تاجر الأمل في"بلاد بره".. وصاحب "الكرسي" فى مصر

26.05.2015 05:36 PM

وطن - وكالات: القائد هو تاجر الأمل.. هكذا قال نابليون بونابرت، والقيادة ليست هبة، ولكنها عادات ومهارات مكتسبة يؤمن بها صاحبها مغلفة بكاريزما حقيقية لشخصية ساحرة ليست كأي من الشخصيات الإدارية.

فالقائد صاحب بصمة تظهر أثناء فترة تواجده مع أى مجموعة، فهو صاحب رؤية، ماهر في التنفيذ، متميز في دفع فريق العمل وبث الحماسة والتحفيز فيه، ويتميز بالمرونة والدقة، رائع في اجتياز العقبات واتخاذ القرارات، يهتم بالجانب الإنساني كيفا وليس كما، يساعد ويسعد مع الجميع بالعمل جنبا إلى جنب معه حتى في أكثر المواقف إرهاقا.

القائد يختلف عن المدير أو المسؤول، القائد له سمات خاصة تجعله جديرا بهذه التسمية، فهو من يأخذ الناس إلى حيث يريدون الذهاب، ويستطيع التأثير فيهم ليحققوا هدفهم المشترك، ويتميز بجانب موهبته الفطرية بمجموعة من الصفات المكتسبة نتيجة لخبرته أو تعامله، لكي ينجح في قيادة الآخرين..

فالقائد الناجح قادر على التواصل بطريقة جيدة وفاعلة مع الآخرين، كما أن لديه قدرة على تشكيل علاقة مباشرة مع كل فرد في المؤسسة، بالإضافة إلى قدرته على الاستماع والإصغاء جيداً للآخرين، كما لابد وأن  يحيط نفسه بعقليات تتناسب مع عقليته واتجاهاته.

كما أنه لابد أن يكون قادرا على إظهار أعلى درجات التفاؤل والثقة بالنفس لمن حوله وللعاملين معه بجانب التحلي بالصبر، وإشراك الآخرين معه في المسؤولية، كما لابد أن يتصف بالقوة والعدل والمساواة والحزم والقدرة على الاعتراف بالخطأ.

في عام 1991 أقرت الدولة قانونا للملتحقين بالمناصب القيادية نص على أن  يشغل الوظائف المدنية القيادية في الحكومة ووحدات الإدارة  المحلية والهيئات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة وهيئات القطاع العام وشركاته والمؤسسات العامة وبنوك القطاع العام والبنوك ذات الشخصية الاعتبارية العامة لمدة لا تجاوز 3 سنوات  قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى طبقا لأحكام هذا القانون, وذلك كله مع  عدم الإخلال بأحكام القوانين واللوائح فيما يتعلق بباقي الشروط اللازمة لشغل الوظائف المذكورة.

ويقصد بهذه الوظائف تلك التي يتولى شاغلوها الإدارة القيادية بأنشطة الإنتاج أو الخدمات أو تصريف شؤون الجهات التي يعملون بها من درجة مدير عام أو الدرجة العالية أو الدرجة الممتازة أو الدرجة الأعلى وما يعادلها.

ويستثنى بعض شاغلي المناصب من هذه الشروط مثل أعضاء الهيئات القضائية وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والأكاديميات ومراكز البحوث العلمية وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي وأعضاء هيئة الشرطة بالإضافة إلى أعضاء هيئة الرقابة الإدارية والمخابرات العامة بجانب الجهاز المركزي للمحاسبات والمدعى العام الاشتراكي والعاملين بالأمانة العامة لكل من مجلسي الشعب والشورى.

القانوني والحقوقي  محمد زارع، قال إن الاستثناءات في المناصب المذكورة لأن أصحابها يتولون مناصبهم حسب أسس وقوانين معينة ولا يتعاملون مع الرأى العام، وفى الحقيقة حتى الآن لا يوجد تفسير حقيقى لهذا القانون الذى لم يطبق فى الأساس.

وأضاف أنه للأسف حتى فى المناصب التى كان لابد من توافر صفات القائد فيها لم يتم الاختيار الصحيح لها وهذا ما شهدناه على مدار السنوات الماضية وما أدى لاكتشاف فساد مالى وإدارى بعد ثورة يناير.

وأشار إلى أن اختيار القيادات كان يتم فى الغرف المغلقة بعيدا عن المكاشفة أو إطلاع الشعب حيث إن مصر دولة نظامها رئاسي ورئيس الجمهورية متحكم فى كل شيء، وبالتالى كان يتم تعيين وعزل الوزراء وغيرهم دون سبب معروف.

من جانبه قال الدكتور محمد يسري، رئيس مجلس إدارة المؤسسة البريطانية للخدمات التعليمية، إنه إذا خرج 3 أفراد إلى  طريق فلابد من خروج قائد فيما بينهم وذلك لأهمية وجود قائد فى المجموعات البشرية استنادا إلى قول الرسول (ص) "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم"، مؤكدا أن القائد ما هو إلا تاجر للسعادة والأمل، على حد قول نابليون بونابرت.

