ماذا سيحدث لو تواصل حجز الاموال الفلسطينية؟

16.02.2015 10:21 AM

وطن- كتب: عقل أبو قرع

في محاضرة في مدينة رام اللة قبل عدة ايام، حذر ممثل صندوق النقد الدولي في فلسطين، وبوضوح، من تواصل حجز اموال" "عائدات المقاصة" الفلسطينية، التي تحتجزها اسرائيل منذ حوالي شهرين، واوضح انة من الممكن ان يؤدي ذلك الى تداعيات اجتماعية عنيفة والى اضطرابات وقلاقل وحتى الى اضرابات وحالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وبالاخص اذا استمر الوضع الحالي، من عدم القدرة على دفع فاتورة الرواتب لموظفي القطاع العام، والتي تشكل حوالي 75% من الايرادات للخزينة الفلسطينية،  وكذلك مواصلة عدم القدرة على الايفاء بالتزامات الحكومة المالية للقطاعات الاخرى، حيث ان العائدات المالية الفلسطينية، التي تحتجزها الحكومة الاسرائيلية، تشكل حوالي 66% من مجمل ايرادات الحكومة الفلسطينية؟ 

ورسم ممثل صندوق النقد الدولي، صورة قاتمة ومتشائمة للوضع المالي للسلطة الفلسطينية،  وللاقتصاد الفلسطيني برمتة، وبالاخص في ظل الجمود الكامل في جهود الاعمار في قطاع غزة، وعدم وجود بوارق امل للبدء في الاعمار،  وفي ظل التصاعد المضطرد في نسبة البطالة في بلادنا، وبالتحديد عند الشباب والخريجين، حيث تصل هذه النسبة في قطاع غزة الى اكثر من 40%، وفي ظل مواصلة تردد القطاع الخاص من الاستثمار في الاوضاع الحالية، وبالتالي احتمال ان ينكمش الاقتصاد الفلسطيني، او الناتج المحلي الاجمالي، في عام 2015 بمعدل 2%، ومواصلة او تراكم العجز في الميزانية، والذي قد يصل الى حوالي 15% من الناتج الاجمالي في عام 2015، وبالتالي تزايد الاعتماد على الخارج وعلى المانحين وعلى الاقتراض من الداخل والخارج، من اجل حلول سطحية ومؤقتة وموضعية، لاوضاع قد تكون عواقبها بعيدة المدى، وفي كافة المجالات؟

ومع استمرار حجز الاموال الفلسطينية، او حجز حوالى ثلثي الايرادات العامة لخزينة الحكومة، تبقى الحكومة معلقة بين عدة خطوات، كل منها لها تداعياتها وسلبياتها واثارها بعيدة المدى، سواء اكان من هذه الخطوات، دفع فقط جزء او نسبة من الراتب، او مواصلة الاقتراض من البنوك، او عدم الايفاء او دفع التزامات القطاع الخاص بأنواعة وكذلك تراكم المتأخرات والمطلوبات، او المطالبة بالمزيد من الاموال من الدول المانحة والمانحين، او مواصلة تعليق الامال على "مظلة الامان" العربية، او عدم القيام بخطوات تؤدي الى زيادة الفعالية، وترشيد استخدام الامكانيات والمصادر المتاحة، ومن الواضح ان كل هذه الخطوات مفردة او مجتمعة، لن تحل المأزق المالي او عقدة اعتماد الاقتصاد على الغير، والذي كلة مربوط او مقيد بالامور وبالخطوات السياسية وترابطاتها، كما يتضح من الحجز الحالي للاموال الفلسطينية؟
.
واذا كان مواصلة حجز الاموال الفلسطينية لة تداعيات سلبية، قد تكون مؤلمة ومؤثرة، فأن ذلك من المفترض ان يدفعنا نحو البدء بخطوات عملية، من اجل الاعتماد على انفسنا، من خلال استغلال امكانياتنا ومصادرنا المتاحة، ومن خلال تفصيل ما نستطيع القيام بة وما نملك، على قدر انفسنا، والاهم من خلال العمل لترسيخ " الاعتماد على الذات"، كمنهج حياة، وكثقافة، من اجل سد حاجاتنا وبأنفسنا، والمباشرة العملية في هذا الاتجاة، من خلال خطوات على الارض، ومن خلال اجراءات وقوانين، ومن خلال زخم وطني، ومن خلال تواصل خارجي، يؤدي ولو بشكل تدريجي الى الابتعاد عن الطرف الاسرائيلي، وفي نفس الوقت ترسيخ الاعتماد على الانتاج الوطني، وكذلك على المحيط العربي في سد حاجات، قد نكون لا نستطيع سدها في الوقت الحاضر؟

والاعتماد على الذات،  يعني تناسي او الابتعاد عن العبارة المكررة والتي مللنا سماعها، وهي الاحتماء تحت مظلة او شبكة " الامان العربية"، وكأن هذه الشبكة هي المخلص لنا من القيود او من الاجراءات الاسرائيلية، وكذلك يجب عدم التناسي، اننا ما زلنا في معظم الخطط، نعتمد على دعم المانحين، وما زلنا ننتظر وصول مساعدات المانحين، سواء اكان ذلك في بداية الشهر او في منتصفة او قبل نهايتة، وما زلنا  نحمل مسؤولية العديد من المعيقات او التأخير في الانجازات، او عدم تحقيق الاهداف، الى تقاعس او الى تأخر وصول الدعم الذي تم التعهد بة،  ويجب ان نتذكر ان لكل واحد من المانحين اجندة واهداف ومسارات،  والتي في احيان كثيرةن قد لا تتماشى مع مسار او مع منهج الاعتماد على الذات؟

ورغم ان هناك توقعات بان يتم الافراج عن الاموال الفلسطينية، بعد الانتهاء من الانتخابات الاسرائيلية، المقررة في النصف الثاني من الشهر القادم، ورغم ان هناك انطباع بأن اسرائيل والولايات المتحدة ودول في العالم وفي المنطقة، ليس من مصلحتها وبالتالي لن تسمح بأن تصل الامور الى حد التداعيات والاضطرابات الخطيرة والانهيار، بسبب مواصلة احتجاز الاموال الفلسطينية، ورغم عدم وجود تصور او بديل عملي وعقلاني عند السياسين وصانعي القرار، يغير من الوضع الحالي المربوط والمقيد سياسيا واقتصاديا وبالتالي ماليا، الا ان مبدأ وممارسة حجز الاموال الفلسطينية، كما يتواصل الان وكما حدث في الماضي، من اجل تحقيق اهداف او ضغوط سياسية، من المفترض ان تجعلنا نفكر ونتبنى ونبدا بتطبيق بدائل جذرية، تحمي الاقتصاد والبلد والمجتمع من امور اصبحت معلقة بما بات يعرف بورقة حجز " الاموال الفلسطينية"؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير