نحو 78 في المئة من سكان القدس فقراء، 84 في المئة من أطفالها تحت خط الفقر

26.05.2012 09:37 AM
رام الله – وطن للانباء – عن القدس - تتصدر القدس اليوم البلدات والمدن الفلسطينية الخاضعة لإسرائيل والتي تعاني الفقر، إذ يصل عدد الفقراء فيها إلى نحو 78 في المئة من سكانها ويعيش 84 في المئة من أطفالها تحت خط الفقر. وحذّرت "جمعية حقوق المواطن" الإسرائيلية من خطورة استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية وتأثير سياسة إفقار المقدسيين التي تمارسها إسرائيل على اقتصاد المدينة. وأظهر بحث أعدته الجمعية حول تأثير السياسة الإسرائيلية على الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين، ان إسرائيل حققت تقدماً كبيراً في سياستها تجاه المقدسيين لجهة عزل سوق العمل في القدس الشرقية وإضعاف الجمهور الفلسطيني وانتهاك حقوقه في شكل مستمر، كما جاء في تقرير صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم السبت.

ودعا معدو البحث إلى سياسة مغايرة تجاه القدس والبحث الفوري في تحسين الوضع الاقتصاديّ والتشغيلي من خلال تأمين حلول للوضع الخاص الذي وصل إليه سكان القدس الشرقيّة. وتحت عنوان "سوق عمل معزول وهزيل" حذّر البحث من خطورة عزل سوق العمل في القدس الشرقية بسبب السياسة الاحتلالية في المدينة، التي قضت على فرص تطويره. وتأثر المقدسيون الذين يعملون في الزراعة والتجارة من مشاريع الاحتلال، خصوصاً من إقامة جدار الفصل، وباتوا يواجهون صعوبة كبيرة في المتاجرة مع الضفة الغربية إذ وضعت نظم جديدة لنقل المنتجات الزراعية بكميات تجارية من الضفة الغربية إلى داخل إسرائيل من خلال طريقة "ظهر إلى ظهر" فقط في المعابر المخصصة لهذا الجانب. وهذه النظم تعقّد المتاجرة وتجعلها باهظة الثمن، إذ يطلب ممن ينقل مواد غذائية بكميات تجارية من الضفة الغربية إلى منطقة القدس ان يصل إلى معبر عوفير في ساعات وأيام محددة يُفتح فيها المعبر، ودون ذلك فلا مجال أمامه للمتاجرة.

وانعكست سياسة الاحتلال أيضاً على أصحاب المصالح في مجالات الفنادق والمطاعم والمجالات المتفرعة عنها، إذ ألحقت بهم ضرراً كبيراً، فالتدهور الأمني والعزل الذي خلقه جدار الفصل من جهة، والأزمة الاقتصادية العالمية من جهة أخرى، أدت إلى تراجع كبير في السياحة الداخلية والخارجية على حد سواء. وتبيّن انه خلال السنوات العشر الأخيرة أغلقت أكثر من خمسة آلاف مصلحة تجارية فلسطينية في القدس. وتنعكس خطورة السياسة الإسرائيلية على اقتصاد المقدسيين عند الحديث عن احتمال إغلاق المنطقة الصناعية الوحيدة في المدينة، والقائمة في وادي الجوز المجاور للبلدة القديمة وفيها عدد محدود من الصناعات، معظمها ورش تصليح سيارات يقدر عددها بنحو 162 ورشة. ووزعت بلدية القدس أوامر إخلاء لأصحاب المصالح بذريعة الحاجة إلى توسيع الشوارع، ولأن هذه الورش تقع في قلب حي سكني، على حد ادعاء الإسرائيليين.

صعوبة انخراط النساء

وتعتبر المرأة المقدسية أكثر المتضررين من الوضعية الاجتماعية والاقتصادية المتدنية ومن النقص في أُطُر التعليم لها ولأبنائها، ومن النقص في أماكن عمل ملائمة. وتشير الإحصاءات إلى ان نسبة النساء الفلسطينيات من القدس الشرقية اللواتي ينخرطن في سوق العمل لا تتعدى 15 في المئة، وأن اكثر من 70 في المئة لا يخرجن إلى العمل. وتقتصر وظائف السيدات اللواتي يعملن على دوامات جزئية وتكون بمعظمها في مجال التربية والتعليم ووظائف مكتبية في القطاع الخاص كما تضطر النساء إلى العمل في تنظيف المكاتب والبيوت وصيانتها في القدس الشرقية والغربية التي يسكنها يهود.

والمشكلة الأكبر لدى النساء أنهن يعملن عن طريق شركات لمقاولين ينتهكون حقوقهن الأساسية. فجميعهن يعملن بأجور زهيدة للغاية ما يضطر المرأة أحياناً إلى تفضيل البقاء في البيت وعدم الخروج إلى العمل. وفي شكل عام يواجه فلسطينيو القدس عوائق أخرى تنبع من الوضع السياسي والظروف الخاصة للقدس الشرقية. فالتوترات الاجتماعية والسياسية بين اليهود والعرب في المدينة تؤثّر في الحياة اليومية، ومن ضمن ذلك في الذين يعملون جنباً إلى جنب أو يقدمون الخدمات لعموم السكان. ويتفاقم هذا التوتر عند نشوب أزمات، وفي بعض الحالات المتطرفة تنشأ بين الطرفين مضايقات جسدية تنتهي بطرد العمال العرب من أماكن عملهم.

وفي عائق آخر للعمال الفلسطينيين تشدد إسرائيل على إلزام أصحاب العمل اليهود بالطلب من العمال الفلسطينيين تقديم شهادة "حسن سلوك" حول ماضيهم، على رغم ان هذا الطلب مخالف للقانون الإسرائيلي الذي يحدد سرية التسجيل الجنائي وعدم نقل معلومات منه إلا لصاحب الشأن نفسه أو لجهات معينة حددها القانون. وبسبب الأوضاع الأمنية المتوترة وأحداث الانتفاضة والمواجهات التي تشهدها القدس، فإن نسبة كبيرة من المقدسيين تسجل ضدهم مخالفات جنائية، وهي في الأساس على خلفية أمنية، ما يمنعهم من العمل.

حلول من دون أمل

ووضعت "جمعية حقوق المواطن" في البحث عدداً من الحلول التي يمكنها إنقاذ الوضع الاقتصادي لسكان القدس. لكن الأمل في تنفيذ هذه الحلول يتضاءل مع مواصلة سياسة الاحتلال في القدس الهادفة إلى تحقيق خريطة ديموغرافية تضمن القدس مدينة بأكثرية يهودية مطلقة. ومن بين الحلول التي تطرحها الجمعية، ضمان مكافآت خاصة ومساعَدة أصحاب المصالح التجاريّة الذين تضرروا جراء بناء جدار الفصل الذي عزَلَهم عن جزء كبير من زبائنهم. ومنح المكافآت للشركات التي تؤمّن فرص عمل إضافية للسكّان، والإبقاء على المنطقة الصناعيّة في وادي الجوز لكونها تقدّم فرصاً تشغيلية.

وتتضمن الحلول إيجاد سبل منح التسهيلات للمبادرين من قطاع الأعمال والتجارة الذين يرغبون في الاستثمار في القدس الشرقيّة وتشجيعهم على إقامة المتاجر في الأحياء السكنيّة. توسيع أُطُر التأهيل المهني، وابتكار برامج للخروج إلى العمل على نحو يفضي إلى الانخراط في وظائف متنوّعة، خصوصاً في المجالات التي تعرض أجراً مرتفعاً وشروطَ عمل جيّدةً. إلى جانب بناء مسارات خاصة بشروط مريحة لمن يريدون الحصول على اعتراف إسرائيلي من أصحاب الألقاب الأكاديمية والشهادات المهنيّة من جامعة القدس الفلسطينية، إضافة إلى بناء روضات أطفال بلديّة تمكن الأمّهات من الخروج إلى العمل. واقترحت تعزيز الرقابة على حقوق العاملين، بما في ذلك دفع أجور منصفة تساوي على الأقل الحد الأدنى من الأجر، وتطبيق حظر طلب المشغلين السجل الجنائي من المرشحين للعمل، وتطبيق حظر التمييز في أماكن العمل.
تصميم وتطوير