين، إحنا لا بنطبل ولا بنرقص».

كما أنه علّق على واقعة وقف برنامج ريم ماجد، وقال: «يا نهار أسود يعني إيه جهة سيادية توقف برنامج، هو أنتم مش عاوزين الناس تتكلم؟، إذا كانت الدولة في المرحلة الحالية تريد أن تخفي شخصيات معينة من الشاشات فعليها أن تخرج وتصرح بذلك رسميًا، معتقدش ده منطق ينفع في مصر سنة 2015».

تصميم وتطوير