حزب التحرير والخليفة الداعشي

03.09.2014 12:31 PM

كتب: حمدي فراج

تعددت الحركات والجبهات والاحزاب الاسلاموية السياسية  في الردح الاخير من الزمن الذي نعيش ، واصبح من الصعوبة بمكان على المسلم العادي الذي بالكاد يجد متسعا من الوقت كي ينتظم في الذهاب الى عمله كي يوفر قوت عياله وان يقوم بواجباته تجاه ربه ان يمحص أكثر في تزاحم ميلاد هذه الحركات وتفحص جميع شعاراتها واعمالها لمعرفة غثها من سمينها ، فهو بالكاد ، من مشرق الوطن الى مغربه ، يتقبل الانقسام الديني ما بين السنة والشيعة ، ويراه من وجهة نظره البسيطة ، لكنها الثاقبة ،  انقساما قديما ما بين رموز صالحين ، لكنهم قضوا منذ زمن بعيد ، وليس هناك ما يستدعي استحضارهم واستحضار خلافاتهم كلما دق الكوز في الجرة ، ويدرك آخرون اكثر تنورا ، ان هذا الاستحضار لذلك الصراع البائد ، انما هو من فعل اعداء الامة التي يريدون لها ان تبقى طريحة الكهف لا تقوى على القيام ، وحين يستشعرون بعض من محاولة  لنهوضها ، يجيرونها الى نهوض فئوي في الدائرة الدينية ذاتها والدين ذاته والطائفة ذاتها  . لكن هذا على ما يبدو لم يعد يكفي ، فكما قال حسنين هيكل في شأن الوطن العربي جغرفيا من ان الاستعمار اراد  تقسيم المقسم أكثر مما هو مقسم ، كما مع معظم اقطاره ، فإنه اليوم يسعى الى التقسيم الديني الفئوي ، بين السنة والسنة ، فنرى بعد "القاعدة"عشرات الفرق والحركات والاحزاب ، كلها تقول الله اكبر ، لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، حتى عندما يمسكون السكين لجز رقبة  صحفي او مسيحي  او مسلم لا يحفظ عدد ركعات صلاة الفجر.

  حزب التحرير على سبيل المثال ، صدّر مؤخرا بيانا ، يرفض الخلافة الاسلامية التي اعلنها الامير البغدادي في دولة العراق والشام ، وقال انها "خلافة مزعومة على غير وجه حق" ، و دعا العشائر الى عدم دعم اي من هذه الاطراف الاسلامية المتقاتلة ، بل الى ما هو ابعد من ذلك "خذوهم بيد من حديد واجمعوهم على الهدى لتكون وجهتهم وجه اسلامية واحدة وخلافة راشدة" .

   ان الذي اكتشفه  حزب التحرير ، على سبيل المثال ، اكتشفته الغالبية العظمى من الناس ، بسبب من وسائل الاعلام المنتشرة على مدار ساعات النهار والليل والصيف والشتاء ، وطبعا ليس هناك اي فضل للعربي في هذه الصناعة المتطورة ، ولا لأي صناعة اخرى ، بما في ذلك  رصاص اسلحتهم واحذية اقدامهم  وسماعات منابرهم ، ودشاديش اقفيتهم  . لكن كيف يمكن لحزب التحرير ان يقنعنا انه على صح والبقية الباقية على خطأ ، أليس هذا هو الذي يقوله داعش عن النصرة والنصرة عن الاخوان والاخوان عن التحرير  والتحرير عن القاعدة والقاعدة عن الجميع .

   قبل حوالي خمسن سنة قال مظفر النواب في قصيدته الخالدة القدس عروس عروبتكم : ماذا يدعى أخذ الجزية في القرن العشرين ، كان يجب ان يضيف : والواحد والعشرين .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير