هرتسوغ : أدعو لتشكيل حلفٍ مشابهٍ لـ"الأطلسيّ" بين إسرائيل والدول العربيّة "المُعتدلة"

06.12.2015 03:59 PM

وطن - وكالات: التناغم في المواقف السياسيّة بين رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وبين رئيس المُعارضة وزعيم حزب (المُعسكر الصهيونيّ)، النائب يتسحاق هرتسوغ، ليس بحاجةٍ إلى مجهرٍ لاكتشافها، بل هي ظاهرة للعيان وناصعة كالثلج، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، صرحّ هرتسوغ مؤخرًا أنّه أكثر حزمًا وصرامةً في معالجة ما أسماه الإرهاب الفلسطينيّ من نتنياهو.

ولكنّ الأخير، كان السّباق في المواقف السياسيّة، حيث قال في مؤتمر صحافيّ عقده خلال العدوان الأخير على قطاع غزّة في صيف العام 2014، إنّ إسرائيل تبحث عن أفقٍ سياسيّ جديدٍ، وبعد ذلك، باشر التحدّث عن حلف إقليميٍّ مع الدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة على حساب حلّ القضية الفلسطينيّة، بحسب تعبيره. وتبعه بعد ذلك، المأفون الفاشيّ، أفيغدور ليبرمان، زعيم الحزب العنصريّ (يسرائيل بيتينو) ووزير الخارجيّة السابق، الذي أدلى بالعديد من اللقاءات الصحافيّة أخيرًا وطالب حكومته بالإسراع في عقد الحلف مع الدول العربيّة المُعتدلة، لإضعاف ما نعته بمحور الشر، المؤلّف من سوريّة، إيران، حزب الله وحماس، ولم ينسَ أنْ يُطالب نتنياهو بإعادة احتلال قطاع غزّة والقضاء نهائيًا على حكم حماس هناك.

في هذا السياق، سياق الإجماع الصهيونيّ للإجهاز على حلّ قضية الشعب العربيّ الفلسطينيّ، انبرى رئيس "المعسكر الصهيونيّ" ودعا إلى تشكيل حلفٍ مشابهٍ لـ"حلف شمال الأطلسيّ (الناتو)، بين إسرائيل والدول العربيّة المعتدلة في موقفها من الاحتلال والسياسات الإسرائيلية. وأضاف هرتسوغ، الذي كان يُلقي كلمة في "الجمعية العامة للاتحادات اليهودية في العاصمة واشنطن"، أنّ مجموعة التهديدات في الشرق الأوسط تُوفّر لإسرائيل فرصة تاريخيّة، حسبما ذكر.

وعلى الرغم، من أنّ هرتسوغ لم يتحدّث عن معالم هذه الفرصة، لكن بالاستناد إلى العديد من المواقف السابقة، فهي تتمثل في الاستفادة من التحالف مع الدول العربيّة التي ترى إسرائيل أنّها يُمكنها أنْ تخوض معركتها في مواجهة تهديدات محدّقة بالأمن القومي الإسرائيليّ، وفي مقدمتها محور المقاومة في المنطقة، إلى جانب التهديدات الكامنة في انتشار الجماعات الإرهابيّة التي تُشكّل بدورها في نهاية المطاف تهديدًا للأنظمة العربيّة عينها. علاوة على ذلك، ترغب الدولة العبريّة في أنْ تُقدّم نفسها في هذا السياق على أنّها الدولة الإقليمية العظمى التي يمكن للآخرين أنْ يستفيدوا من قدراتها والتحالف معها في مواجهة تهديدات محدقة بأنظمتهم. رئيس المُعارضة الإسرائيليّة أكّد على أنّ التطورات الإقليمية والتهديدات التي تمثلها إيران مع محور المقاومة، إلى جانب تنظيم “الدولة الاسلامية” الإرهابيّ، تُشكّل، برأيه، فرصة تاريخيّة لإسرائيل. ولا نُجافي الحقيقة إذا قُلنا وفصلنا أيضًا إنّه حول هذه القضية، توجد مساحة إجماع واسعة بين مختلف ألوان الطيف الإسرائيلي كفيلة بالحؤول دون التوصّل إلى اتفاقٍ نهائيٍّ وشاملٍ مع السلطة الفلسطينية، لكونه لا يلتقي مع الحد الأدنى لطموحات أنصار التسوية. بالإضافة إلى ذلك، يدخل عنصر الصراع على السلطة بين الأحزاب والزعامات الإسرائيلية، حول مَنْ يقود إسرائيل ضمن إطار قواعد لعبة متفق عليها ويجسدها النظام السياسي هناك. وعلى هذه الخلفية، تتداخل العناصر الذاتية والمصلحية لكل منهم مع التباينات الفعلية بين القوى المتنافسة.

هرتسوغ أشار في سياق كلمته إلى أنّ عداء هذه الجهات والمصالح المشتركة، يُمكّن الدولة العبريّة من العمل مع مصر والأردن ودول الخليج وغيرها للحدّ من توسّع النفوذ الإيرانيّ، والتغلّب على داعش وتسهيل تبادل المعلومات الاستخبارية، ودفع الإسرائيليين والفلسطينيين من جديد إلى طاولة المفاوضات. وفي ما يخصّ الانتفاضة الفلسطينية، التي تُكلّف إسرائيل يوميًا العديد من الإصابات، وتُلقي بثقلها على الواقع الأمنيّ والاقتصاديّ، كان هرتسوغ قد أوضح لعدد من الصحافيين أنّه على الرغم من أنّ إسرائيل  في خضم موجة إرهابيّة مليئة بالطعن وإلقاء الحجارة والإصابات، فيتحتّم على صنّاع القرار في تل أبيب أنْ ينظروا أبعد من ذلك وأنْ يتخذّوا الخطوات التي يمكنها أن تغير مجرى التاريخ في المنطقة، على حدّ قوله.

ولم يجد في إقناع المستمعين بإستراتيجيته في الفوز على نتنياهو، خلال الانتخابات المقبلة (الذي يترأس الحكومة منذ العام 2009)، سوى الرهان على أنّ الإسرائيليين سيعون في نهاية المطاف أن نهج نتنياهو الذي أرسى مؤخرًا المقولة: العيش بحكم السيف وحده غير قابل للاستمرار، ولكنّه أضاف أنّ التسوية مع الفلسطينيين قد تتحقق على الرغم من أنّ الواقع يبدو كئيبًا الآن، وحزينًا ومروعًا، على حدّ تعبيره. أمّا فيما يتعلّق بموارد التمايز عن نتنياهو في عملية التسوية، فاقتصر على تعهده بتجميد البناء في المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية، التي يتفق مع "الليكود" على ضمّها لإسرائيل في أي تسوية نهائية، وأنّه سيتحدث أمام البرلمان الفلسطيني في رام الله لكي يُثبت أنّ الجانبين يفهمان آلام بعضهما. علاوة على ذلك، رأى هرتسوغ أنّه ينبغي أنْ يكون هناك اعتراف متبادل بالدولة القوميّة لكلٍّ من الدولتين، والقيام بترتيبات أمنية صارمة على الجانبين، بما فيها احتفاظ إسرائيل بغور الأردن ممرًا أمنيًا.
ومع ذلك، لم يستبعد هرتسوغ دعم نتنياهو في حال تقديمه اقتراحًا لإحداث ما وصفه بالتغيير التاريخيّ في الشرق الأوسط. ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ العديد من التقارير الصحافيّة العبريّة، أكّدت نهاية الأسبوع الحالي، على أنّ نتنياهو قد يتنازل عن حزب (البيت اليهوديّ) في التوليفة الحكوميّة الحاليّة، لكي يتمكّن من ضمّ "المُعسكر الصهيونيّ" إلى الحكومة، خصوصًا وأنّ استطلاع الرأي العام، الذي نُشر يوم الجمعة الماضي، أكّد على ثبات قوّة نتنياهو، مُقابل انخفاض رالتأييد للمعسكر الصهيونيّ ولحزب "البيت اليهوديّ"..

تصميم وتطوير