حول تكرار الاخطاء الطبية في القطاع الصحي الفلسطيني

27.05.2015 08:35 AM

كتب: عقل أبو قرع

تثير حادثة انفصال رأس طفل عن جسدة، خلال عملية ولادة، في احدى المستشفيات الفلسطينية، جدلا متكررا وبدون نهاية، حول الاخطاء الطبية، هذا اذا كان هناك اخطاء، وحول الانظمة المتبعة او الموجودة، للتعامل مع  الاخطاء الطبية في حال حدوثها، اوحول اجراءات المتابعة والمراقبة والتقييم المتبعة، هذا اذا كان هناك اجراءت، للتأكد من عدم حدوث الاخطاء الطبية من الاساس، وللعمل من اجل عدم حدوثها مرة اخرى، ورغم مأساوية الحادثة، الا ان ذلك من المتوقع ان يؤدي الى العمل من اجل التركيز اكثر، على منع حدوث مثل هكذا امور في المستقبل، بعيدا عن تشكيل اللجان وعن الاجتماعات والتصريحات الاعلامية، وبعيدا عن تبادل الاتهامات بين الاطراف المختلفة، وعن اللقاء اللوم هنا او هناك، والذي لن يساهم ايجابيا، في منع حصول اخطاء طبية، في المستقبل؟  

وهذه ليست الحادثة المثيرة الوحيدة، التي حدثت خلال الاسابيع او الاشهر القليلة الماضية، حيث كانت هناك، حادثة وفاة طفلين فلسطينيين، بعد اجراء طاقم طبي عملية جراحية لهم في مستشفى مدينة سلفيت، وكذلك حوادث تتعلق بالولادة في احدى المستشفيات،   والتي اثارت في حينة، موضوع او ظاهرة " الاخطاء الطبية"، سواء اكانت هذه الاخطاء تحدث في المستشفيات او في قطاعات ومراكز القطاع الصحي الاخرى، وسواء ادت الى الوفاة او الى الاصابة، او الى الالم والاذى، وسواء كان هذا الاذى ظاهر للعيان، او من الممكن ان تظهر اعراضة بعد فترة، قد تكون طويلة، وتم في ذلك الوقت تشكيل لجان، لبحث الموضوع، والتي من المفترض انها درست الامور بمهنية، وقدمت توصيات، او اقتراحات عملية، حول ما حدث، والاهم حول كيفية تلاشي ما حدث في المستقبل؟

والقطاع الصحي الفلسطيني، اسوة بالقطاعات الصحية، في الكثير من الدول، من المفترض ان يحتل اعلى الاولويات الوطنية، وبالاخص على صعيد الميزانية الحكومية، سواء من حيث رصد الميزانيات، او من حيث اعداد وتدريب والاحتفاظ بالكفاءات المتخصصة ،او من حيث الحصول على افضل الاجهزة والمعدات، او من حيث فعالية الادارة والمسؤولين، واجراءات المتابعة والمراقبة، او من حيث طبيعة التعامل والاحترام مع المريض والمواطن،، او من حيث الاهتمام بالرعاية الصحية بشكل عام،  سواء اكانت الرعاية الاولية وهي الاساس، او الثنائية او الثلاثية، او من حيث التركيز على مفهوم الصحة العامة كمفهوم وقائي شامل للبلد وللمجتمع.

ورغم الاقرار ان هناك تحسن وتطوير في خدمات واجهزة ومعاملة القطاع الصحي في بلادنا، الا ان هناك الكثير الذي ما زلنا نحتاجة، والذي وفي ظل الامكانيات المحدودة، والظروف المعقدة، يمكن القيام بة، من خلال سياسات ومن خلال تغيير ثقافة عمل،  ومن خلال تطبيق اجراءات، ومن خلال تعديل في فلسفة الادارة، واعادة تسخير المصادر حسب احتياجات المواطن الفلسطيني، وحتى الحاجة الى اعادة ترتيب اولويات، والى تبني انظمة ادارية اكثر كفاءة واكثر وضوح وانجع؟

ومع تكرار دوامة الحديث عن الاخطاء الطبية، وبالتالي تصاعد القلق والارباك والخوف، عند الناس، او عند المرضى الذين يمكن ان يكونوا في اوضاع مشابه لتلك التي حدثت فيها الاخطاء الطبية، فأن معالجة قضية الاخطاء الطبية  بشكل خاص، والواقع الصحي في بلادنا بشكل عام،  يحتاج الى المزيد من الاجراءات الواضحة، وبالاخص الى تبني وتطبيق فلسفة،  المزيد من المتابعة والتقييم، والى التركيز على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد مبدأ الوقاية كاولوية للحفاظ على الصحة العامة، وفي حال موضوع الاخطاء الطبية، الحاجة الماسة، الى وجود اجراءات وانظمة عملية، تمنع حدوثها من الاساس؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير