نحن بحاجة الى مسؤول مطبات- د. سامي باشا

19.02.2012 09:10 PM
بالرغم من كثرة الصعوبات التي تواجه كل مواطن فلسطيني إلا أننا نقول دائما إننا بخير والحمد لله ونطلب الصحة والعافية ولا نقف عند ذلك بل نقول دائما أن الخير موجود وإن شاء الله ستبقى. وتكثر الأقاويل حول العوائق التي تقف أمام تقدم هذا البلد وما يؤدي إلى تدهور الوضع النفسي للمواطنين. وأشعر أنا ضمن واجباتي كمواطن فلسطيني مختص بالجوانب النفسية أن أدلو بدلوي لعل الله يهدي من يشاء في عمل الخير وتقليل العقبات التي تحيل دون أن يشعر الفلسطيني بكرامته.
أريد أن أشارك وأطرح مع كل مواطن ومسؤول في هذا البلد موضوع "مطبات الشوارع" الذي أصبحت من أهم الظواهر السيئة في هذا البلد. فقد أصبحت البلديات تتفنن في شكل المطب وطوله وعرضه وقدرته على تخريب أسفل السيارات ومدى الإبداع في مفاجئة السائق بجعله مثل لون الإسفلت بحيث لا يمكن للسائق رؤيته. بل راح البعض بالتفاخر بكثرة المطبات الموجودة في منطقته وأصبحت المنافسة كبيرة الدرجة مما يجعلنا ندعو إلى مهرجان سنوي للمطبات.
قد يصيب البعض بالقول أن لهذه المطبات فوائد لكن مضارها أكثر بكثير ويمكن أن نعددها بشكل عفوي وبعيد عن التحليلات العلمية والأدبية: فتشكل المطبات عائق إجرائي لما تسببه من تأخير بسبب اضطرار توقف السيارة أكثر من 75 مرة بالسفر من مدينة جنين الى بيت لحم، أي أنها تأخر وتسبب خسارة في الاقتصاد القومي الفلسطيني بسبب التأخير في المواصلات. فبدلا من أن يصل المواطن من جنين الى بيت لحم بمدة لا تتجاوز الساعتان يضطر إلى التوقف على حواجز المطبات لساعة إضافية على أقل تعديل.
لقد قمت بسؤال أحد رؤساء البلديات الفلسطينية عن الموضوع وكانت إجابته لي: لقد انتظرنا طويلا أن نحصل على تمويل وقد وعدنا المواطنين بالمطبات وأخيرا وصل التمويل وبالتالي سنحقق ما وعدنا به. استغربت وكأن المطبات أصبحت معضلة وطنية وحاجة مجتمعية بحيث أصبحت من أهم مطالب المواطن الفلسطيني كالرز والطحين، أو يمكن أن تكون أحد الدعايات الانتخابية القادمة! انتخبني وسأحقق لك مطب أمام بيتك. فهل هذا ما أصبح عليه الحال في بلدنا؟
أما المشكلة الثانية التي تسببها هذه المطبات فهي نفسية بحيث أصبحت أداة قهر للسائق المستعجل بالوصول وأداة إهانة للمواطن العادي الذي لا يسرع بل يستخدم الشارع من أجل الوصول بسلامة ويقوم على احترام القوانين والمواطنين بكل هدوء. وفي كل مرة أقود السيارة أشعر بتعب نفسي مريع وأفرح عندما أصل إلى الشوارع الفلسطينية التي لا يحق لنا فيها بناء هذه المطبات. أصبحت أحلم بالمطبات وأصبحت أحرم نفسي بالذهاب لزيارة الأهل كي لا أتعرض إلى هذه الإهانة والنكد والصعوبة وتصيبني الكوابيس ليلة سفري من مدينة إلى مدينة وأشعر بالحزن لما نحن عليه وكأن هدف هذه المطبات يقتصر على حرماني كمواطن من التواصل مع أحبائنا في المدن الفلسطينية المختلفة. بل أنني أصبحت ألغي الكثير من مواعيدي بسبب تجنبي استخدام الشوارع الفلسطينية المليئة بالمطبات المميتة.
هناك مشكلة أخرى وهي الخراب المستمر للسيارات والعبء المالي المترتب على ذلك والكثير الكثير من الأضرار المادية والنفسية وبالتالي الجسدية والعقلية التي تسببها هذه المطبات التي أصبحت مشكلة لا يمكن السكوت عليها. فمن المسؤول عن هذه المطبات وهل تدخل ضمن خطة إستراتيجية وطنية للبنية التحتية لدولة فلسطين المستقبلية، وهل ما حدث من اعادة تعبيد في طريق وادي النار مؤشر لوجود مشكلة في التخطيط؟ و ما قد تسببه تلك المطبات الغريبة الأطوار من مشاكل، وعلى من تقع مسؤولية هذه المشكلة؟ هل هو واجب الأشغال العامة، أم مسؤولية البلديات. خاطبني احد أصدقائي مازحا بقوله أنه من الواجب انتخاب مسؤول مطبات تصبح مهنة ووظيفة رسمية يتابع فيها أحوال وصحة المطبات وخصوصا التي بدأت بتغيير أشكالاها مع حالة الطقس السيئة وتساقط الأمطار.
ومن هنا فإنني أتوجه إلى كل مسؤول وكل عاقل في هذه البلد للتضامن من أجل إسقاط هذه المطبات المسيئة لي أولا وللكثير من المواطنين ومسحها عن الخارطة والتي تعكس الوضع المزري لإدارة الشوارع الفلسطينية.
الدكتور سامي باشا
مساعد الرئيس لشؤون الجودة والنوعية والبحث العلمي
جامعة فلسطين الأهلية – بيت لحم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير