كيماوي داعش في العراق وتوريط دمشق.. سيناريو أمريكي جديد

14.08.2015 06:04 PM

وطن - كتب أشرف الصباغ:  بعد يومين فقط من استخدام تنظيم داعش أسلحة كيماوية ضد القوات الكردية في العراق، بدأ تسريب معلومات حول إمكانية أن يكون التنظيم قد حصل عليها من سوريا.

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، نشرت على موقعها الإلكتروني، الجمعة 14 أغسطس/آب الحالي، أنه وفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن داعش ربما يكون قد حصل على غاز الخردل في سوريا.

وأشارت إلى أن استخدام غاز الخردل يعتبر تطورا في القدرات القتالية للتنظيم، ومبعث قلق في ظل المخاوف الاستخباراتية الأمريكية، بشأن مخازن الأسلحة الكيماوية الخفية في سوريا، حيث يتحكم التنظيم في مساحات واسعة من الأراضي.

الصحيفة أوضحت أن هذا الأمر يثير أسئلة كثيرة حول تطور التهديدات، التي يشكلها داعش وقدرة حلفاء الولايات المتحدة على القتال في أرض المعركة.

ووصلت الصحيفة إلى نقطة مهمة وخطيرة لتشير إلى أن "قوات كردية وسورية معتدلة موجودة في جبهة القتال تقول إنها لا تحصل على دعم أمريكي كاف حاليا لمواجهة القدرات غير التقليدية لتنظيم داعش" ما يعطي انطباعا بأن تلك القوات تطلب ليس فقط زيادة الدعم، بل زيادة التدخل الأمريكي، نظرا لتطور قدرات التنظيم ووصول الأمر إلى هجمات كيماوية.

لقد وقع الهجوم الذى يدور حوله الحديث يوم الأربعاء 12 أغسطس/آب الحالي، على بعد 40 ميلا من جنوب غرب أربيل فى شمال العراق، وأصاب نحو 60 مقاتلا من البيشمركة بشكل ثابت في الحلق، وفقا لتصريحات متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية التي تقوم عناصرها بتدريب المقاتلين الأكراد.

هذا الكلام أكدته أيضا وزارة الدفاع الأمريكية الخميس 13 أغسطس/آب الحالي. غير أن الملفت هنا أن الهجوم الكيماوي لداعش تزامن مع تصريحات رئيس أركان الجيش الأمريكي رايموند أوديرنو، الذي ستنتهي ولايته قريبا، أعلن فيها أن تحقيق المصالحة بين مكونات الشعب العراقي لا ينفك يزداد صعوبة، معتبرا أن تقسيم العراق ربما قد يكون الحل الوحيد لتسوية النزاع، ومستبعدا في الوقت نفسه عودة العراق مستقبلا إلى ما كان عليه في السابق.

لقد كان من الواضح منذ وصول القوات الأمريكية إلى العراق أن سيناريو التقسيم هو السيناريو المركزي لا للعراق فقط، بل لدول عديدة في المنطقة للتخلص من مفاهيم الدولة القومية، وضمان ولاءات دول صغيرة يجب أن تظهر لاستكمال ترتيبات مقومات مرحلة دولية جديدة تحتاج إلى تقسيمات جيوسياسية وجيواقتصادية مغايرة لما قبلها.

وبالتالي، تحدث أودينيرو بثقة تامة عن إمكانية تقسيم العراق، وأن هذا الأمر يعود إلى المنطقة، وإلى الشخصيات السياسية والدبلوماسية في رؤيتها لكيفية تنفيذ هذا الأمر باعتباره الحل الوحيد في الوقت الراهن.

يبدو أن الولايات المتحدة أصبحت بحاجة الآن لإعادة نشر قواتها في العراق، وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، والإصرار على إجراء تغييرات جذرية في سوريا، ولطمأنة حلفائها في الخليج، ووقف أي تمدد لروسيا في اتجاه الغرب.

وبالتالي كان العسكري الأمريكي واضحا حين قال إنه إذا لم يحرز الجيش الأمريكي التقدم الذي يحتاجه في الأشهر القليلة المقبلة، فإن علينا على الأرجح النظر تماما في نشر بعض الجنود مع القوات العراقية، مؤكدا أن وزارة الدفاع الأمريكية تبحث إمكانية إرسال مستشارين عسكريين إلى العراق لمرافقة الجيش أثناء معاركه ضد داعش، الأمر الذي يمكنه أن يسفر عن نتائج.

الكلمات الأخيرة لرئيس الأركان الأمريكي تكشف عن اعتراف بفشل التحالف الأمريكي من جهة، وتضع الجميع أمام خيار واحد فقط من جهة أخرى، ألا وهو إعادة التواجد العسكري الأمريكي في العراق، والذي يجب أن يتولى في هذه المرحلة تقسيم هذا البلد.

كل هذه المقدمات تشير بما لا يدع مجالا للشك أن سيناريو تقسيم العراق على أرض الواقع وبشكل رسمي قد انطلق دون أي رجعة وسيتم وضع المجتمع الدولي، ودول الخليج والشرق الأوسط بالذات، أمام الأمر الواقع باعتبار أن هذا هو الحل الوحيد.

غير أن الأخطر، هو توريط دمشق مجددا في "مستنقع الأسلحة الكيماوية"، وهو ما يمكن أن يكون مقدمة لهدم أي جهود في اتجاه التسوية، وتعزيز المواقف المتطرفة لاستخدام القوة أو نشر قوات على الأرض في سوريا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير