هل يشكل هجوم باريس انعطافا فعليا في السياسة والفكر الاوروبيين

16.11.2015 03:48 PM

وطن:  كتب  عاموس غلبوع

تشكل العملية في باريس، حاليا، ذروة موجة العمليات الاستعراضية لداعش في الشهر الاخير ضد اهداف اعدائه: اسقاط الطائرة الروسية في سيناء، العملية الانتحارية ضد حزب الله في مصدر سيطرته في بيروت؛ والان باريس، رمز الثقافة الغربية.
تشكل هذه العمليات الجماهيرية خروجا عن استراتيجية داعش، الذي تبنى حتى الان تثبيت الذات اقليميا في “دولة اسلامية”، مقابل استراتيجية تنظيم القاعدة، الذي تبنى العمليات الاستعراضية. والمعنى هو اغلب الظن انه سيكون لذلك تواصل. معقول ان يتطلع تنظيم القاعدة الا يتخلف عنه. مستقبل مليء بالارهاب بانتظار الغرب.

امامنا فشل استخباري مدوٍ، ولكن اكثر من هذا بكثير، يعد هذا فشلا استراتيجيا وفشلا فكريا. فاستراتيجية الحرب ضد داعش مع الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة، التي اكتفت بالكلام وبالقصف الجوي، اثبتت نفسها عديمة الجدوى. فالفكر الذي يرفض الاعتراض بان الغرب يوجد في حالة حرب ضد الاسلام المتطرف، وان الحرب هي ضد قيم الغرب الليبرالية وثقافته المسيحية واليهودية، وانه في هذه الحرب (على الاقل لدى الاوروبيين) – تقف حريات المواطن وحقوقه فوق الامن الجماعي للسكان – تلقى ضربة قاسية.

ان الحدث في باريس هو حدث تأسيسي لفرنسا واوروبا؛ حدث مهين، مساوٍ في القيمة لعمليات 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة. ولهذا فان المسألة الاساس هي التالي: هل يشكل هذا الحدث بالفعل انعطافا في السياسة والفكر الاوروبي، مثلما هو انعطافة في منظومة الموقف الدولي من ارهاب الاسلام المتطرف؟ ام ستكون هزة، سيكون تغيير هنا وهناك، ولكن ليس انعطافة؟ في مفهوم الهزة قصدت الا يغير الغرب فكره، والا يقول الرئيس اوباما بانه يوجد ارهاب اسلامي. ومع أن الاجراءات الامنية في اوروبا ستزداد وتشتد وسيتعاظم القصف على داعش، ولكنهم لن يشنوا عليه حربا شاملة. بمعنى انهم سيحدثون اصوات حرب وسيكون الكثير من الكلام والمؤتمرات.

لقد احدثت عمليات 11 ايلول في الولايات المتحدة انعطافة في موقف الادارة الامريكية (في حينه برئاسة بوش): هجوم بري على قواعد القاعدة في افغانستان وتشريع قانون “حماية الوطن”، الذي لم يتردد بالمس بحقوق المواطن. هل ستكون اوروبا مستعدة لان تضحي بفكرتها التأسيسية عن حقوق الفرد في صالح الامن؟ هل الغرب، الى جانب روسيا سيكون مستعدا لان يخرج في حرب حقيقية ضد الاسلام المتطرف ويدخل في حرب برية كي يحتل عاصمتي داعش: الرقة في شرق سوريا والموصل في شمال العراق؟
واين اسرائيل؟ الان نحن لسنا في قائمة اولويات عمليات داعش. ولكن دورنا سيأتي في وقت ما في ثلاث جبهات: حيال سيناء، حيال هضبة الجولان (مشروط بالتطورات في سوريا) وفي خارج البلاد، في كل المؤسسات الاسرائيلية واليهودية.

لا يحتاج داعش لـ “التحريض” كي يضربنا. فهذه ايديولوجيته، مثل حماس، فتح، حزب الله وايران. يوجد تطور محتمل ينبغي أن يقلق اسرائيل ويتعلق بسوريا. يصعب علي أن اتحرر من الاحساس بان اوباما ووزير خارجيته سيستسلمان لبوتين وسيوافقان على بقاء الاسد في الحكم، في هذه التركيبة أو تلك. وهذا يعني انتصار لايران ولحزب الله، وهذا يعني أن من شأننا أن نقل حيال ايران وحزب الله في هضبة الجولان. عشرة اضعاف اخطر من داعش.

تصميم وتطوير