عندما تقول اسرائيل لا منذ نصف قرن والعالم لا يفهم فهي في مشكلة

05.12.2015 04:07 PM

وطن: كتب يوئيل ماركوس

كان ينبغي للبروفيسور يهودا باور ان يغير اسم كتابه الجديد، “الشعب الوقح” الى “الشعب الخرمان”. وذلك ليس فقط كي يزيد مدى انتشاره، بل وايضا لان العنوان المقترح يعكس على نحو أفضل بكثير ما يحصل هنا على المستوى السياسي – القطاعي، بمناسبة الاطاحة بالنجم اللامع ينون مجيل من حياته السياسية التي تذوقها  لتوه. امرأة من الماضي كشفته كمتحرش من الايام التي كان فيها رئيسها، ولكنها لم تتذكر الا الان كم كان هذا مؤلما لها. وعلى عادة القصص من هذا النوع، سرعان ما ظهرت امرأة اخرى أو اثنتان تذكرتا هما ايضا بان مجيل داعب مقعدتيهما، بما في ذلك واحدة صعدت الى القطار “ولكنها لم تنضم الى الشكوى الاصلية”.

لم يتبقَ أمام مجيل مفر غير انقاذ نفسه من دعوة قضائية من خلال الهرب من السياسة. صحيح أنه شاب لطيف، ولكنه ليس اكثر ذكاء من ذاك الذي هو خرج الوحدة الخاصة سييرت متكال الذي بعد أن امسكت به زوجته في انشغال جانبي تعهد بان يضمها لكل سفرياته الى الخارج، وهذا ساري المفعول حتى اليوم. ولاحظ من لاحظ، بان العالم يتغير. في فرنسا يوجد ارهابيون. اما عندنا فيوجد خرمانون. ليس شرطية واحدة اجبرت على ان تكون عميدة (بالعبرية رتبة عميد هي تحت لواء) بكل ما في الكلمة من معنى. في شرطة معظم ضباطها الكبار يصعدون في الوزن بشكل لا يعقل، ربما تذكيرا بعهود كانوا يكرمون فيها بالكباب في الرغيف حين كانوا يخدمون كشرطة، فان خنزيرية الشرطة غير مفاجئة حقا.

قرأت في استطلاع ما بان الهنغاريين هم الشعب الخرمان الاكثر في العالم، بعدهم يأتي الاسكندنافيون وبعدهم الامريكيون، ولا سيما من خلال السايبر سكس (الجنس الالكتروني). معلومات عن اسرائيل لم تندرج في الاستطلاع، ولكن القصص عن الخرمانين في القيادة التي كانت ذات مرة لا تنقص: عن موشيه دايان وعيزر وايزمن، ناهيك عن الرئيس الذي لا يزال يقضي سنوات حكمه بالسجن على افعال زائدة في المجال الجنسي، وعن زوجة الرجل الاعلى في الدولة، التي اعطت عينها في الكأس واطلقت يديها الى ركبتي الرجال في اللقاءات الاجتماعية. اللواء اسرائيل طل، مخترع دبابة مركفا، درج على أن يقول للمجندات الجديدات “قلن كل الوقت “نعم يا قائد” وكان ذاك رئيس الاركان الذي كانت يداه في كل شيء لدرجة أن الزوج المخون بعث ببزة رئيس الاركان الذي امسكه في سريره مباشرة الى دافيد بن غوريون (الذي بالمناسبة وجد مبررا توراتيا لهذه الخيانة التاريخية). وبالطبع، في اجواء عصرنا فان احدا لن يعترف بما فعله، قاله او لمح به كي يتمتع بالمنصب.

في الساحة السياسية يرحبون بقرار مجيل الاستقالة. “السحابة زالت”، وكأنه. ولكن التحرشات الجنسية سائدة في كل مكان، وحسب المعطيات الرسمية فان واحدة من كل ثلاث نساء شهدت تحرشا جنسيا من نوع ما مرة واحدة على الاقل في حياتها. في الجيش الاسرائيلي يدور الحديث عن مئات الشكاوى كل سنة. على أي حال، اليوم، لم يعد يوجد مكشوفون في حجرة الدبابة، بل مكشوفات في سيارة الشرطة.

ما هو بالضبط الحرش الجنسي؟ ما هو ليس كذلك في واقع الامر. تدقيق النظر، التصفير، الحديث او التلميح بالقدرة الجنسية، الاحتكاكات “بالخطأ” بالمواضع الحميمة للجسد، الضغط لتحديد موعد غرامي، اللمسات والعناقات غير المرغوب فيها، الامساك المفاجيء للصدر، مداعبة المقعدة، استخدام تعابير محظورة، هدايا غير محترمة، مثل الملابس الداخلية، التصفيرات او تقليد بعض الحيوانات، اللمس، الاحتكاك او الالتصاق بالجسد، الاقناع لتقديم خدمات جنسية، ومن حظنا أن الرجال ايضا محميون في ذات القانون.

باختصار، هذه ليست انتفاضة ثالثة، هي حرب جنس. ولكن لا حاجة للفزع اكثر مما ينبغي. فرضنا ان الصحف مليئة بهذه القصص، فليس على هذا ستقوم او تسقط الدولة. السؤال اذا كانت كلمة “يا زاكي” هي تحرش جنسي أم لا، قد يكون لذيذا، ولكنه لن يحل مشاكلنا. فعندما تقول واحدة ما لا، من المهم ان نفهم ماذا تقصد. ولكن عندما تقول اسرائيل لا منذ خمسين سنة والعالم لا يفهم ماذا تقصد، فاننا في مشكلة حقا.

تصميم وتطوير