تعذيب جسدي ونفسي لمختطفي العدوان على غزة

16.08.2014 04:57 PM

رام الله - وطنالرواية التي يسردها محرر فلسطيني أطلق الاحتلال الإسرائيلي سراحه أول أمس بعد اعتقاله من داخل قطاع غزة قبل 26 يوما تجسد جزءا من حالات التعذيب الجسدي والضغط النفسي الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال عموما، ومعتقلو العدوان الإسرائيلي الأخير ضد القطاع خصوصا.

وبينما يؤكد المحرر أحمد أبو لحية (31 عاما) تعدد أساليب التعذيب الجسدي التي تعرض لها مثل الضرب بالأيدي والأرجل وتوجيه اللكمات والشتائم النابية، والحرمان من الأكل والشرب والنوم لعدة أيام، يشير إلى أن وسائل الضغط النفسي امتدت إلى تهديده بقتله ثم الادعاء بأنه قتل في القصف، أو التهديد بقتل عائلته أو قصف منزله، والأخطر استخدامه في ما يشبه الدرع البشري.

وبدأت حكاية اعتقال الشاب الفلسطيني في 18 يوليو/تموز الماضي عندما كان يعمل في مزرعة الدجاج الخاصة به مع صديقه إبراهيم أبو لحية بمنطقة القرارة شمال خان يونس عندما فوجئا بعشرات من جنود الاحتلال يشهرون عليهما السلاح من بعيد ويطالبونهما بالتوقف وخلع ملابسهما.

ويقول أبو لحية للجزيرة نت إن جنود الاحتلال قيدوا أياديهما وأرجلهما بالسلاسل ووضعوا غطاء على أعينهما، ثم نقلوهما عبر دبابة تناوب فيها خمسة جنود على ضربهما حتى وصلا إلى دبابة أخرى متعطلة داخل حدود قطاع غزة ووضعوهما قبالتها.

درع بشري
ويضيف أنه شعر عندها باستخدامه مع صديقه كدرع بشري، وزاد من حالة يقينه حديث الجنود معه "لما حماس بتطلق النار علينا أنت بتموت أول واحد"، ليمر بساعات من الرعب وهو يستشعر أنه قاب قوسين أو أدنى من الموت.
بيد أن ساعات الخوف الشديد مرت بسلام، ليتجرأ عندها على طلب الماء والطعام من جنود الاحتلال ليفطر، حيث كان صائما، لكنهم رفضوا ذلك، وظل يكرر الطلب حتى وصل في مساء اليوم الثاني إلى معسكر لجيش الاحتلال على تخوم القطاع.

ويشير المحرر إلى أن مرحلة جديدة من التحقيق بدأت معه من قبل ضباط مخابرات إسرائيليين تناوبوا على التحقيق معه لساعات طويلة، وصلت في بعض المراحل إلى ثلاثة أيام متواصلة، يحرم خلالها من النوم ويمنح قليلا من الطعام، إضافة إلى وضعه في زنزانة بطول وعرض متر واحد تقريبا تسمى الثلاجة.

وبدا الشاب الفلسطيني متأثرا بصورة كبيرة وهو يروي جزءا من فصول المعاناة التي تجرع مرارتها خلال أيام اعتقاله رغم وجوده الآن بين عائلته وأصدقائه الذين جاؤوا لتهنئته بالسلامة.

لكن لحظات الموت وساعات التعذيب والتجويع لن تُمحى من ذاكرته -كما يقول- فقد استشعر قرب المنية أكثر من مرة، وتألم حتى افتقد الشعور بالألم وهو يجلس على كرسي صغير مقيد اليدين إلى الخلف، ومقيد القدمين بالمقعد، وبصعوبة يستطيع الإيماء برأسه أو تحريك جسده.

ويوضح المحرر أنه سمع أصوات عشرات الأسرى في سجن "أولكيدار" الذي نقل إليه، بينما عرض نحو عشر مرات على محاكم عسكرية إسرائيلية لتمديد فترة اعتقاله.
ويبين أنه لم يسترجع مبلغ 8300 شيكل (الدولار يساوي 3.36 شيكلات) كان جيش الاحتلال قد صادرها لحظة اعتقاله.

ملف غامض
ويواجه ملف أسرى العدوان الإسرائيلي على غزة غموضا كبيرا في أعداد وطبيعة المعتقلين، ويقتصر الأمر على ما يبلغه الجانب الإسرائيلي لوزارة الأسرى الفلسطينية بحسب مدير دائرة الإحصاء بالوزارة عبد الناصر فروانة الذي يتحدث عن اعتقال 32 فلسطينيا قبل إطلاق سراح ستة منهم.

وبينما يقول للجزيرة نت إن الاحتلال لم يؤكد أو ينفِ وجود معتقلين غير العدد المعلن، يحذر من إمكانية وجود معتقلين مصابين في المستشفيات الإسرائيلية أو آخرين تم قتلهم بعد اعتقالهم، علاوة على إمكانية احتجاز جثامين أسرى استشهدوا لدى الاحتلال.

ويشدد المسؤول الفلسطيني على أن ما تعرض له المحرر أبو لحية يتكرر مع كافة الأسرى الفلسطينيين، لكن حالات التعذيب الجسدي والنفسي التي تتعلق بالاعتقال في الميدان تقتصر على أسرى حرب غزة، وفق تقديره.

نقلا عن "الجزيرة"

تصميم وتطوير