ضاحي خلفان وإيران والإخوان - بقلم: سري سمور
03.03.2012 08:58 PM
(1) مع عمرو خالد
كان أول ظهور إعلامي –بالنسبة لي- لقائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم المهيري قبل عشر سنين تقريبا حين استضافه الداعية د.عمرو خالد في إحدى برامج قناة إقرأ كلفتة جيدة للدور التكاملي بين مختلف القطاعات، وبالمناسبة لا زلت أرى أنه يجب أن يكون تنسيق دائم بين المسجد ومركز الشرطة والمؤسسات العاملة في شئون الأسرة والطفولة والشباب ومؤسسات المال العامة والخاصة لما فيه خير كبير للناس..وكان ظهور الفريق ضاحي في ذاك البرنامج له علاقة بهذا الأمر.
ومما زاد من مكانة واحترام الرجل السمعة الطيبة لجهاز الشرطة الذي يـقوده الرجل من جهة احترامه لحقوق الإنسان وعدم امتهان كرامة الفرد، بعكس الصورة النمطية العالمثالثية عامة والعربية خاصة حيث تحولت مراكز الشرطة إلى مسالخ بشرية، وكان هذا مما أشعل ثـقاب العديد من الثورات العربية خاصة المصرية التي اختارت يوم الخامس والعشرين من كانون ثاني/يناير موعدا لانطلاقتها وهو اليوم الرسمي الذي يحتفل فيه بجهاز الشرطة، بعد ما جرى للشاب خالد سعيد، وما تسرب من صور وشهادات من داخل مراكز أمن وشرطة العادلي تجعل المرء يشعر بالتقزز والغضب...إلا أن ما سجل وعرف عن شرطة دبي هو عكس هذه الصورة القاتمة، وهي الإمارة/المدينة التي يناهز تعداد ساكنيها حوالي مليونين ونصف المليون نسمة، الغالبية العظمى منهم أجانب أو وافدين من شتى بقاع الأرض، فهي تضم مختلف الأديان والأجناس والقوميات فهي ملتقى لكل شعوب العالم(العبارة مقتبسة من تصريحات لخلفان)، وتعتبر مركزا اقتصاديا هاما ليس في المنطقة بل في العالم نظرا لاعتمادها على الاقتصاد العابر للقارات وجذبها لاستثمارات كبريات الشركات العالمية المعروفة...ولهذا فإن جهاز الشرطة فيها يعتبر حيويا، ومن يقوده سيكون محل اهتمام خاصة إذا نجح في تطبيق القانون والحد من الجريمة دون انتهاكات لكرامة الأفراد، كما أن شرطة دبي متطورة في مجالات التقنية العالية والبحث الجنائي باستخدام أحدث الوسائل العلمية ويرجع المتابعون هذا التطور لشخص الفريق ضاحي، وقد قدمه د.عمرو خالد باعتباره القائد الأنموذج، والشخصية الناجحة الجديرة بالاقتداء والفخر للعرب والمسلمين، كما أن الرجل يوصف بالملتزم دينيا والمتواضع والأمين الحريص على المال العام والخاص، وهي أيضا صفات فارقت معظم رجالات الأمن العالمثالثيين!
(2) ملف الشهيد المبحوح
إلا أن كل من لم يعرف الفريق ضاحي عرفه بعد عملية اغتيال الشهيد محمود المبحوح على يد فرقة موت تابعة للموساد في كانون ثاني/يناير سنة 2010م حيث تمكن القتلة من تصفية هذا القيادي في حركة حماس صعقا بعصا كهربائية وخنقا ثم تمكنوا من الفرار من الفندق ومن الأراضي الإماراتية وقد علقوا ورقة كتب عليها «الرجاء عدم الإزعاج » على باب مسرح الجريمة أي باب غرفته في فندق بستان روتانا، فخرج الفريق ضاحي خلفان في مؤتمر صحافي بعد عشرة أيام من الحادث ليعلن أن المبحوح لم يمت ميتة طبيعية كما أعلن في بداية الأمر بل اغتيل على يد فرقة موساد عناصرها الأحد عشر يحملون جوازات سفر دول غربية مختلفة، وعرض الفريق ضاحي تسجيلات كاميرات متطورة(كشف لاحقا عن وجود 25 ألف كاميرا للمراقبة في دبي) جرى ترتـيبها وعرضها على الملأ بحيث تضع المشاهد أمام فيلم يختلف عن بقية الأفلام المعروفة بكونه حقيقة وواقعا، وهو ما لـفت النظر بل ربما أذهل الكثيرين من قدرات الأمن الإماراتي المتطورة التي تحوز على وسائل التكنولوجيا الحديثة، وقيل بأن الفرقة التي نفذت الاغتيال أصبحت متقاعدة إجباريا كون بصمات العين التي أخذت في دبي جرى تعميمها على مطارات العالم، وهو أيضا اعتبر إنجازا إضافيا للأمن الإماراتي وللفريق ضاحي..وسلطت الأضواء على الرجل وأجريت عنه وحوله تحقيقات صحافية من المحبين والمبغضين والمحايدين، وكتبت مقالات عدة تشيد به مهنيا وشخصيا، وألمح الفريق ضاحي آنذاك بأنه تلقى من الموساد تهديدات عبر وسطاء إذا لم يلزم الصمت!
على كل فإن قضية اغتيال المبحوح انتهاك صارخ للسيادة الإماراتية وللقانون الدولي، وتهديد لأمن واقتصاد الدولة، ولكن لم يعقب تلك الصعقة الإعلامية صعقة سياسية أو اقتصادية لعقاب إسرائيل على فعلتها وتجرؤها الفظ على انتهاك سيادة الدول الأخرى وارتكاب عملية قتل خارج أي قانون في الأرض؛ فمثلا تركيا ما زالت تطلب الاعتذار وتمارس ضغطا ناعما إلا أنه مستمر ومرشح للتـطور على الكيان، ولكن ملف المبحوح توقفت تداعياته، قد يقول البعض أن سفينة مرمرة تركية والشهداء أتراك، ولكن المبحوح ليس إماراتيا؛ أرأيتم لو قتل الموساد قياديا في أنـقرة أو اسطنبول لا يحمل الجنسية التركية، فهل سيكتفي الأتراك بكشف خيوط الجريمة وينفض السامر؟ خاصة بأن الأمر يرتبط بسيادة الإمارات وقد يجر تأثيرات على اقتصادها، فوجب العقاب من جهة إشعار المستثمرين بالأمان وأن من يدخل الإمارات آمن على نفسه، وإذا تعرض لأي خطر من أي دولة أو جهاز مخابرات فإن الحساب سيكون عسيرا...إلا أن التحليل المتوقع هنا أن دبي لا تريد أن تتحول إلى ساحة حرب بين أجهزة مخابرات وتنظيمات فاكتفت بفضح الموساد دون السعي الحثيث لحرب مفتوحة معه ومع حكومته تجنبا للأسوا...والله تعالى أعلم!
(3) تغيّر في تصريحات الفريق...مناقشة هادئة
في تاريخ 4-4-2010م أدلى الفريق ضاحي خلفان بالتصريح التالي في حوار أجرته معه صحيفة الشرق القطرية وحاوره عنها الصحفي جابر الحرمي (بالتزامن مع الرأي الأردنية) في عددها المطبوع رقم 7962 (ص33-ص36) وقد نقلت صحيفة القبس الكويتية(العدد 13236) هذا التصريح إضافة إلى مواقع إخبارية إلكترونية أخرى منها موقع عمون وأرجو التركيز في التصريح جيدا:-
«ولهذا لا قدر الله في ظل احتمالات التصادم الحضاري بين إيران والغرب يمكن أن يكون هناك صراع مخابراتي على الساحة الخليجية.... الغرب عازم على أن تكون هناك مواجهة مع إيران، هذه المواجهة خطوطها الأولى الجواسيس، والساحة الخليجية ستكون مسرحاً لذلك.... اليوم المنطقة يتواجد بها جواسيس، النسبة الأكبر منهم يعملون لصالح إسرائيل....المنطقة اليوم مملوءة بالجواسيس، وما يحدث اليوم في إيران غير عادي، وحقيقة أن استقرار إيران استقرار للمنطقة، وليس من مصلحة المنطقة المواجهة مع إيران، وعلينا أن نتعاطى مع إيران على أنها دولة جارة ومسلمة، وان نتعقل وألا يزج بنا الآخرون في صراعات، وألا ننجر لمواجهة نحن لسنا طرفا فيها، ويتم استغلالنا فيها. بتصوري بقدر ما تكون إيران مستقرة تكون الاقتصاديات الخليجية ودول المنطقة إجمالاً مستقرة... في دول الخليج هناك حسن نوايا تجاه إسرائيل، لكن في المقابل هناك سوء نوايا من قبل إسرائيل.... إيران بلد كبير وزعزعة الأمن فيها ـ والآن يزعزع ـ ليس من مصلحة الخليج، ولا يخدم المنطقة، ويفترض الأوضاع تهدأ، والمسائل تعالج بحكمة، وربما الاقتراح بفتح حوار مع إيران هو اقتراح العقلاء.» انتهى الاقتباس.
ما يستشفه المرء من تصريحات الفريق ضاحي بأن ثمة صراع بين الغرب وإيران وأن نوايا إسرائيل خبيثة-كتصرفاتها- خاصة تجاه الخليج وأن استقرار إيران مصلحة خليجية حيوية وأفضل طريـقة للتعامل معها هي الحوار، وأنه لم يهاجم أي حركة إسلامية أو غير إسلامية في حديثه...جدير بالذكر أن الحوار المذكور كان قبل بضعة أشهر من اندلاع الثورات العربية!
إلا أن الفريق ضاحي خلفان قد غيّر موقفه وبدّله في تصريحات أخرى في مؤتمر البحرين للأمن الوطني والإقليمي لدول الخليج قبل شهرين، ثم في مقابلة معه نشرتها صحيفة النهار الكويتية يوم الأربعاء 29-2-2012م (العدد1490) ضمن مقابلة أجراها رضا الفيلي(نائب رئيس التحرير) وعبد الله المجادي والتي سارعت الكثير من الصحف والمواقع الإلكترونية إلى نـقل مقتـطفات منها باحتفال كبير، ولأنني فضلت التريث وعدم التسرع؛ حيث أن من عادات بعض المواقع والصحف الاجتزاء والانتقائية وإخراج الكلام عن سياقه الحقيقي، فقد ذهبت إلى النص الأصلي للمقابلة في مصدرها الأساس، ليتبين لي أن يوم التاسع والعشرين من شباط/فبراير ليس فقط غريبا بكونه يزورنا كل أربع سنوات مرة بل بما يحمله من أخبار أو تصريحات، ولكن –للحقيقة- فقد وجدت -وكما توقعت- نوعا من الاجتزاء والانتقائية المقصودة تعمدتها بعض وسائل الإعلام خاصة في عنونتها للخبر(حتى لو وضعت النص كاملا تحته) لأنها تدرك أن كثيرا من الناس لن يذهبوا للمصدر وسيكتفون بالعنوان فقط لأغراض أكون ساذجا لو وصفتها بالبريئة مع الأسف، وأورد هنا نصوصا من أسئلة وأجوبة من تلك المقابلة التي يلزم التوقف عند بعض ما جاء فيها ثم أضع تعقيبي أو ملاحظاتي عليها، ولكن لا بد من الإشارة أن خلفان قد هاجم سياسة أمريكا في مؤتمر البحرين ما دفع سفيرها للانسحاب احتجاجا، لكن طابع تلك التصريحات كان اتهام أمريكا بإنجاح ما فشلت به إيران، وسأعقب على كل سؤال وجوابه على حدة، ولكن أنوه إلى أن المواقع التي تناولت التصريحات أخرجتها بطريقة «تقوّل» الرجل ما لم يقله بحيث بدا وكأنه يتحدث عن حلف ثلاثي إخواني-إيراني-أمريكي ضد الخليج، ومن مراجعة دقيقة لتصريحاته فهو لم يقل ذلك بل شدد على الاحترام المتبادل بين الخليج وإيران، مع اعتراضاته على بعض السياسات الإيرانية:-
((معالي الفريق الآن نرى في العالم العربي اندماج الإسلاميين في الحياة الديموقراطية كوسيلة لهم للوصول إلى الحكم كما تفضلت معاليكم في حوارات سابقة، فهل بعد ما حققوه من نتائج مازلت ترى بأن غايتهم الوصول إلى الحكم؟
لست أنا من أقول، بل الواقع يقول من تونس إلى مصر وغيرهما من الدول. أنا اعتقد أن القضية وما فيها.. إذا اليوم ستتحول الأمور إلى أن فئات إسلامية سواء سلفا أو شيعيا أو «اخوانجيا».. اقصد من الإخوان ونستمر في هذه الصراعات فتبقى المسألة مرهونة بأن كلٍ منهم يريد أن يجعل الوضع لصالحه، لذلك ينبغي ألا ننظر إلى ذلك الجانب، فباعتقادي أول ما يأتيني شيء يسمى حزب إسلامي من الإخوان فمعناه انه اخذ مسلك الفئوية وانحصر فيها، بينما نحن اليوم نريد من يمثل كل الناس والأطياف.وتابع القائد قائلاً وهو متعجب: انظر إلى البرلمان المصري لماذا نرى فيه أناسا بعمائمهم من «الأزهر» بينما قل لي كم قسيسا أو راهباً في برلمانات أوروبا!.فاليوم إذا خرجت بشكل ديني في برلمان فأنت إذن تمثل تلك الفئة فقط، والسؤال هل التمثيل يكون للجميع أم لفئات؟. واليوم نحن نريد اليوم الابتعاد عن الفئوية والطائفية.يعني «مرحبا أن يجيء واحد في البرلمان من السلف أو الإخوان، ولكن لا يروح يعتقد بأن منظوره وعمله فقط لهذه الجماعة أو تأييدهم وعدم الاكتراث للآخرين» فهذا لا يجوز لأن ممثلي الشعب يمثلون كل الأطياف.))
أولا أنا لست متحدثا أو ناطقا باسم الإخوان-أو غيرهم- ولا صحافيا في إحدى صحفهم أو مواقعهم، وأؤكد أن تعقيبي وتناولي لتصريحات السيد الفريق من منطلق رغبتي بعدم انجراره لما لا يرغب من يحترمونه –وأنا منهم- فيما لا يفيد ويشحن الأجواء ويوترها فوق توترها القائم أصلا، وقد غضبت ممن نشروا تعليقات مسيئة ردا على تصريحاته، وهم يرون الإمارات ودبي بمنظار ما قبل مئة سنة وليس بواقعها الحالي، والتلميح يكفي، والرد يجب ألا يكون شخصانيا أو تجريحيا أو خروجا عن النص، وثانيا أوجه كلامي مباشرة للسيد الفريق ضاحي عسى أن يتسع صدره لي:حضرتك قائد لجهاز شرطة أي أن منصبك تنفيذي أساسا، ولا أدري هل عضويتك في المجلس التنفيذي في دبي لها علاقة بكلامك، ولكن حتى ولو، فإن تصريحاتك هنا فيها كلام مرسل، ولا علاقة لها بموقعك، واستشهدت بأوروبا، فهل من هو في موقع سيادتك في أوروبا يدلي بتصريحات سياسية تحليلية ولها طابع فكري وهو على رأس عمله؟ إذا اخترت حضرتك بعد 42 عاما من العمل الأمني أن تنخرط في التحليل السياسي والتنظير الفكري فسيكون لك موقع مميز وستحل ضيفا على معظم الفضائيات المعروفة، ولكن طالما أنت في موقعك الحالي فإن الأمر يخلق التباسا لا يخفى عليك، فهل كلامك هو وجهة نظر حكومتك أم هو رأيك الشخصي، أما ماذا بالضبط؟ وبخصوص السؤال أعلاه وإجابة حضرتك عليه؛ فقد كان الجميع يلوم الإسلاميين على عدم انخراطهم في العملية الديموقراطية وطرح برامجهم وأفكارهم على الناس، وعدم اللجوء إلى العنف للوصول إلى الحكم، وقد خاض الإخوان تجربة الانتخابات حتى في عهود الأنظمة التي كانت تضيق عليهم مستخدمة قوانين مفصلة على مقاس أتباعها تارة وباستخدام القبضة الأمنية الباطشة تارة أخرى، لدرجة إطلاق العنان للبلطجية في انتخابات مصر في 2005 وتزوير انتخابات 2010 بطريقة لم يسبق لها مثيل، وأما تونس فقد فضلت استخدام الاستئصال النهائي للإسلاميين وإخراجهم عن القانون ولجأ بن علي لأسلوب الحل الأمني الشامل الفاتك مع المتدينين عموما وليس فقط مع من ينخرطون في حركات أو جماعات إسلامية، وكنت أتمنى لو تطرقت لهذه الحقيقة في حوارك، وقد كانت وما زالت بعض الحركات والجماعات الإسلامية تعيب على الإخوان خوضهم للانتخابات تحت حجج فقهية وسياسية وفكرية، مثل حزب التحرير والقاعدة(اقرأ ما كتبه الظواهري :الإخوان المسلمون..الحصاد المر في 60 عاما!) ومع ذلك تحمّل الإخوان النقد الحاد لتلك الحركات والمجموعات وواصلوا سلمية حركتهم، وقد لحقت بهم الجماعة الإسلامية التي كانت تنتقدهم في مراجعاتها المعروفة.
ثم ما العيب في السعي للوصول إلى الحكم إذا كانت الوسيلة شرعية وديموقراطية؟ أليس هذا من حقهم؟ولماذا من حق الليبراليين والقوميين والشيوعيين ودعاة إلغاء الانتماء للغة والثقافة العربية التنافس فيما يحرم منه من تبين أن لهم جمهورهم العريض الذي غيّبته السلطة القمعية لعقود؟ أما حديث سيادتك عن الفئوية فإن فكرة البرلمانات أصلا هي لجمع كل الفئات تحت قبة البرلمان للخروج بتشريعات أو قوانين لصالح الأمم والشعوب، فمن المستحيل أن يكون هناك من يمثل كل الفئات، لأن هذا يخالف طبيعة الخلق، أما التصرف بفئوية أي العمل لخدمة فئة معينة، فهذا بنظري حكم على النوايا، والنوايا ليست من اختصاص المخلوق بل هي للخالق وحده، وكان يكفيك نصحهم بألا يكون عملهم لجماعة معينة فقط دون الاكتراث بالآخرين، فهذا يندرج تحت الأحكام المسبقة التي لا ينبغي لرجل مثل سيادتك التعاطي بها!
أما حديثك عن الشيخ الأزهري المعمم في البرلمان وتساؤلك عن قساوسة أوروبا وعدم وجودهم في برلماناتها فهو أمر غريب حقا لرجل مطلع مثلك؛ فأوروبا –كما نعلم- عانت من سيطرة الكنيسة على المجتمع واضطهادها للناس، ومحاربتها للعلم والاختراعات، وبعد حروب وحركات إصلاح ديني امتدت قرونا عدة توصلت مجتمعاتها لعقد اجتماعي يجعل الدين في الكنيسة فقط وهو أصلا لا يتناقض مع فكرتهم(ما لله لله، وما لقيصر لقيصر)، أما المسلمون فلم يكن لعلماء الدين(لدينا علماء دين وليس رجال دين) دور في اضطهاد للمجتمع، بل أحيانا اضطهدتهم السلطة القائمة ونكلت بهم، وهم مارسوا سلطة أدبية وأخلاقية غير ملزمة للناس، وكان منهم الشاعر والمفكر والطبيب والمجاهد والمقاتل والشهيد بما لم يتناقض مع علمهم الشرعي وعمائمهم وعباءاتهم ولحاهم...وأيضا ألم تسمع بالحزب الديموقراطي المسيحي الذي حكم ألمانيا وكان منه المستشار هلموت كول؟ وفي أمريكا تجد الرئيس يتحدث عن «الرب» وعملتهم كتب عليها «نثق بالرب» فلم تغفل عن هذه الأمور وتنظر فقط لمعمم هو أصلا منتخب ولم يفرض نفسه على الناس؟...وأيضا فإن الغرب يوافق أو لنقل يصمت عن زعم إسرائيل بأنها واحة الديموقراطية في المنطقة؛ أفلا ترى الأحزاب الدينية فيها التي يمكنها إسقاط أي ائتلاف حكومي؟ألا ترى الكنيست فيه أعضاء يعتمرون قبعات المتدينين المعروفة؟ وهؤلاء –بالمناسبة- يحرصون على تأمين مصالح الفئات التي ينتمون إليها من موازنات وإعفاء من الخدمة العسكرية وتطوير مناطق معينة في كل مفاوضاتهم مع الأحزاب الكبرى..أنا لا أرى إسرائيل ولا أمريكا ولا أوروبا قدوة ينبغي احتذاؤها ولكن أنا أسوق هذه الأمثلة ردا على ما تـفضلت به من تساؤل واستغراب!
((في خطابكم أخيرا في مؤتمر البحرين الأمني تناولتم أميركا وإيران و«الإخوان»، فإلى أي مدى هذا الثلاثي من الممكن أن يشكل قلقاً وخطراً امنياً على المنطقة؟
أنا قلت انه يهدد امن المنطقة، وأولا مع الأسف الشديد.. إيران.. «أنا متأسف أن أقول هذا.. ولا بودي أن أقول هذا» ولكن لها سوابق في الكويت والخليج منذ 1985 والتفجيرات والأسلحة وما اتضح تاليا بأن القيادات العليا ربما لا تعلم بتصرفات جماعات في أجهزة استخباراتية، ومع الأسف الشديد أحيانا يعملها الصغار ويتورط بها الكبار والدول.....واليوم نحن نقول إذا كان كل طرف يحاول أن يخلق له مشكلة على الطرف الآخر فستبقى أمورنا على هذا الشكل، إلا إذا وجدنا أن الصحيح هو أن لا يتدخل طرف في شؤون الطرف الآخر، وللأسف أن الواقع يقول خلاف ذلك. وأنا أدعو إلى أن يكون كل طرف بعيدا عن التدخل في الطرف الآخر. إذن إذا ما استمرت السياسة الإيرانية على النهج القديم بأن الأجهزة الاستخباراتية تحاول تحريك خلايا هنا وهناك فإن هذا الشيء سيهدد امن الخليج.
أما «الإخوان» اليوم فهم يتوثبون للقفز على المراكز القيادية والهيمنة عليها ونحن جربنا في سنوات ماضية.. ما جاءوا إلى وزارة إلا «حطوا من الناطور إلى الوزير محسوبين عليهم» وحتى لو وضعوا في بعض الأقسام أناسا من شرائح وأطياف أخرى إلا ووضعوا نائباً له يمتلك الصلاحيات، فأنا أقول سواء كان السلف أو الإخوان أو كذا.. طالما جاء طرف ديني.. سيعلق الأمور على «انك معي إن كنت في نفس الإطار.. ولست معي إن كنت خارج هذا الإطار»، و«الإخوان» لو أتيحت لهم الفرصة للتغيير ستجدهم كما يتحدثون في منتدياتهم عن الإصلاح وكأن الدنيا فاسدة، لكن انظر حينما أتى الغنوشي في تونس قال أن الحياة الطبيعية التي كانت من قبل موجودة والممارسات من فندقة وخلافها من مشروبات ستمارس طبيعياً في الحياة العامة. لذلك الإشكالية لم تكن مسألة دينية ولو كانت كذلك لحكموا بالدين ولكن المسألة قفز إلى الحكم، وانظر في السابق كيف كانوا ينتقدون تلك الأشياء ولكن حينما أتوا إلى السلطة لم يغيروا شيئاً من تلك الممارسات التي هي خلاف لأحكام الشريعة، وهم الآن يتحدثون في منتدياتهم أن كل شيء فاسد وان الإصلاح يأتي من خلالهم فقط وهذا ليس كلامي بل كلام من دخلوا وخرجوا منهم بأن «الإخوان» يعتقدون بأن جميع الناس على خطأ وهم الوحيدون على صواب.))
سيدي الفريق: أنت تأسفت سلفا ولكنك –فعلا- قلت ما لا تود قوله كما جاء في جوابك، ولكن ألا ترى هنا أن كلامك هذا يتناقض أو لنقل يختلف في تفسيره عن كلامك السابق لصحيفتي الشرق والرأي قبل سنتين؟ وأنت في موضع آخر من هذه المقابلة مع النهار الكويتية استشهدت بكلام الأستاذ محمد حسنين هيكل؛ فيا حبذا لو راجعت رأي هيكل بإيران وضرورة بناء علاقات استراتيجية معها، وأحسب أنك مطلع على آرائه بهذا الملف، وأنت هنا تحمل جهات تابعة لأجهزة الاستخبارات الإيرانية بعض المخالفات، ولكن هذا لا يقاس بجهاز استخبارات إسرائيلي (الموساد) يتبع مباشرة للمستوى السياسي قام بتنفيذ عملية قتل على أرض بلدك، ومع أنك فضحت الأمر وتحركت ضمن صلاحياتك فإنك لم تواصل الحملة الإعلامية عليه كما يفترض حتى يرتدع أو يرتبك، ولو كنت أنا من أجرى معك المقابلة لسألتك باستفاضة عن نشاط الموساد في المنطقة بأكثر من أسئلة عن إيران، ولكن حتى ولو كان السؤال عما أسماه السائل ثلاثيا يهدد أمن الخليج، فلم يجري عمدا إسقاط التهديد الإسرائيلي؟ لماذا هذا التهويل بشأن إيران؟ وأنت حين تذكر أحداثا تعتبرها من صنع «الصغار» لا تنسى أن احتلال الكويت لم يكن إيرانيا، في الوقت الذي كان الشحن الإعلامي لسنوات باتجاه الخطر الفارسي على دول الخليج، وأرى الصورة اليوم شبيهة بالأمس، فها هي التصريحات والأحاديث عن خطر إيران مع تناسي أو التقليل من شأن خطر إسرائيل، أما أمريكا فسيادتك تدرك بأنها تريد تمويل نشاطها أو حربها ضد إيران بمال عربي وشحن عربي طائفي وعرقي كي تجني هي وإسرائيل الربح الوفير على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي ويخرج الإيرانيون ومعهم جيرانهم وإخوتهم العرب خاسرين ضعفاء...صدقا لم أحب أن تغفل عن هذه الحقيقة!
أما الإخوان الذين كررت هجمتك أو انتقادك لهم؛ فقد جاءوا إلى دول الخليج فرارا من بطش سلطات بلادهم، خاصة بطش عبد الناصر، وبحثا عن الرزق المفتوحة سبله الكثيرة في منطقتكم، وقد عملوا وفق حكمة «كن أديبا يا غريب» وأنت كرجل أمن تدرك أن ملفهم الجنائي أو عبثهم بأمن وسلامة دول منطقتكم نظيف تماما، وقد كان منهم شخصيات مثل الكاتب محمد أحمد الراشد من العراق المقيم في دولتكم، والذي انكب على تأليف كتب تتناول الشأن الدعوي، وهي كتب لم تخلو من نقد للحركة التي ينتمي إليها ويلتزم بنهجها، وكان نشاط الإخوان في دولكم دعويا وتـثـقيفيا وتربويا وإغاثيا للمناطق الإسلامية الفقيرة والمنكوبة...أما ما سقته من مثال عن تجربة تعيينهم لعناصرهم أو مقربين منهم، فأنا سأفترض جدلا صحته، ولكن هذا كان وقت الملاحقة والمطاردة والتضييق عليهم في العديد أو الكثير من الدول، وهو تصرف-مع رفضي له- طبيعي لأي شخص أو جماعة مضطهدة، وأظنك تدرك حقيقة طبائع السلوك البشري في أوقات الخطر، ولكن الإخوان اليوم نضجوا كثيرا، وهم الآن في مرحلة انتخاب الشعوب لهم، أما ما تحدثت عنه فهي مرحلة تعيين أو ترشيح من الحكومات لبعضهم، ألا ترى أنهم يشركون الأقباط والمستقلين ومن لا ينتمي لفكرهم في قوائمهم الانتخابية؟ أما قولك بأنهم يتوثبون لاستلام الحكم والهيمنة فأكرر بألا عيب في ذلك ما دام الأمر في الإطار القانوني والديموقراطي، وألفت نظر سيادتك أن إخوان مصر أعلنوا عن عدم طرح مرشح للرئاسة منهم، وفي تونس اختير رئيس جمهورية تارة يوصف بالليبرالي وتارة أخرى بالقومي أو الاشتراكي، المهم أنه ليس من النهضة التي تسلمت الحكومة، فالإخوان يدركون بأن المرحلة والزمان الذي نحياه لا يمكّن أي قوة مهما كان امتدادها ومهما بلغت شعبيتها وقوة تأثيرها من التفرد بالحكم والإدارة، فلماذا اخترت سيادتك الحكم عليهم بمنظور الماضي وظروفه بدل حقيقة الواقع ومعطياته...أما حديثك عن الغنوشي والمشروبات والفنادق؛ فسيادتك تدرك بأنه سواء قبل الثورات أو بعدها وما تلاها من انتخابات صدّعوا رؤوسنا بتوجيه أسئلة للإسلاميين تتعلق بطريقة تعاملهم مع هذه الأمور، وهذا يدل على سطحية إعلاميين وليبراليين أو غيرهم ممن جعلوا قضية المجتمعات ومشكلة المشكلات هي المشروبات والفن وما إلى ذلك؛ ولكن مشكلة تونس كانت استيلاء بن علي وزوجته وعائلتها على ممتلكات الناس وسيطرتهم المطلقة على مقدرات الدولة، والحالة الأمنية الفاشية التي سادت في عهدهم الأسود، والآن يمكن القول بأن الفساد تحت المجهر، وفتحت كل الملفات تقريبا، أما خوف الناس من البوليس السرّي وبقية فروع الأمن فقد ولّى، فهذه هي أهم الملفات، أما المشروبات وغيرها، فإن التعامل معها من أسفل إلى أعلى، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- لم يرسل فرقا من الصحابة لتفتيش البيوت والمتاجر بحثا عن الخمر في المدينة، وهو لم يطلب من أهلها سكبها في الشوارع، ولكن البناء التربوي هو الأساس، وقيل أنه قبل تولي عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه- الخلافة كان البعض يجهل حكم الشرع في الخمر، فهذه أمور تحتاج إلى جهد تروبي متكامل حتى تنحسر وتختفي، على كل حال هل أفهم أنك تطالب بتطبيق الشريعة؟إذا كان الأمر كذلك فأنا أضم صوتي إلى صوتك، وكان بمقدورك وما زال أن توجه دعوة للغنوشي ولغيره بان طبقوا شرع الله وعندها لكل حادث حديث!
((أنا أريد أن أصل ذلك في موضوع الملف المصري وأنهم الآن هيمنوا على مجلس الشعب، فكيف ترى المستقبل المصري في ظل قلق مجموعة من الناس وآخرين يرون التشرذم يحصل؟
سبق أن قلت في رمضان في لقاء صحافي أعده نادي الصحافة في دبي.. أن لدي توقع 10 في المئة وأحيانا هذه النسبة البسيطة قد تكون صحيحة بأنه قد تكون هناك أياد خفية كانت تلعب بالأحداث في مصر، والآن المنظمات الأجنبية الأمريكية وغيرها التي في مصر وتسمى منظمات مدنية التي قدمت للمحاكم والقضاء لممارستها أعمالا غير مشروعة أؤكد لك بأنها منظمات ليست مدنية وإنما منظمات استخباراتية جاسوسية عسكرية في مصر، وهي التي أحدثت كل ذلك في مصر.. وإلا لماذا تقدم الآن إلى القضاء لان وجد عليها أدلة تدينها وتصلح بتقديمها إلى العدالة وكيف وجد النائب العام في أوراقها خرقاً حين قرأها. وادعائهم بأنهم منظمات مدنية يسمى في الجاسوسية «under cover» أي الغطاء الذي يستخدمونه بأنهم منظمات حقوقية ولكنهم في الواقع منظمات أمنية استخباراتية غربية، فإذا كانت تلك المكاتب الاستخباراتية التي يسمونها مدنية ونحن نقول بأنها عسكرية.. قد أتت بالإخوان فإذا هذه العباءة التي كانت تغطي أكتاف الإخوان ويتغطون بنشاط غربي وهذا تقديري لأمر واضح، والعرب يقولون بأن «الأثر يدل على المسير«))
سيادة الفريق:إن المنظمات المذكورة لم تأت بالإخوان، والناشطون فيها معروف عنهم نقدهم وسخريتهم من الإخوان ويطلقون عليهم أوصافا قبيحة، وأحيلك إلى ما صرح به المتحدث الرسمي للإخوان المسلمين في مصر د.محمود غزلان عن تلك المنظمات وهجومه على حكومة الجنزوري والمجلس العسكري بعد السماح للمتهمين الأجانب بالسفر، وكشفه عن دور هؤلاء في العبث بأمن مصر والسعي لتقسيمها، ويبدو أن التهديدات من الحكومة كانت ذرا للرماد في العيون، وما يجري هو لفلفة القضية كما كان سائدا أيام مبارك، مع محاولة أمريكية خبيثة لزج الإخوان في عملية اللفلفة لضرب عصفورين بحجر واحد(إنقاذ المتهمين وتشويه الإخوان)، ولكن لا بد من الإشارة أن هذه القضية ربما استخدمت كسيف مسلط على رقاب مؤسسات المجتمع المدني برمتها خاصة العاملة في مجال حقوق الإنسان مثلما نشر في المصري اليوم، وأنا أميل لوجهة النظر القائلة بأن إثارة هذه القضية كان يهدف إلى التغطية على الملفات السوداء المتعلقة بالدعم الأمريكي والإسرائيلي لمبارك طوال فترة حكمه، وإلهاء الجمهور بالشجرة بدلا من الغابة!
((هل تتفق معي فيما فهمته أنا من حديثك بأن تداعيات الربيع العربي ستكون سياسية وتقطيعية لأوصال كل دولة عربية؟
أنا أقول انه لن يكون ربيعاً عربياً إطلاقا، أولا.. نتساءل ما الذي سيحدث.. ولنكن واقعيين.. فدول الخليج لن تكون على وفاق مع توجهات الإخوان المسلمين كحكومات.. والإخوان الذين هم الطرف الآخر «حسب خبرتي الطويلة وكذلك من خلال كلامهم» لا يرغبون في حكم خليجي على هذه الشاكلة.. وهم يرددون ذلك.وتابع الفريق خلفان باستغراب: «إذا كان هذا ما تقوله أفواههم.. فإن ما تخفيه صدورهم أعظم».. هذا الكلام يدعهم «يزعلون علي» ولكن هذا الواقع.. واحدهم يشبه حكومات الخليج أنهم فاسدة وأجهزتها فاسدة ونظامها فاسد.. وهؤلاء كلما أصلحت لهم حال قالوا انك لست على صواب.. ولا تستطيع أن تصل معهم إلا على المطلب الذي هم يريدون.. وإذا كان هذا هو «منوالهم» واستراتيجيتهم.. فأعلم أنهم يهادنون ولكن أول ما تسنح لهم الفرصة للقفز على الأكتاف فإنهم يقفزون.))
سيادة الفريق:هنا أيضا أنت حكمت على النوايا التي لا يعلمها إلا الله، ولكن أسألك عن الذين يتهمون الإخوان بأنهم أداة بيد دول الخليج وأنهم تلقوا منها ملايين الدولارات، ومن هؤلاء نجيب ساويروس على سبيل المثال لا الحصر، وحضرتك الآن تتهمهم بأنهم يكنون العداء ويضمرون سوء النوايا لدول الخليج، فأي الرأيين هو الصواب؟ إن الأمر محيّر حقا، فالإخوان الآن متهمون بمعاداة دول الخليج والسعي لضرب أنظمة حكمها، وفي نفس الوقت هناك من يتهمهم بتلقي دعم خليجي سخي للسيطرة أو لتخريب دول عربية أخرى، فكيف نوفق بين الأمرين؟ وللتناقض؛ فأنا أرى الاتهامين غير صحيحين وتنقصهما الدقة، ولا يعلم المستقبل -سيادة الفريق- سوى الله، وحضرتك هنا حكمت سلفا على طبيعة العلاقة وهذا ما لا أحبه لرجل متمرّس مثلك، وكن أتمنى لو أبقيت الباب مواربا، والقصة ليست «زعل» أو خلافه بل وقائع ومصالح وبيّنات قبل كل شيء!
(4) وليس آخرا
أخيرا سيادة الفريق: أنت تعلم أن كتبة من الخليج-ودول عربية أخرى- تنشر وزارة الخارجية الإسرائيلية(يعني ليبرمان العنصري) مقالاتهم وتشيد بهم، لأنهم اختاروا التغريد في سرب أعداء أمتهم، وتنكروا لثقافتهم، وخانوا اللغة التي يخطون بها كلماتهم، وكنت أحبذ لو تحدثت عنهم لأنك صاحب رأي مسموع في الخليج...كما أنني أربأ بسيادتك أن تخوض فيما لا يجمع أو يوفق، وأنا متأكد أنك لم تقصد أن يجري توظيف تصريحاتك في مماحكات ومناكفات بين طرف وآخر، ولكن هذا ما جرى مع الأسف، حيث تعاملت بعض وسائل الإعلام مع تصريحاتك على أنها ذخيرة جديدة وسهاما في جعبتها في حرب أراك لست طرفا فيها، فأنت ابن العرب الأصيل، والدماء التي تجري في عروقك تأبى أن تكون كذلك، ولكن هناك من يترصد ويصطاد ويسعّر النيران، فلتكن ممن يطفئها سيدي الفريق...والتهديد الأكبر على الأمة والحقيقي والأوجب أن يواجه، من محيطها إلى خليجها هو الكيان العبري ومن يدعمه، وليس إيران أو الإخوان؛ فإيران هي ما وصفتها سيادتك في حوارك مع الرأي والشروق، والإخوان لم يأتوا من المريخ والشعب انتخبهم، أما أمريكا فهي الحاضنة لإسرائيل سواء قبع في البيت الأبيض أوباما أو بوش أو «ضرّاب الطبل» ويا حبذا لو تركّز حملتك عليهم، وأحب وأتمنى أن تبقى في نظري ونظر الكثير من أمثالي على الصورة التي قدمك لنا بها عمرو خالد، وأن تكون القدوة الذي يبشّر ولا ينفر، ويوحّد ويجمع ولا يفرق أو يشتت، كما أن الوضع يفترض التعالي عن اعتبار الخليج كتلة معزولة عن جسمها العربي والإسلامي، فما نسمعه دائما هو عن أمن الخليج وعملة الخليج واقتصاد الخليج...إلخ هذا جيد ولكن يجب ألا ننسى الانتماء الأكبر والأمتن، وانظر إلى اليونان كيف سعى الأوروبيون لمساعدتها للحفاظ على اتحادهم وعملته، فالخليج جزء عزيز وغال، إلا أنه جزء من أمة أكبر...هدانا الله وإياك إلى سواء السبيل...والسلام.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
السبت 10 ربيع الآخر-1433هـ ، 3/3/2012م
من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء