لأنها بلدية... نابلس

14.08.2015 07:36 AM

كتب:سامر عنبتاوي

هي بلدية نابلس ..التاريخ والعراقة ..هي العنوان الوطني والحضاري ..وهي في لجنة التوجيه الوطني وهي في مقاومة (قدوميم والون موريه )وغيرها من المستوطنات ...وهي صفع وطرد الحاخام كهانا الذي حاول اقتحامها ..وهي حاضنة العمل الوطني ..وهي معركة ( ماتورات الكهرباء ) ورفض ربط الشبكة بالشركة القطرية الاسرائيلية ..هي تآلف وتجميع العائلات النابلسية ...هي ببساطة وجه نابلس واكبر مؤسساتها ...هي الحاضنة للجميع وليست عدادا للكهرباء والمياه ..هذه هي بلدية نابلس ..فلنعطها حقها...

ما جرى في الايام القليلة الماضية يضعنا ويضع هذا الصرح الكبير امام منعطف هام ومصيري يتعلق بمستقبل البلدية ويتعلق بالنسيج الوطني والمجتمعي والحضاري للمواطنين ..ولا ابالغ عند القول ان الاحداث لا تؤثر على نابلس فقط ..بل على كافة مدن وربما قرى ومخيمات الضفة ..لان ما حصل من تغير دراماتيكي حمل الكثير من العوامل والمؤثرات ..وايضا وبشكل واضح حمل التأثيرات والنتائج ...ولا اريد الاطالة في المقدمة وسأدخل الى صلب الموضوع ..وبمحاولة عرض الحقائق والوقائع وبتجرد ودون انحياز وبكثير من الشفافية والصراحة ..واعلم ان الموضوع شائك وحساس ولكن لا بد من قول كلمة الحق ولولم تعجب البعض لاننا كما اسلفت امام لحظة مصيرية ..لعل هذا يساهم ولوقليلا بالعبور لهذه المرحلة باقل الخسائر وارجوممن يوافق على الكلام ان يدعم التوجه ..وليعذرني من يختلف معه ...

المجلس البلدي المستقيل له ما له وعليه ما عليه ..هوانتخب وبطريقة ديمقراطية وحصلت قائمة رئيسه على اغلبية ساحقة من الاصوات واستمر بادارة البلدية لمدة تقارب الثلاث سنوات .. خلق خلالها حالة من الارتباك لدى المواطنين في تقييم الاداء الاداري ..وحقق درجة عالية من الانتقاد اللاذع لما اتسم به من الفردية في اتخاذ القرارات ..وفرض رؤية الرئيس في التعامل مع القضايا المختلفة والخلل في التوظيف وادارة الامور المالية مما سبب عجزا دائما متراكما منذ ايام المجلس الاولى ..وكذلك تعالت الشكاوي من سوء المعاملة من قبل الكثير من المواطنين والتحكم والتجبر الذي ربط بشخص الرئيس ..ورغم ذلك فقد كانت مواقف ومتطلبات المجتمع المدني باستمرار تتعلق بالتراجع عن بعض القرارات وتغيير الاسلوب الاداري ولم تصل ابدا للمطالبة باسقاط اواستقالة اوعزل المجلس ..وللانصاف فقد احتوى المجلس على عدد لا بأس به من الكفاءات المهنية والشخوص المحترمة والجدية في العمل والخدمة من قبلهم الا ان هذا الامر اصطدم كثيرا بتفرد الرئيس وعدم اطلاق الصلاحيات لاعضائه اولمدراء الاقسام.

ولعل من اهم القرارات التي حاول رئيس المجلس تمريرها قضية عداد المياه ..وكان موقف المجتمع المدني رافضا للامرمن حيث المبدأ وعبرت مؤسسات نابلس عن رفضها المطلق ودارت النقاشات المتعددة مع المجلس البلدي حول الموضوع باعتبار المياه خط احمر ..والماء يهبه الله للبشر من السماء لتصبح خيرات في باطن ارض نابلس وهي ملك لجميع المواطنين ولا يحق لاحد ان يقطع الماء ولا يرهنها بالقدرة المادية ..مع التأكيد على الدعوة لعمل آلية تسديد مريحة لتراكمات المديونية التي تصاعدت على المواطنين منذ فترة الاجتياحات لتصبح ثقلا على كاهل المواطن مما زاد الامر صعوبة ...ولكن المديونية المتراكمة والتي لا يتحملها المواطنين فقط بل ان جزء كبير منها (حوالي الثلث) هي على المؤسسات السيادية للسلطة ..وكذلك جزء لا يستهان به هوعلى المؤسسات الكبيرة وبعض المصانع والمشاريع الحيوية في البلد ..هذه المديونية رغم حجمها فهي ليست السبب الوحيد في ازمة البلدية المالية..لان تكاليف ضخ وتوزيع المياه ليست كبيرة اذا ما قورنت باثمانها ..ولوتحققت الجباية باعلى مستوياتها تصبح المياه من اكثر الموارد والارباح التي تجنيها البلدية ..كونها لا تشتري المياه وانما تكاليفها تقتصر على عملية الضخ والعمالة والادارة ..ومع ذلك بقي الاصرار على تركيب عدادات المياه رغم الرفض الكبير من غالبية الاطر والفعاليات في البلد مما انذر بقرب اشتعال ازمة حقيقية تؤثر على السلم الاهلي بشكل كبير وتحقق نوعا من الصدام ...وكانت رؤية المجتمع المدني تشدد على ضرورة عدم الاصرار على الموقف لما قد يجلبه الامر من انعكاسات وازمة على البلد ..ولم يكن موقفنا في مؤسسات المجتمع المدني ابدا المطالبة برحيل مجلس منتخب بطريقة ديمقراطية واستبداله بمجلس معين لان ابسط مباديء الديمقراطية تتعلق بحق الناس في اختيار اعضاء بلديتهم بالانتخاب وليس التعيين ..وهذا امر لا مساومة فيه ولا يختلف عليه ابدا من يؤمن بالديمقراطية وحقوق الانسان ...

لكن ما حصل هودعوة بعض المؤسسات والفعاليات من قبل رئيس المجلس وطرح موضوع العدادات عليهم ورغم تفاوت مستويات الرفض للمبدأ مع الاخذ بعين الاعتبار عدم مشاركة جميع المؤسسات في النقاش وانسحاب رئيس المجلس من جلسة الحوار الذي اصر على الاستمرار في موضوع العدادات مما زاد الطين بلة ..وحصل ما تجاوز كل الجهود المبذولة للجم الموضوع ..وتم الاحتكام للشارع بشكل تصاعدي ..وتلاقت وتقاربات المواقف والمصالح وتنامى النقد واشتدت المواقف مما ادى الى حملة استقالات متتابعة من اعضاء المجلس الامر الذي ادى الى تداعي فعاليات البلد للاجتماع لبحث تفاقم الازمة وبدأت الامور بالخروج عن السيطرة وتدخلت الحكومة بايفاد وزيرين لتدارك الامر وقابل الوزيران رئيس البلدية ثم الفعاليات الذين قاموا بتقديم مطلب صريح بحل المجلس البلدي وتعيين لجنة مؤقتة والدعوة لانتخابات مسبقة خلال ثلاثون يوما ...وفعلا وبعد تقديم كافة اعضاء المجلس بما فيهم الرئيس استقالاتهم ..فقد صدر قرار وزارة الحكم المحلي بتعين لجنة مؤقتة من اربع اعضاء ورئيس لادارة شؤون البلدية بعد استلام العهدة من المجلس المستقيل .

هذا ما حصل حتى اللحظة ..ويبقى السؤال : ماذا بعد؟

مرة اخرى المجلس المستقيل اتفقنا ام اختلافنا معه ..انجز اواخفق.. ظلم بضم الظا ام ظلم بفتحها ..تحمل وزر حمل ثقيل ومديونية عالية ام ساهم بزيادتها ..احسن ام اساء الادارة فهومجلس منتخب لا يجوز عزله اوانهاؤه ..ولا يجوز استبداله بلجنة معينة لفترة طويلة من الزمن ...لا يجوز ان نستبدل الانتخاب بالتعيين ..اما وقد قام المجلس بالاستقالة ..وبموجب القانون تم تعيين لجنة مؤقتة .. فيجب ان يقتصر عملها على ادارة الامور الملحة في البلدية والتحضير لانتخابات باسرع وقت حتى يقول المواطنين كلمتهم ..وهذا امر لا تهاون فيه ويجب ان يحمله كل من يحرص على مصلحة البلدية والمواطنين ..كما ان المجلس السابق برئيسه قد قدم استقالته وقد عمل في البلدية فاصاب واخطأ ولا بد من بداية مرحلة جديدة نحومجلس جديد منتخب وعلى المجتمع المحلي بدء التحضيرات لافراز كفاءات مهنية تمتلك الخبرة والمؤهلات العلمية والادارية ونظافة اليد والاخلاص للبلد والانتماء الوطني وتحترم كرامة وحقوق المواطنين.. للمساهمة في انقاذ الوضع وتحمل المسؤولية وعبور المرحلة الصعبة حفاظا على البلدية والمدينة ومؤسساتها ..كما يجب ان يتم ذلك كله باحترام وتطبيق القانون ,,والمحافظة على السلم الاهلي وعدم استغلال البعض للازمة لتحقيق مصالح فردية واجندات ..واحترام حقوق وعقول الناس ..والخروج بمجلس بلدي مؤهل غيور على مصلحة نابلس ..وهذا اقل ما تستحقه نابلس وبلديتها..وبعدها قولوا المقولة الشهيرة ...عمار يا نابلس ...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير