الحفاظ على منطقة الأغوار مسؤولية وطنية

14.08.2015 08:07 AM

كتب:عقل أبو قرع

اظهرت تقارير صحفية، نشرت خلال الايام الماضية، الاخطار المحدقة بمحصول التمر او البلح الفلسطيني، او زراعة النخيل في منطقة الاغوار، نتيجة النقص في المياة، او بالتحديد جفاف ابار مياة جوفية كانت تستعمل لري النخيل وغيرة من المحاصيل، وبعيدا عن محصول النخيل وبالتالي انتاج وحتى تصدير التمر الفلسطيني من منطقة الاغوار، تناقص بل حتى تلاشى انتاج محصول الموز في بعض المناطق في الاغوار خلال السنوات الماضية، والسبب هو اما نقص المياه او زيادة ملوحتها او تداعى خصوبة وانتاج التربة، وهذه الامثلة منبة لنا الى اهمية الاهتمام بل اعتبر الحفاظ على منطقة الاغوار اولوية وطنية، سواء من الناحية الزراعية والانتاج والامن الغذائي، او من الناحية الاقتصادية والتصدير، او حتى من الناحية السياسية وما لاهمال هذه المنطقة من تداعيات على الاوضاع الحالية والمستقبلية.

ونحن نعرف مدى الاهتمام الاسرائيلي، بل الحملات المتواصلة، امن اجل التشبث والاحتفاظ بمنطقة الاغوار الفلسطينية وعدم تركها في حال التوصل الى اي اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي شامل او دائم او حتى الى اتفاق اطار، ولا عجب ان من قام ويقوم بهذه الحملة هم من احزاب او تكتلات سياسية مختلفة، ومن ضمنهم وزراء ونواب وزراء ورؤساء كتل، وكل ذلك من اجل التشبث بمناطق بالاغوار وعدم التفكير في الانسحاب منها او حتى تجميد البناء فيها او التوسع  في المستوطنات المعزولة، والتي في غالبها مستوطنات زراعية، المتواجدة هناك.

ولا عجب بأن يتم المناداة، بأن تبقى منطقة الاغوار جزء من ارض او من دولة اسرائيل، الان وللاجيال القادمة كما ترفع حملة اليمين الاسرائيلي هذا الشعار، وهذا كلة يؤكد كم هي مهمة او حيوية منطقة الاغوار، ليس للجانب الاسرائيلي، ولكن للمواطن الفلسطيني او للدولة الفلسطينية القادمة في المستقبل، من نواحي عديدة متنوعة، منها المياة والزراعة والسياحة والصناعة والثروات المعدنية والتواصل مع الداخل والاهم البعد النفسي والسياسي من خلال التواصل مع الخارج وما يعنية ذلك من معابر وحدود وسيادة واستقلالية، والتنقل بحرية او بسهولة او بكرامة، بعيدا عن التفتيش والتأخير والانتطار والاهانة.

ومعروف ان منطقة الاغوار تشكل حوالي 30% من مساحة الضفة الغربية، وحسب تصنيف المناطق الى ا، وب، وج، فأنها تشكل نسبة كبيرة من المناطق المصنفة ج، اي المناطق المهمة والاستراتيجية، او المناطق التي بقيت وما زالت وحسب اتفاقية اوسلو تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، اي التي وبشكل عام لا يستطيع الجانب الفلسطيني استغلالها او التحكم بها استراتيجيا وما لذلك من خسائر فادحة على الاقتصاد الفلسطيني.

وهذا ما اكدتة تقارير دولية، التي اشارت الى منطقة الاغوار كمناطق لا يمكن للجانب الفلسطيني ان يستخدمها،ومن ضمن ما اشارت الية، هو اهمية الاغوار للاقتصاد الفلسطيني، الذي تمتاز تربتة بالخصوبة العالية ، القادرة على انتاج محاصيل متنوعة، للاستهلاك المحلي وللتصدير، والذي يحوي ثلث احتياطات الضفة من المياة الجوفية، وتأكيدا لاهمية مناطق الاغوار للفلسطينيين، فقد اشار احد التقارير الدولية، الى ان انتاج المستوطنات الاسرائيلية في الاغوار فقط في الوقت الحالي، يصل الى حوالي 500 مليون شيكل سنويا.

وبالتالي فلا عجب من اهمية منطقة الاغوار الزراعية لنا، حيث يمكن ان تكون مناطق الاغوار السلة الزراعية الاساسية للفلسطينيين، اسوة او مقارنة مثلا بمنطقة البنجاب الهندية، التي تعتبر السلة الغذائية لدولة ضخمة مثل الهند، خاصة واننا بحاجة الى توفر المحاصيل الزراعية بالكمية والنوعية وبالسعر المناسب وفي الوقت اللازم، اي اننا بحاجة الى توفر نوعا ما من الامن الغذائي، واننا كذلك بحاجة الى انتاج محاصيل بنوعية متميزة وفي اوقات ملائمة للتصدير، ومنطقة الاغوار هي القادرة على تحقيق ذلك، الان وفي المستقبل.   

