معادلة بتوقيت القدس

18.09.2015 11:25 AM

كتب:حمدي فراج

ترمي اسرائيل من خطوتها العملية تقسيم المسجد الاقصى، الى سلخ القدس بالكامل، مقدمة الى منع اقامة حتى دويلة فلسطينية صغيرة فيما تبقى من اراضي الضفة الغربية التي نهشها الاستيطان وحوّل مدنها الى أقرب ما يكون من المعازل، يتطلب سفر مواطنها من جنوبها الى شمالها يوما كاملا محفوفا بالمخاطر، إن لم يكن بمخاطر جنودها على الحواجز، فمبخاطر سوائب مستوطنيها.

لقد رأينا ولمسنا شواهد ودلائل عديدة، كانت كافية لأن تقيم الحد مع اوهام البعض، آخرها بالطبع قرار حكومة نتنياهو الاخير باعتماد الطفل المقدسي ارهابيا يتوجب قنصه اذا ما هم برشق حجر مما تبقى من حجارتها التي قال عنها تميم البرغوثي "اقتباسات من الانجيل والقرآن"، وهذا يذكرنا باسحق رابين، شريكنا في "سلام القطعان"، الذي قرر في الانتفاضة الاولى تكسير عظام الاطفال، مما اضطره الى انشاء ثلاثة مصانع كبرى لصناعة العصي، فتكسرت على عظام اطفالنا الطرية، دون ان تنكسر ارادتهم.

لكن الشواهد والدلائل على سلخ القدس، بدأت بعد ايام من احتلالها، حين تم ضمها رسميا، واعلانها عاصمة موحدة ابدية للدولة التي لم يكن قد مضى على انشائها اكثر من عشرين سنة. ولآن القيادة الفلسطينية اسقطت من قاموسها الضلع الثالث من مثلث العداء لقضيتنا، اعتمدت الحسن الثاني ملك المغرب رئيسا للجنة القدس والسيادة الهاشمية على مقدساتها، ومات الملكان، وشبعا موتا دون ان يتحرر مترا واحدا منها. ثم تتالت الشواهد، حين أدرجت ضمن الحل النهائي في اتفاقية اوسلو، ليصار الى بحثها بعد خمس سنوات من توقيعها، وها هي قد مرت الخمس سنوات مضروبة في ثلاث (خمس عشرة سنة) دون ان يبدو هناك اي بريق لبحثها. ثم تتالت الاجراءات الاستيطانية فيها ومن حولها، حتى باتت معالم اعتماد القدس الكبرى واضحة مثل الشمس، من عصيون واليعازار ونفي دانيال الى بيتار وافرات وتقوع ونيكوديم وال ديفيد الى ابو غنيم وجيلو ومعالي ادوميم.

وعندما بدأت اسرائيل بمنع سكان الضفة من زيارتها، كان يجب ان نفهم انها محاولات لعزلها عن محيطها الفلسطيني، وكنا نسمع دعوات من بعض مستجدي هذه القيادة ان يقوم العرب والمسلمين بزيارتها لخلق امر واقع، دون ان يدرك هؤلاء انها ممنوعة علينا نحن الذين لا نبعد سوى عنها سوى بضعة دقائق بالسيارة. ان دعوات العرب والمسلمين للتحرك من اجلها واجل اقصاها، هي امعان في نفس الجهالة، فهؤلاء الغارقين في التآمر على اوطانهم وابادة شعوبهم نحرا وقمعا وتهجيرا وتفقيرا، أعجز من ان ينتصروا للقدس ومقدساتها و اطفالها، الذين بقرار القنص الاخير لن يكون محمد ابو خضير الذي احرقوه حيا، آخرهم.

*************

ارفعوا اقلامكم عنها قليلا / واملأوا افواهكم صمتا طويلا / لا تجيبوا دعوة القدس، ولو بالهمس / كيلا تسلبوا اطفالها الموت النبيلا. الشاعر احمد مطر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير