ملحمة البنيان المرصوص ومهزلة البنيان المهزوز - بقلم:آلاء فريد ملحم

01.09.2014 10:38 PM

- المقاومة في غزة هزمت، فشارة النصر تستحي أن تخرج من وراء البيوت المهدمة ، وتغطيها أكوام الشهداء الذين لو كومتهم في نقطة واحدة لاجتازوا ناطحة سحاب، عليك أن تهدأ ولا تبالغ في حساباتك الوهمية ، فغزة تتنفس تحت مستنقع من الدماء، تريد أن تحدثني الآن عن النصر ، قل ما عندك من هراء ؟!

- الهراء أن تجاري الإعلام العبري في حربه النفسية في طرحك
لا تقل لي بأن غزّة دُمرت ، أعلم بأن الطلب قد لا يبدوا لكَ منطقياً بل وساذجاً ، حين تسير في خزاعة أو حيّ الشجاعية أو أي حيّ أو شارعٍ أو زقاقٍ أو أي مسجدٍ أو مستشفً أو بيتٍ استهدفَ هُناك .

لكنني أعلمُ بأن غزّة تَبني ولا تُهدم ، ستظنّ بأني أُكابر لكن صدقني

غزّة عمّرت قلوب شباب استيقظوا وركام السلام مهدودٌ فوق رؤوسهم – أوسلو وروادها والمعتكفين في أروقة المفاوضات كـ فرض – والتي جعلت المُحتل مُحتاراً في أيّ جهة يتوسع ، وأي الآثار يهوّد ، وأي حقوق الفلسطينيين ينتهك !

غزّة عمّرت الملاجئ ، وألقت الرعب في أفئدة الجُبناء ، وصفعت الجيش الذي لا يقهر من مسافة صفر على جبهته .

غزّة أيقظت الشعوب الحرّة ، وغطّت عورة الأمة ، ولاطم كفها المخرز .

غزّة كشفت بأنه ليس للفلسطيني إلا الفلسطيني أو ابن عمه اللاتيني لا أقرب ، والعرب الذين قضوا في كهفهم ستين عامٍ وازدادوا ستاً استيقظوا

حين استصرخ ابن العمِ ... وآمعتصماه !

أتعلم..

هَدّ العرب البُنيان بيننا منذ زمن وجاؤوا بجدارٍ آخر وثبتونا بوتدٍ لنعلقَ بين مطرقة الاحتلال وسندان ذلهم .. هذا ليس بشيءٍ جديد .. ولا نقاش فيه لكن اعلم بأن المُعجزات تحدث حين نؤمن ، فالقنابل التي كانت تتهاوى فوق رؤوس المدنيين في العدوان الأخير على غزّة كانت تَبني من أحجار البيوت المُهدمة ودماء الأطفال النازفة وآهات الجرحى بُندقية المقاوم ؟!
لن تُصدقني وستسميهِ دجلاً، إذاً اسمع ... ظنّت قرود الاحتلال بأنها حين تُمارس الإباحية على شرف الإنسانية تحت مُبررات يختلقها العبدُ الأمريكي كالعادة ويلعقها أعوانهِ ستجدي وستجعل الشعب يهبُ ضد ما تبقى من رجال الوطن.

مُتناسيين بأن الذي سُميّ إرهابياً هو مدنيٌ لهُ حقُ المقاومة ولا فرق بينهما فـ كلاهما جريح الحصار جَسّدا معاً تمثال ملحمة ستحتل هاجسَ التاريخ العتيق ، و ستطارد كُل متخاذلٍ كشبح .. أرى ذاك التمثال أمامي كجسدين مُتكئين على بعضهما استقاما بجراحهما في جبهة المعركة ، لم ينحنِ أحدهما ليلتقط أنفاسه ، ولم يملِ الآخر مُترنحاً من شدّة الإنهاك ، ولم يستغل أيُهما ضعف الآخر وحاجته لسندٍ مفقود ، رغم تطاير الأرواح ، وشحِ السلاح ، وفوز العدو بالقرعة بعد ربيع العرب الملعون بالقحط.

فقد انتصب ظهر المرابط ليتكئ عليه المقاوم ليشتد ساعده ويلتحمان كالبنيان المرصوص حتى انتهى كُل شيء لتتقابل صدورهما المُثقلة بالوجع للعناق .

عناق النصر .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير