المجتمع الدولي مطالب بحماية المؤسسات الاعلامية الفلسطينية..بقلم: د.حسن عبدال

06.03.2012 01:48 PM
كذبة لم يصدقها احد بخاصة من العاملين في الاعلام ، ومن لديهم الحد الادنى من المعلومات بخصوص البث وتقنياته ، تلك التي حاول ان يسوقها الاحتلال حينما ادعى ان اقتحام محطتي وطن والقدس التربوي جاء على خلفية تشويشهما على مطار اللد. وقد رد رئيس الوزراء د.سلام فياض على هذا الادعاء بشكل مفحم في لقاء خاص مع برنامج " فلسطين هذا الاسبوع " الذي ينتجه تلفزيون وطن ، عندما اكد بشكل قاطع معتمدًا معطيات فنية وليست سياسية ان الطيف الترددي الطبيعي لمحطات التلفزة من 400-600 ميجا هيرتس، فيما يحتاج المطار الى طيف ترددي ما بين 120-180 ميجا هيرتس، فاي تشويش هذا ، واي ادعاء ذلك الذي يسوقون، وعدوانهم به يبررون ؟!
وعندما سأل مقدم البرنامج ، رئيس الوزراء ، كيف يتنبهون لهذا بعد سبعة عشر عامًا ، ووطن يبث على التردد نفسه منذ العام 1995 ؟ اوضح رئيس الوزراء ، ان التوقيت هو مدروس وليس صدفيًا ، وان الامر لا يتعدى سوى تقويض ما تبقى من مكانة السلطة الوطنية
الفلسطينية ، بعد ان استباح الاحتلال مناطق أ جاعلا منها ساحة مفتوحة للعدوان واستهداف مكانة وهيبة السلطة.
ونضيف على ما قاله رئيس الوزراء ، بأن الاعلام الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من السيادة، بل انه احد مقومات هذه السيادة. فالدولة بلا اعلام في القرن الواحد والعشرين ، تصبح بلا صوت أو أبعاد أو لون او عمق.
فالاعلام هو الذي ينطق بلسان الناس ويظهر ابعاد القضايا والظواهر وهو يشكِّل شاشته بالوان الطيف السياسي وتنوع الحياة وتعدد الاذواق ، هو الذي ينفذّ الى العمق ويجعل هذا العمق مفهوما وواضحًا للمواطن العادي البسيط ، الذي يحتاج الى من يبسط له العمق من خلال شاشة او ميكرفون او كلمات مقروءة.
لذلك فان الاعلام الفلسطيني أُستهدف في الانتفاضة ، حيث تم تدمير مقر الاذاعة والتلفزيون الرسمي ، فيما استبيحت محطات التلفزة والاذاعة الخاصة ، وصودرت واتلفت أجهزتها.

ومن الصحافة المقروءة وقبل ان تنطلق تجربة المرئي والمسموع لسنوات ، عايشت شخصيا جزءا من معاناة وصعوبات واجهها الصحافيون من ملاحقة ورقابة ومصادرات ومنع توزيع.
اذن انها سياسة قديمة جديدة تهدف اسكات الصوت وكم الافواه ، وكأن القائمين على هذه السياسة لا يدركون ان قواعد اللعبة تغيرت ، وان ثورة التكنولوجيا قد قلبتها رأسًا على عقب . فانفتاح أفق الفضاء جعل ملاحقة الاعلام ومراقبة الانظمة في خبر كان . فهل تستطيع جهة معينة مهما كان جبروتها ان تطمس حقيقة ما يجري في اي بلد من البلدان؟
بالطبع لا ، ولنا في تجربة الانتفاضة الثانية خير دليل على ذلك ، حيث كانت تغطى الاقتحامات للمدن والبلدات الفلسطينية بالبث المباشر. واليوم فان الانتفاضات الشعبية قي البلدان العربية تغطى حتى بالهاتف المحمول . اي ان الرقابة والملاحقة والمصادرة أصبحت خلف ظهور الشعوب ، بعد أن تجاوزتها التكنولوجيا وقبرتها الامكانات التقنية المتوافرة الان حتى للافراد من ذوي الدخل المحدود.
فلماذا العودة الى استعمال الاساليب القديمة؟.. هل لان الزمن قد تسمر في المكان ذاته بالنسبة للذين اعتادوا هذه السياسة ؟ وهل ان قوة العادة قررت مناطحة التكنولوجيا والتقدم ؟ وهل سيكون بمقدور جندي مدجج بالسلاح ان يتابع ويخنق كل ترددات محطات التلفزة والاذاعة وكل كلمات المطابع ؟!. ان ذلك ضرب من ضروب العبث والجنون والسير في اتجاه معاكس للحركة الموضوعية للتاريخ وعجلة الحياة التي تتحرك الى الامام بسرعة خيالية.
ماذا وجد الاحتلال في مقري محطتي وطن والقدس التربوي؟ هل وجد اسلحة دمار شامل؟
محطتا وطن والقدس التربوي مرخصتان من السلطة ، وهما عضوان في الاتحاد الدولي للاتصالات، منذ عشر سنوات ، وبالتالي اذا كان الهدف من الاعتداء عليهما سياسيًا . فالمطلوب من الرباعية وكل الجهات الدولية ، التي تعترف بالسلطة وتتعامل معها ، ان تلتقط الرسالة بسرعة ، وتدرك ان السلطة باتت في خطر ، وان من اوصد باب المفاوضات يسعى لتقويضها وجعلها نسيًا منسيًا. واذا كان الهدف ضرب الاعلام الفلسطيني ، ونحن ندمج هنا بين الهدفين ولا نفصل بينهما ، فان المطلوب من المجتمع الدولي واتحاد الصحافيين الدولي ، ومؤسسات حقوق الانسان ، وكل الجهات الدولية التي تؤمن بحرية الاعلام ، ان تتحرك بسرعة ، قبل ان نجد انفسنا بعد اسابيع او شهور امام مشهد كاميرات وميكروفونات تطحن تحت جنازير الدبابات على مرأى عالم يتغنى بالاعلام وثورة المعلومات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير