العمل الانتفاضي... لا، ليس لنا شكل الضفادع

09.10.2015 10:08 AM

كتب: حمدي فراج

يزداد تحيّر الناس عموما والمنتفضون خصوصا، مع كل يوم تطويه الانتفاضة من عمرها، ومع كل شهيد يرقى ويروي بدمه الزكي بساتينها، ويرفع بالتالي منسوب محاصيلها، ينتابهم القلق الى اين تمضي واي الطرقات تسلك وايتها تتجنب، ومنذا الذي سيقطفها، وهل يكون القطاف ثمرا ناضجا ام فجا وعجرا، كما مع الانتفاضة الاولى.

إن العمل الانتفاضي هو عمل اعجازي وابداعي تقوم به الشعوب الحية التائقة الى الحرية والانعتاق، بالرغم من كل المعوقات الهائلة التي توضع في الطريق لتحول دون ذلك، وتكرار هذا العمل الانتفاضي وتركيمه عبر عشرات السنين، يؤدي في المحصلة الى ما هو ابعد من النصر وأرقى، يقود الى خلق حالة من الوعي المتقدم تواصل ما بين الاجيال، حالة من الوعي الجمعي، تعجز كل الجامعات والكليات على ترسيمها وترسيخها على هذا النحو لمئات من السنين. كما مع السجون الاسرائيلية التي حولها المعتقلون الفلسطينيون في مرحلة ما، الى أقرب ما يكون من الاكاديميات الثورية.

العمل الانتفاضي، هو الذي من شأنه ان يذلل الصراعات والخلافات السياسية التي فشلت كل الجهود والمحاولات على مدار سنوات لرأب صدعها، كما مع فتح وحماس، او اي فصيلين آخرين، او بين الفصيل وذاته، لأن كل فصيل سيشعر بحاجته للفصيل الاخر، والانتفاضة بحاجتيهما معا، والا فانها ستطوي المتخلفين عن ركبها كي تواصل مسيرتها الى الامام. ذلك ان الوقت اصبح من دم.

ويجّب العمل الانتفاضي ما قبله من اخطاء وقصورات، كما الاسلام على سبيل المثال والتاريخ، وخلال سنوات السلطة، ارتكبت اعمال فساد هائلة، ربما ما زال بعضها قائما وماثلا. في الانتفاضة الاولى، جبّت عن عملاء، كان يكفي ان يمثلوا امام الناس في الجوامع للاعتراف والاعتذار والتوبة."ليس ثمة نقد للمذهب الخاطيء افضل من العمل الثوري الانتفاضي" لينين.

في العمل الانتفاضي، ينتقل الناس لاول مرة من الدفاع الى الهجوم، صحيح ان هناك محاولات هجومية دائمة دفاعا او انتقاما، ولكنها في الغالب فردية او محدودة، وفي احسن الاحوال مناطقية، كما مع القدس التي عمليا تشهد مثل ذلك منذ سنتين تقريبا، وتأجج فعلها الاتفاضي بعد حرق ابنها محمد ابو خضير حيا.

في الانتقال من الدفاع الى الهجوم، يرد اولاد الانتفاضة على قصيدة "المهرولون" الرائعة للشاعر الكبير نزار قباني في نقده اتفاقية اوسلو : "وتزوجنا بلا حبٍ.. من الأنثى التي ذات يومٍ أكلت أولادنا.. مضغت أكبادنا.. و أخذناها إلى شهر العسل.. و سكرنا.. و رقصنا.. و استعدنا كل ما نحفظ من شعر الغزل.. ثم أنجبنا, لسوء الحظ, أولادا معاقين.. لهم شكل الضفادع". يرد اطفال الانتفاضة بشكل أروع : لا، لسنا معاقين، ولسنا ضفادع.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير