وباء الجراد يهدد مصر.. والتغيرات المناخية تساعد على انتشاره

18.11.2015 05:38 PM

رام الله - وطن:  حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" من غزارة الأمطار التي سقطت مؤخراً على دول شمال غرب إفريقيا، والقرن الإفريقي، واليمن؛ لمساعدتها على تكاثر الجراد الصحراوي، مؤكدة الحاجة إلى رصد دقيق على مدى الأشهر الستة المقبلة؛ لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب مدمرة.

وأوضحت "فاو" في تقرير لها أن الحالة العامة في البلدان المتأثرة بالجراد الصحراوي، ظلت هادئة خلال شهر أكتوبر، ولم يكتشف سوى نشاط تكاثر محدود النطاق، لكن من المتوقع أن يتغير الوضع، كنتيجة مباشرة لظاهرة “النينيو” والإعصارين المدارين "شابالا، وميغ" في شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي.

وأوصت المنظمة بضرورة المراقبة من خلال الإنذار والاستجابة في وقت مبكر؛ لأنه الحل الوحيد للحد من التهديد الذي يمثله الجراد الصحراوي على المناطق الزراعية، موضحة أنه متبع عقب هطول الأمطار الغزيرة أن تجري البلدان المتأثرة عمليات مسح ميدانية على نحو منتظم؛ لرصد ظروف التكاثر روتينيا وتقييم إمكانيات حدوث غزو جرادي، وفي حالة اكتشاف مناطق موبوءة ذات دلالة، لابد من تنفيذ عمليات المكافحة؛ تجنباً للمزيد من التصعيد في أعداد الجراد، ومن الأهمية بمكان الإبلاغ عن نتائج عمليات المسح والمكافحة الجارية بسرعة بالغة ودقة عالية، لكي يتسنى اتخاذ قرارات فورية من جانب البلدان المجاورة منعاً لتواصل انتشار الجراد وتوسعه.

وأكد التقرير أن التغيرات المناخية الحالية تساعد على انتشار وباء الجراد، فارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تقصير فترات الحضانة والنضج، مما يؤدي إلى زيادة عدد أجيال الجراد في السنة الواحدة، في حين أن الامطار والفيضانات تساهم في تفشي الجراد، ويمكن أن تصل به إلى اجتياح وبائي.

ومن جانبها، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في الإدارة المركزية لمكافحة الآفات، عن خطة للطوارئ في 13 قاعدة رئيسية و52 قاعدة فرعية تنتشر بالمناطق الحدودية في حلايب وشلاتين وشرق العوينات والواحات والساحل الشمالي الغربي للبلاد؛ لمنع تكرار سيناريو عام 2005 عندما تعرضت البلاد لأكثر من 150 سربًا من الجراد، تسببت في تدمير أكثر من 50 ألف فدان، وتنفيذ خطة عاجلة لمواجهة حدوث أي تكاثر للجراد في مناطق خليج عدن واليمن وإثيوبيا والسودان خلال فصل التكاثر الحالي.

ويقول الدكتور محمد حسن سليمان، بمعهد بحوث وقاية النباتات فى مركز البحوث الزراعية، إن محتوى التربة من الرطوبة يعد عاملا مساعدا في عملية فقس بيض الجراد، فكلما زادت "رطوبة الاستحراث" زادت عملية فقس البيض وظهور الحوريات، مطالبا بضرورة استمرار عملية المراقبة للعوامل المؤدية لسرعة انتشار الجراد، عملا بمبدأ "الوقاية خيرا من العلاج"، خاصة في ظل موجة التغيرات المناخية التي نمر بها، بخلاف تشكيل فرق المراقبة الأرضية التي يجب أن تكون مكونة من الجهات ذات الصلة بالمناخ "الأرصاد الجوية، ومعمل المناخ، ومعهد أمراض النبات، وهيئة الاستشعار عن بعد" للتنبؤ بأماكن بؤر الإصابة الممكنة حتى يتم محاصرتها في المناطق الحدودية قبل وصولها إلى مناطق الزراعات.

وأضاف “سليمان” أن طبيعة التربة تعد أحد العوامل المؤثرة في انتشار الجراد، فالرملية منها غير ملاءمة لوضع البيض، مثل حدودنا الغربية مع ليبيا؛ لأنها سريعة الجفاف، خاصة الطبقة السطحية  التي يتم وضع البيض فيها، مؤكدا أن معرفة طبيعة التربة ونوعها وتحديد الأماكن المعرضة للأمطار بغزارة وعلى فترات قريبة، كلها عوامل تحدد كيفية مكافحة الجراد، فلابد من تحديث الخرائط وفقا للتغيرات المناخية “أمطار، ونسبة الرطوبة، وسرعة الرياح واتجاهاتها”.

وأوضح باحث النباتات الزراعية أن هناك طريقتين لمكافحة الجراد، الاولى المكافحة الهوائية، التي يستخدم فيها الرش بالمبيدات عن طريق الطائرات، ونسبة نجاحها تتراوح بين 80 إلى 100 %؛ لأن أسراب الجراد تكون منتشرة في مساحة كبيرة تمثل عشر أضعاف المساحة التي يصيبها في الأرض، والثانية المكافحة الأرضية، وتعد الأفضل لمحدودية المساحة المصابة ونسبة نجاحها تكون 100 %.

أشار “سليمان” أن الهدف من هجرة الجراد، الحصول على الغذاء لاستكمال مراحل نموه، مطالبا بضرورة عمل سياج  ”سور” من حطب الذرة حول المزروعات المعرضة للإصابة؛ لمنع وصول الحشرات إلى مصدر الغذاء، بالإضافة إلى رشها بالمبيدات، سواء التخليقية أو الحيوية، وفقا للتعليمات المدونة على العبوة، فضلا عن الاهتمام بفترة التحريم وعدم خفضها وفقا لفترة عمر النصف لكل مبيد حتى لا يكون لها تأثير سلبي على صحة الإنسان  في حالة تغذيته على تلك الخضروات، كما أوصى باستخدام الماكينات الثقيلة في دك التربة للتخلص من بيض الجراد، بجانب مكافحة الحشرة الكاملة في البلدان المجاورة المصابة قبل وصولها إلى حدودنا كإجراء احترازي، يحافظ على محاصيلنا من الهلاك.

ومن جانبه، قال المهندس رجب بكري، مدير زراعة البحر الأحمر، إن التغيرات المناخية ذات أثر كبير على سرعة تكاثر الجراد وهجرته ومسارها، فالأمطار توفر البيئة المناسبة لتكاثر الجراد ووضع البيض في التربة ذات المحتوى الرطوبي المرتفع والتي تغطي بكساء من النباتات الخضراء اللازمة لتغذي الحشرة كاملة النضج والمناسب لعملية فقس البيض، لافتا إلى أن المنخفضات الجوية لها تأثير على تغيير اتجاه الجراد أثناء رحلته السنوية، كما حدث في مصر عام 2005، عندما تكون منخفض جوي في البحر المتوسط فجذب الجراد المتواجد بليبيا وموريتانيا.

ونفى “بكري” منع دخول الجراد إلى مصر، لكن يمكن اتخاذ الخطوات الاحترازية والاستعدادات اللازمة لمكافحته فور وصوله إلى الحدود ومقاومته بالمبيدات الحشرية قبل أن يتوغل داخل البلاد ويصل إلى المناطق الزراعية التي تصاب بخسائر جسيمة نتيجة تغذي الجراد على كل ما تقابله من نباتات بعد رحلة هجرة طويلة لا تتغذى خلالها.

تصميم وتطوير