وأشار إلى أن القائد بجانب فطنته فى طريقة حديثه ورشده وحكمته، فلابد أن يتحلى بالصبر والنظرة المستقبلية والتحدث بحماسة وأمل كما كان يفعل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وأن يستطيع أن يجمع حوله الرأى العام، فعندما كان يتحدث الزعيم عبد الناصر مثلا كان الجميع ينصت له وبالتالى هو يمتلك روح القيادة، بجانب الاعتراف بالخطأ مع طرح الحلول الممكنة لعلاج ما أفسده، والشجاعة فى المواقف الصعبة والمهارة فى اتخاذ القرارات السليمة والسريعة فى المواقف المناسبة، بالإضافة إلى قدرته على الإبداع فى التفكير وإيجاد حلول  مبدعة وخارجة عن الصندوق  والتخطيط السليم، كما أنه لابد أن يمتلك مهارات اتصال جيدة مع الرأى العام ومع المتواجدين حوله من نواب ومسؤولين فى مواقع أخرى والقدرة على تحقيق الهدف.

وأضاف يسري:  للأسف فى مصر لا توجد طريقة لإعداد قادة حقيقين كما يحدث فى أمريكا مثلا حيث يتم تقديم 280 ألف قائد مؤهل سنويا، أما فى مصر فإن من قادتها لا يعملون على إعداد جيل آخر للقيادة خوفا على مراكزهم ممن سيتم إعدادهم وبالتالى يصبح شغله الشاغل أن يطمس مهارات الجيل القادم حتى لا يصبح هناك قادة غيره.

وأكد أن من يشغلون المراكز القيادية طول الوقت يعتمدون على نواب ضعاف للأسف حتى لا يستطيعوا التواصل مع الرأى العام مثلهم، من منطق التخوف على المنصب وبالتالى يصبح هو القائد منفرادا دون غيره ولا يرى الرأى العام غيره.

وأشار إلى أننا إذا كنا نريد إعداد جيل من القياديين فعلينا الاهتمام بالتعليم والتدريب على عدد من المهارات مثل الثقة بالنفس والإبداع والتفكير السليم، وذلك بعمل ورش لإعداد قادة وتنمية الأخلاق القيادية وحرية التعبير.

وأضاف أن القائد الحقيقى هو الذى يحاول تصحيح المسار إذا أخطأ واحتواء الأزمات التى تحدث من حوله ليس بالدكتاتورية والقمع ولكن بالاستماع لأصحاب الشكاوى فى محاولة لإيجاد حلول لها، بجانب أنه لابد للقائد أن يمتلك فن إصدا الأوامر الذى للأسف يفتقره الكثيرون، فالأوامر إذا صدرت بطريقة حادة ستتسبب فى عناد الطرف الآخر.

وأكد أن للكرسى بريقه الذى يصيب القائد ببعض الأمراض مثل التكبر على الاعتراف بالأخطاء، والاستبداد، وعلى القائد التخلص من تلك الصفات سريعا حتى لا تكون سببا فى هزيمته.

وقالت  سالي توما، إخصائية الطب النفسي، إن القادة فى مصر للأسف لا يمتلكون صفات القيادة بسبب طرق التعيين التى تشوبها المحسوبية ومجاملة الكبار وبالتالى تضييع فرص على المستحقين فعلا، وبسبب هذا يعمل من يشغلون المناصب على قتل أى طريق لإعداد جيل من القادة وبالتالى ينحصر تفكيرهم فى القضاء على الشباب لأن لديهم القدرة على التمرد والتفكير خارج الصندوق وإعداد خطط مستقبلية.

وأضافت أن القائد فى مصر طول الوقت يكون لديه تخوف على "الكرسي" فقط لا غير، وبالتالى يعتمد على نواب ووزراء ضعفاء فى المعرفة وفى القدرة على التواصل مع الشعب حتى يظل فى عيون الشعب هو القائد ولو زيفا، كما أن أبناء الطبقات المهمشة حين يصلون إلى مناصب معينة يصبحون أكثر تجبرا، كما أن هناك حالة من الغموض فى اختيار القيادات حيث تجري معظمها فى الغرف المغلقة وتكون بعيدة عما يحتاجه المجتمع.

وقال دكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إن القائد لابد أن ينظر للمستقبل وأن يكون مستعدا لحل الأزمات بشكل سريع، لكن للأسف فى مصر نفتقر هذه النوعية من القادة التى تنظر إلى المستقبل، بجانب أن القائد لابد أن يكون لديه القدرة الحقيقية على التواصل مع الرأى العام والشعب فيصبح الملهم لهم والمنقذ الذى يتصدى للأزمات ويستطيع حلها حتى لا تتراكم وتتسبب فى ضياع البلد بأكملها مثل القائد مانديلا،  أو الزعيم عبد الناصر، الذين كانا يتميزان بصفات القائد الحقيقي.

وأضاف أننا فى مصر لا نستطيع إعداد قادة بسبب مجموعة من الأزمات خاصة بالتعليم والصحة وقضايا الحريات وخصوصا حرية الرأى والتعبير، فكيف يتم إعداد قائد وسط حالة من الفزع والخوف من الرأي الآخر؟ مؤكدا أن القادة فى مصر لا تتوافر بهم شروط القائد الحقيقى الذي يستطيع حل الأزمات والنظر إلى المستقبل، وأن مؤسسات الدولة تحتاج إلى هيكلة وأن كم الأزمات بها تحتاج إلى سنوات حتى تصبح مؤسسات تخدم المواطن حقيقة.

تصميم وتطوير