ومناطق الاغوار تحوي الارض المستوية، اي الاراضي السهلة المتواصلة، اي التي يمكن الاستثمار فيها او اقامة مشاريع استراتيجية كبيرة وبأنواعها، والتي تحتاجها الدولة الفلسطينية القادمة من اجل الانتاج، والاهم من اجل التشغيل اوالتخفيف من شبح او من غول البطالة الذي بات يشكل هاجسا تقريبا لكل شاب فلسطيني، وبالاخص لكل خريج فلسطيني، ومن هذه المشاريع الضخمة، المطارات والمصانع بأنواعها وشركات التكنولوجيا والخدمات والتصنيع الزراعي وصناعة السياحة.

وفي وضع مثل اوضاعنا من الحاجة المتزايدة للمياة، اي المياة الصالحة، وفي ظل عدم وجود مصادر اساسية للمياة السطحية في بلادنا، فأن خزانات المياة الجوفية التي تحويها مناطق الاغوار هي الحل، للحياة وللزراعة وللاقتصاد وللنشاط البشري، وكيف للدولة الفلسطينية القادمة بأن تحيا وتتقدم وتزدهر بدون مياة، اي بدون مياة الابار الجوفية التي تتواجد في مناطق الاغوار، وكذلك بدون ذلك الجزء البسيط من المياة السطحية للفلسطينيين اي تلك الحصة من نهر الاردن.

ومعروف ان من مقومات او من مكونات الناتج القومي الاجمالي الفلسطيني التي لم تستغل كفاية هي السياحة، واستغلال السياحة ليس فقط للحفاظ على الوضع الحالي ولكن لتحقيق النمو و الزيادة في هذا الناتج القومي، ولكي تنشط السياحة وتحقق الحصة المنشودة في الاقتصاد الفلسطيني فهي بحاجة الى منطقة الاغوار، التي تشمل اقدم موقع في التاريخ، وتحوي اخفض نقطة في العالم، والتي تحوي كذلك مدينة اريحا ومناخها الشتوي المميز وتحوي قصر هشام وتحوي البحر الميت وما يضمة من ثروات واملاح وموقع ومناخ وكل ذلك عوامل جذب للسياح وبأنواعهم، ومن مختلف الاديان والاجناس والاعمار والدول.

وهناك كذلك الصناعة التي يمكن ان تقوم بالاعتماد على السياحة كما هي يمكن ان تقوم على الزراعة، اي الصناعة التي يمكن ان تقوم باستغلال الثروات المعدنية بأنواعها من البحر الميت، وهناك الصناعة التي يمكن ان تستغل المناخ الفريد والتربة المتنوعة التي تحويها الاغوار، من زراعة للنخيل ومن ثم انتاج التمور، او من زراعة الموز او الازهار او النباتات الطبية، او محاصيل او انواع محددة من المحاصيل التي يمكن زراعتها ومن ثم استغلالها صناعيا في الاغوار فقط.

ومنطقة الاغوار، وبالاضافة الى اهميتها الاقتصادية، فأنها مهمة سياسيا ونفسيا للمواطن الفلسطيني، الذي تمنى وما زال يتمنى بأن يكون اسوة او مماثل للناس وللمواطنين في بلدان العالم المختلفة، من حيث السفر والتنقل والاحترام وعدم مشاهدة او التعامل مع قوة اخرى او جهة غريبة، تحكمت و تريد ان تواصل التحكم في مجرى حياتة، وللتخلص من هذا الوضع او من هذه العقدة، يمكن تصور اهمية منطقة الاغوار للمواطن الفلسطيني، وللاقتصاد الفلسطيني، وللمستقبل الفلسطيني وللدولة الفلسطينية.

وليس ذلك فقط، ولكن وحسب تقارير دولية، فأن منطقة الاغوار فقط يمكن ان تدر للاقتصاد الفلسطيني، حوالي مليار دولار سنويا، اذا تم استغلالها بالكامل، اي اذا تم ازالة العوائق الاسرائيلية، فدعنا نفترض اننا وحسب الوضع الحالي، واذا قمنا باعتبار ذلك اولوية وطنية، يمكن تحقيق ليس الاستغلال الكامل، ولكن نسبة معينة من هذا الاستغلال، او بالاحرى العمل ومن خلال المستوى الوطني من اجل الحفاظ على زراعة النخيل وغيرة من المحاصيل في الاغوار، واعتبار ذلك اولوية، وهذا يعني توفير المزيد من الفرص للعمل، والحفاظ على الاسعار، وتوفير المنتج الوطني، والاهم تحفيز القطاع الزراعي كقطاع انتاجي مستدام، في منطقة زراعية حيوية مثل الاغوار.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير