تل أبيب: روسيا عادت للتصرف كدولة عظمى

03.10.2015 03:40 PM

وطن - وكالات: على الرغم من الأوضاع الأمنيّة المتدهورة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، الأمر الذي يقضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب، إلّا أنّ الإعلام العبريّ على مختلف مشاربه، يُحاول سبر غور أبعاد وتداعيات التدّخل العسكريّ الروسيّ في سوريّة، كما أنّ الخبراء في إسرائيل لا يخفون قلقهم العارم من هذا التدّخل، مُشدّدّين على أنّ الهدف الرئيسيّ منه هو إبقاء نظام الرئيس السوريّ،  بشّار الأسد.

وفي هذا السياق، قالت محافل رفيعة في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في حديث خاص مع موقع (WALLA) العبري أمس، إنّ أهداف الهجمات الجوية الروسية في أرجاء سوريّة هي توسيع نطاق السيطرة الجغرافية لنظام الرئيس الأسد، مضيفةً أنّ الهجمات ركزت حتى الآن على تنظيمات عسكرية غير داعش، كـ"جيش الفتح" و"الجيش السوري الحر"، بهدف إضعافها تمهيدًا لخوض مواجهة برية معها، على حدّ تعبيرها.

علاوة على ذلك، لفتت المصادر عينها إلى أنّ التقدير في إسرائيل يرى أن الجيش الروسي، من خلال هجماته الجوية، يمهد الطريق ويعدّ الأرضية ميدانيًا لعملية برية واسعة في شمال سوريّة، وتحديداً في منطقة إدلب واللاذقية، يشارك فيها الجيش السوري إلى جانب عناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيرانيّ.

ومع أنّ الإعلام العبريّ أمس انشغل إلى حدٍّ لافت بالتقارير الواردة من وكالات الأنباء الدولية حول معركة قريبة في منطقة إدلب وشمال سوريّة، إضافة إلى ما ورد في حديث المصادر في رئاسة الحكومة في تل أبيب، إلا أنّ اللافت أكثر أنّ التعليقات والمواقف حول ذلك كادت تكون معدومة، وعلى غير عادة امتنع الإعلام عن نقل ما يشير إلى الموقف الإسرائيلي من هذه التطورات.

مع الإشارة إلى أن حجم التغطية الخبرية نقلاً عن الوكالات كان كبيرًا جدًا، واحتل أمس صدارة النشرات الإخبارية في قنوات التلفزة، والمواقع الإخبارية العبرية على الانترنت، جنباً إلى جنب، مع قتل المستوطنين الاثنين في الضفّة الغربيّة وخطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة.
وقد يعود ذلك إلى إعلان الناطق الرسمي بلسان الجيش الإسرائيلي عن زيارة نائب رئيس أركان الجيش الروسي، نيكولاي بوغدنوفسكي، إلى تل أبيب، يوم الثلاثاء المقبل، قيل إنّها ستستغرق يومين، يجتمع خلالها بنائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال يائير غولان، لبحث العلاقات الثنائية والتنسيق بين الجانبين.

وأشار بيان الناطق العسكري إلى أنّ بوغدونوفسكي والوفد المرافق سيناقش في تل أبيب المسعى الإسرائيلي حول آلية تنسيق في المنطقة السورية، التي من شأنها أن تمنع الاحتكاك بين سلاح الجو الإسرائيلي ونظيره الروسي في الأجواء السورية. وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت أمس عن مصادر لبنانية مطلعة أنّ مئات من القوات الإيرانية البرية وصلت إلى سوريّة منذ حوالي عشرة أيام للمشاركة في عملية برية شمال البلاد، وأضافت أنّ حزب الله يستعد هو الآخر للمشاركة في هذه العملية.

وأضافت المصادر نفسها أنّ العملية البرية التي سينفذها الجيش السوري مدعومًا بالقوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله ستُواكبها غارات تشنها الطائرات الروسية. من جهته، أكّد البيت الأبيض أنه ليس باستطاعته تأكيد هذه التقارير، ولكنّه أضاف أنّ أي تطور من هذا النوع سيكون توضيحًا قويًا وجليًا بأنّ تحركات روسيا العسكرية زادت الصراع سوءً. في السياق ذاته، أكدت صحيفة "معاريف" على أنّ الضربات الجوية الروسية، رغم انتظارها وتوقعها، فاجأت إسرائيل، خاصة أنها هاجمت مواقع تابعة لقوى المعارضة السورية، ومن بينها جماعات مدعومة من الولايات المتحدة، مشيرة إلى أنّ الحشد الروسي الضخم في شمال سوريّة، إضافة إلى التحالف مع إيران وحزب الله، من شأنه أنْ يؤثر بشكل فاعل جدًا في الحرب الدائرة هناك، ويعزز من موقع الرئيس السوري بشار الأسد، في حربه ضد المسلحين.

من ناحيتها، أشارت صحيفة "إسرائيل اليوم"، المقرّبة من نتنياهو، إلى أنّ التدخل العسكري الروسي أكبر بكثير مما كان معروفًا ابتداءً، وأنّ تركيبة القوات الروسية لا تتلاءم مع الهدف المعلن، أي محاربة "داعش". وبحسب الصحيفة، ليس لدى "داعش" طائرات مقاتلة تهدد دمشق، ما يعني أنّه لا حاجة لدى الروس لإحضار منظومات دفاع جوي، كذلك فإن نوعية طائرات السوخوي المتطورة تثير مجموعة من الأسئلة الكبيرة، وأيضًا تثير القلق والتساؤل طريقة إحضار هذه الطائرات إلى سوريّة، وتساءلت الصحيفة: ما معنى أن يجلب الروس طائراتهم الحربية في مسار مخفي والتحليق بها في ظل طائرات النقل العسكريّة؟

ولفتت الصحيفة إلى أنّ الجواب الوحيد المنطقي هو أنّ القوة الروسية مخصصة للعمل ضد جيوش من نوع مختلف، مثل جيش الولايات المتحدة أو التحالف الدولي، أو جيوش نظامية أخرى مثل إسرائيل، وأضافت: لا مفر من التأكيد على أنّ القوة الروسية تهدف إلى التلميح للجميع ولكل الأطراف في الساحة أنّ الروس باتوا هنا، ولديهم حدود واضحة: من يرد الإضرار بالأسد فسيصطدم بسورٍ حديديّ عسكري روسي.

فروسيا عادت للتصرف كدولة عظمى، على حدّ تعبير الصحيفة الإسرائيليّة. من جهته، رأى الجنرال في الاحتياط، يعقوف عميدرور، رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق إنّه يتعين على إسرائيل المحافظة على مصلحتين أساسيتين: الأولى مواصلة بذل كل الجهود لمنع انتقال سلاح كاسر للتوازن إلى حزب الله سواء كان مصدره إيران أو سورية، والثانية الحؤول دون بناء بنية تحتية لمهاجمة إسرائيل خاصة في هضبة الجولان أو في أماكن أخرى. كما أنه من الممنوع، أضاف، أنْ يمس الوجود الروسي الكثيف بحرية عمل إسرائيل في المحافظة على هاتين المصلحتين. ويجب أن يكون هذا مضمون التنسيق الإسرائيلي- الروسي، وعدم التساؤل عما إذا كانت إسرائيل قادرة على الهجوم عند الضرورة بل طرح ذلك كأمر واقع، على حدّ تعبيره. ويجب أن تكون الخطوط الحمراء الإسرائيلية واضحة، وعلى إسرائيل ألا تخاف العمل وفقاً لها. تعرف روسيا مصالح إسرائيل، وتفهم مسؤوليتها في العمل على تحقيقها. صحيح أن هذا يعقده وجود القوات الروسية العاملة على أرض سورية، لكنه ضروري.

تصميم وتطوير