وحدة المنظمة قبل اتفاق حول السلطة/ بقلم: جمال زحالقة
17.02.2012 10:27 AM

لا يمكن اعتبار اختيار محمود عباس، رئيساً للوزراء، الحل الأمثل، فهو يحمل ألقاباً وأعباء ثقيلة، وهناك جدل ليس سهلاً حول دستورية وقانونية مثل هذه الخطوة ناهيك عن جدارتها ونجاعتها. مع كل ذلك، كان هذا هو المخرج، وربما المخرج الوحيد، الممكن التوافق عليه بين السيدين عباس ومشعل، بعد فشل كل المحاولات للاتفاق على رئيس وزراء، تبعاَ لاتفاق المصالحة الذي وقع منذ أشهر طويلة.
من الواضح أن هذه الخطوة هي نتاج للمتغيرات السريعة على الساحة العربية والإقليمية، وجاءت بعد فشل لقاءات عمان التي سميت استكشافية، والتي اكتشفت فيها القيادة الفلسطينية مرة أخرى عقم الحديث مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة. فحماس غيرت موقفها ووافقت على ابي مازن رئيسا للوزراء ووقعت الاتفاق مطمئنة انه لا مفاوضات عبثية في الأفق، وإلى أن المحيط العربي وبالأخص المصري لن يستغل مسألة الانقسام والمصالحة لضرب حماس وإرضاء أمريكا. ولعل خالد مشعل يستعجل لإتمام المصالحة قبل نهاية ولايته في رئاسة المكتب السياسي لحماس في أيار المقبل.
لقد تم الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات مهنية مستقلة تكون مهمتها „تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء بإعمار غزة”. إذا كانت تلك هي المهمة المركزية للحكومة، فالاتفاق هو التفاف على القضايا المركزية وليس وصفة لمعالجتها بجدية. وفي كل الأحوال لا يمكن الوصول إلى انتخابات نزيهة إلا بعد حصول حد أدنى من المصالحة وبعد توحيد الأجهزة الأمنية، التي عليها ضمان سلامة الحملات والإجراءات الانتخابية. يبدو ملف المصالحة طويلاً، ويبدو أن الحل سيستغرق وقتاً ليس بقصير، ومن المؤكد انه سيطول أكثر إذا لم تجر مواجهة القضايا المركزية وإذا تم الالتفاف حولها.
إن المصالحة التي يريدها الشعب الفلسطيني، ليست الانتقال من انقسام سياسي إلى تقاسم سياسي للوظائف، بل بناء وحدة وطنية على أساس برنامج سياسي وطني وعلى أساس تفعيل كافة أجزاء الشعب الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال ومن اجل الاستقلال والعودة. هذا يعني إعطاء أولوية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بما يضمن مشاركة منصفة وفعلية لكافة فئات الشعب الفلسطيني وكافة قواه الوطنية، وبالأخص تلك التي لم تنضم للمنظمة حتى الآن.
من الواضح أن الاتفاق بين فتح وحماس يصطدم وسوف يصطدم أكثر بمحاولات إسرائيلية حثيثة لإفشاله، وبمساعي أمريكية وأوروبية لفرض شروط مجحفة عليه. من هنا لا يجوز ان تقوم حكومة دون مرجعية سياسية واضحة، لأن ذلك يعني أن برنامجها هو برنامج رئيسها، مما قد يعني القبول بشروط الرباعية، المرفوضة شعبياً وسياسياً.
المطلوب هو رمي الكرة في الملعب الدولي والإسرائيلي، ومطالبة المجتمع الدولي بإجبار إسرائيل على الإيفاء بتعهدها والالتزام بالاتفاقيات التي وقعت عليها والتي تنص على انه وقبل الدخول في مفاوضات الوضع النهائي على إسرائيل ان تنسحب من حوالي 90% من الضفة الغربية، وتوفير معبر آمن من الضفة إلى غزة وفتح معابر جوية وبحرية في غزة وليس فرض الحصار عليها. التعهدات الإسرائيلية كثيرة ولو وافق عليها نتنياهو فسوف تسقط حكومته في اليوم التالي. يمكن الاتفاق فلسطينياً على أن الحكومة الفلسطينية ترفض التعامل مع مطالب الرباعية، إلا بعد ان تلتزم اسرائيل رسمياً بتعهداتها الموقعة، وهذا كفيل بقلب المعادلة، خاصة بعد فشل سياسة تليين المواقف لإحراج إسرائيل.
لا يمكن مواجهة العقبات الإسرائيلية والدولية، التي تعترض طريق الوحدة والمصالحة، إلا من على أساس توافق سياسي وطني، ولا يكفي الاتفاق على حكومة تكنوقراط. العناصر المهنية ليست بديلا عن البرنامج الوطني والقيادة الوطنية الموحدة، والوحدة يجب ان تشمل الشعب الفلسطيني في الشتات أيضا من خلال منظمة التحرير، فلها الأولوية والاتفاق حولها يسهل الاتفاق على بقية الأم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء